لا تفوض مهامك عن طريق البريد الإلكتروني
في أحدث حلقة من بودكاست Deep Questions الذي أقدمه، طلب أحد المستمعين نصيحتي بشأن التفويض عبر البريد الإلكتروني. هذا موضوع مهم لم أتحدث عنه كثيرًا من قبل، لذلك اعتقدت أنه قد يكون من المفيد توضيح الإجابة التي قدمتها في برنامجي وتأكيدها.
في محيط المكتب، يحدث معظم التفويض عبر البريد الإلكتروني. ومن دواعيه هو أنه من المرجح أنك بحاجة إلى تنفيذ مهمة لكن ليس لديك الوقت لتنفيذها أو أنك لا تريد القيام بها، أو لا تعرف كيفية القيام بها: لذا فأنت تمرّر رسالة سريعة حتى توكل شخص آخر بالمهمة. في عصرنا الحالي أصبحت هذه التمريرات الإلكترونية أكثر تواترًا بسبب إمكانية العمل عن بعد.
لكن أعتقد أن هذه مشكلة، كما وضحت مسبقًا في البودكاست الخاص بي. من المحتمل أن تكون أفضل حالًا إذا عملت بدلًا من ذلك بشكل عكسي من قاعدة بسيطة ستجعل حياتك أكثر إزعاجًا على المدى القصير، ولكنها أكثر إنتاجية على المدى الطويل وهي، لا تفوض باستخدام البريد الإلكتروني.
قبل أن نناقش كيف يكون هذا ممكنًا، دعونا نتطرق إلى سبب أهميته.
عند تسليم المهام، يمكن أن تصبح الكفاءة القصوى للبريد الإلكتروني عبئًا يدفعك نحو الراحة المؤقتة من الانزعاج من هذه المهمة. أنت تفكر في شيء لا تريد أن تنساه، لذلك تدفعه بعيدًا عبر البريد الإلكتروني لزميلك. مثلًا: يصل شيء جديد إلى بريدك الوارد، مما يخلق لحظة وجيزة من الشعور بالالتزام – أوه لا، شيء آخر يجب أن أخصص له الوقت – سأوكله إلى زميلي عن طريق البريد الإلكتروني.
أنا أسمي هذا الارتياح مؤقتًا، لأنك في الواقع لم تبدد هذا الانزعاج. بل إن رسالة البريد الإلكتروني الغامضة المكتوبة بسرعة هذه تنقل الانزعاج إلى متلقيها. وربما تزيد من القلق لكليكما، حيث من المحتمل أنك لم تذكر التفاصيل الواضحة لك في الرسالة التي أرسلتها لزميلك الذي قد تخفى عنه هذه التفاصيل وهذا قد يجعل الأمور أكثر سوءاً حيث أنه سيتطلب هذا الغموض بعد ذلك العديد من الرسائل الإضافية ذهابًا وإيابًا لمحاولة شرح بعض التفاصيل وتوضيحها وبهذا سينتشر ويتضاعف العبء المعرفي للمهمة الأصلية.
بدلًا من ذلك عندما تقوم بفرض قاعدة “عدم تفويض البريد الإلكتروني” ، فإنك ستحبط التضحية بالمصلحة الأكبر من أجل فترة راحة شخصية أصغر. عندها ستصبح الحلول الأكثر إنتاجية بشكل عام ضرورية.
على سبيل المثال، في البودكاست الخاص بي أتحدث كثيرًا عن برامج لوح المهام، مثل تريللو Trello أو فلو Flow أو اسانا Asana. بدلًا من جعل المهام تضيع في صندوق الوارد بين رسائل البريد الإلكتروني المدفونة، لماذا لا يتم عزلها وتوضيحها كبطاقات قائمة بذاتها على لوحة مهام افتراضية؟ بهذا سيصبح من السهل على الجميع معرفة كل شخص والعمل الموكل له، ويمكن إلحاق جميع المعلومات ذات الصلة بمهمة معينة ببطاقتها، بدلًا من تقسيم نفسها بين سلاسل رسائل البريد الإلكتروني المرتجلة.
الآن بهذه الطريقة وهي إنشاء بطاقة جديدة لكل مهمة يصبح الشخص مجبرًا على التفكير فعليًا في المراد تفويضه وتوضيح ما يريده بالتفصيل وموعد تسليم المهمة وما هي المعلومات المطلوبة لإتمامها، بدلًا من إرسال رسالة بريدية تفويضية عابرة لشخص آخر.
كما ترى أنه من السهل إرسال عشرات الطلبات عبر البريد الإلكتروني إلى زميل على مدار يوم حافل دون التفكير كثيرًا في الأمر لكن لوحات المهام هذه تجعل من الصعب التهرب من معرفة مقدار ما تطلبه من شخص ما.
في لوحة المهام الافتراضية سترى كل بطاقة مكدسة فوق أخرى في عمود كل شخص، فتصبح المهمات التي تحاول التخلص وتوكيلها إلى شخص آخر أمر لا مفر منه.
بالنسبة للمهام السريعة التي قد تصل في شكل رسائل بريد إلكتروني، فقد وجدت أن نظام التذاكر مفيد أيضًا. فهو يسمح ذلك بتحويل الرسائل إلى تذاكر يمكن تخصيصها لأعضاء فريق معينين، وإلحاقها بملاحظات، وتصنيفها حسب حالتها الحالية. هذه هي الطريقة -على سبيل المثال- التي استخدمها بصفتي مدير الدراسات العليا لقسمي في جامعة جورج تاون. أقوم بتنسيق مشكلات البريد الإلكتروني الواردة مع مدير برنامج الخريجين الخاص بي (نستخدم FreshDesk).
يمكنني أن أخبرك من التجربة الشخصية أن المتاعب الإضافية في لحظة نقل الأسئلة والطلبات إلى هذا النظام تستحق العناء تمامًا. يقلل نظام التذاكر من الإجهاد بشكل ملحوظ مقارنةً بالبديل المتمثل في محاولة التوفيق بين كل هذه الالتزامات من رسائل البريد الإلكتروني المتشابهة ومتشابكة، والغير واضحة، والمتزايدة باستمرار.
لا أريد أن أسقط كثيرًا في حفرة الأرنب وأتحدث عن الإنتاجية هنا. لكن ملاحظتي الرئيسية هي أنه عندما يتعلق الأمر بالتفويض، لا تنخدع بالوعود في الحلول المؤقتة للأزمة اللحظية التي تنزعج منها. لا يحتوي البريد الإلكتروني على وسائل وإمكانيات كافية. لذلك من الأفضل تبني نظام أكثر تنظيمًا لتحديد ووصف وتعيين ومراجعة المهام وقد تتطلب المزيد من العمل في الوقت الحالي لكن غايته تقليل الخسائر المعرفية بشكل كبير لمؤسستك مستقبلًا على المدى البعيد.
النص الأصلي من مقالة الكاتب والمدوّن كال نيوبورت
ترجمة: ندى محمد