قصة أماني: تمكين أصحاب المشاريع الصغيرة
عند تقاطع الطرق من هُنا كانت البداية.. مرت “أماني” بلحظات فارقة في حياتها وكان لابد من أن تتخذ القرار، التي سوف تشكل مفصلاً مهما في تاريخ حياتها.. كان عليها أن تتخذ قرارًا نحو استمرار التعلم وذلك بعد أن تخرجت من الجامعة وحصلت على درجة البكالوريوس وفي نفس الوقت هي متزوجة، ولديها أطفال وأسرة.. وهذه مسؤوليات لا يمكن التغافل عنها..
كلما كنت أصغر سنًا خبرتك في الحياة تكون أقل.. خاصةً في مجتمع يفتقر للتجارب العملية في الحياة لكلا الجنسين.. لذلك يصعب عليها اتخاذ القرار وبحسب الوعي الجمعي آنذاك كان التفكير في استكمال الدراسة والحصول على درجة الماجستير أمر غير محبذ.. والأغلبية تردد على مسامعها “بيتك وأبنائك أولى” في حين أن هنالك صوت آخر يقول لها بأن أول من سيفتخر بك وينتفع من علمك هم ابنائك.. لذلك كان قرارها هو أن تتبع سياسة “منتصف العصا” فأمسكت بالعصا من المنتصف ما بين دراستها وأسرتها.
ولدت د. أماني عدنان عقيل بمكة المكرمة في المملكة العربية السعودية ونشأت وعيناها ترى الجبال الشامخة التي استمدت منها القوة والصلابة والصبر.. ومن ثم انتقلت إلى جدة بحكم عمل زوجها، واستكملت دراستها العليا في الاقتصاد المنزلي متخصصة في الملابس والنسيج بجامعة الملك عبدالعزيز.
تعشق القراءة والغوص وهي مدربة على غوص سكوبا، وتهوى المغامرات والتجارب الجديدة في الحياة.
كيف تعيش 1000 عام؟
تذكر بأنها كانت تقرأ كتابًا يحث على هذه الفكرة ولقد استوقفتها العبارة وأصبحت تفكر في كيفية تحقيق ذلك.. رغبةً في البقاء بعد الموت والنماذج التي عاشت 1000 عام وبقيت بيننا كثيره من علماء وادباء ومفكرين ومخترعين وكل من ساهم بإضافة حقيقية.. أثناء ذلك استحضرت “عقيل” النص النبوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”. ومن هذا الحديث استخرجت وصفة أسمتها “إلا من ثلاث” وهي التالي: البحث عن المستطاع من الصدقات الجارية وفعلها.. وعلم ينتفع به فكانت حريصة على أن تُفعل ما تعلمته وهنالك أكثر من وسيلة فمن تعليم الناس إلى تأليف الكتب، ومؤخرًا هناك شبكة الانترنت بما تحمل من مواقع ومنصات، ووسائل التواصل الاجتماعي كل هذه قنوات تسمح بنشر العلم حول العالم والأمثلة لا تعد ولا تحصى لمن نفع غيره وساعد وساهم في حل مشكلات تواجه الآخرين، والثالثة ولد صالح يدعو له، والولد ليس بالضرورة أن يكون من صلبك فقد يكون يتيم كفلته وربيته، أو طالب علم علمته..
مشروعها الأول .. بكة
بعد حصولها على درجة الماجستير قضت أربعة أعوام في محاولات مستمرة لاستكمال دراستها، وأثناء ذلك مارست العمل التجاري وقامت بمشروعها الأول “بكة” لملابس الحج والعمرة وكانت فكرتها ترتكز على تقديم كل ما يخص الحج والعمرة من ملبس وغيره في حقيبة عملت على تصميمها وتنفيذها في إحدى الدول الآسيوية، وكانت الفكرة حديثة على السوق، وقد عرضتها على مؤسسات الحج والطوافة ولاقت قبول حسن، واستمرت في العمل والمشاركة في المعارض لعرض فكرتها على المؤسسات كما أنها باعت للأفراد ايضًا.
التجربة منحتها معرفة وخبرة في السوق و العمل التجاري من إدارة مالية وعقود إلى أن تم قبولها في برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي للحصول على درجة الدكتوراة واختارت حينها تخصص تسويق الملابس الفاخرة ذو الماركات العالمية ولعل التأخير كان خيرًا لها لتختار حل لمشكلة تواجه العاملين في قطاع الملابس والنسيج.
مشروعها الثاني.. شجرة المال
شجرة المال هو برنامج يقدم الوعي المالي للأطفال بحيث يصبح سلوك لديهم، وحصلت على الامتياز بوكالة حصرية على منطقة الشرق الأوسط للبرنامج وتشاركت مع مستثمر في عام 2012م لتفعيل البرنامج في السعودية من خلال التعاقد مع المدارس بالإضافة إلى الدورات التدريبية. ولقد حصل مشروعها على المركز الأول في معرض شباب الأعمال بجدة عام2015م.
مشروعها الثالث.. فيلفت
قدمت في فيلفت استشارات بالإضافة إلى عقد الشراكات مع برامج مختلفة منها برنامج ثراء وتهتم بنشر ثقافة ريادة الأعمال والعمل على المشاريع وهذا ما تحرص على تقديمه لطالباتها في الجامعة فهي تدمج في محاضراتها بين العلم النظري والعمل التجاري على أرض الواقع وفي عام 2019 م حصدت ثلاثة من طالباتها الميدالية الذهبية والبرونزية في المعرض الدولي للابتكارات بماليزيا من بين أكثر من 650 مشارك.
تحقيق الريادة
وفي مجال ريادة الأعمال هي نائبة المشرف العام على مركز الابداع وريادة الأعمال بجامعة الملك عبدالعزيز، وقد قدمت عشرة شركات ريادية في مجال النسيج والأزياء لطالباتها، وفي العام الفائت أثناء بداية جائحة كورونا استطاعت تقديم خمس شركات ريادية في الأزياء وشركتان في مجال التقنية لبناء تطبيقات تعليمية استطاعت تحقيق ذلك بالرغم من ظروف الحظر ومنع التجول وحاليًا تعمل على تقديم ثمان شركات ريادية..
بالإضافة إلى العديد من المبادرات الجديدة أهمها “قمرة الريادة” وهي فعالية تُسهم في تثقيف الطالبات على تحليل المنافسين في السوق وتصميم الفكرة واتخاذ القرار والاستفادة والاستلهام من شخصيات ريادية حقيقية من خلال الأفلام. كذلك إطلاق حاضنة متخصصة في مجال الأزياء كونها تسعى إلى ريادة متخصصة في الملابس والأزياء.
واخيرًا ترى “د.أماني” بأن للحياة عجلتين وليست عجلة واحدة كما هو معروف في برامج تطوير الذات هذه العجلتين بمثابة أتراس لدراجة هوائية، عجلة فيها جوانب حياتك وما تريد في مرحلة الدنيا أمامها عجلة تخص المرحلة الأخرى بمحطاتها المختلفة وأنت من تقود هذه الدراجة والخيارات أمامك عند تقاطع الطرق.
الكاتب: إيمان محمد