الشبكة الاجتماعية الصوتية Clubhouse؛ لماذا أحدثت كل هذه الضجة؟
كثر الحديث مؤخرًا حول تطبيق دردشة صوتية جديد يدعى “كلوب هاوس Clubhouse“، لا يمكن استخدامه إلا على هواتف آيفون من خلال دعوة، لكنه قادم إلى نظام أندرويد قريبًا. وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي في العالم والوطن العربي والسعودية على وجه التحديد هذه الدعوات بين الجمهور الذي يسعى لتجربة تطبيقات جديدة.
“كلوب هاوس” هو تطبيق يشبه البث الصوتي بشكل مباشر، ويمكّن المستخدمين من مشاركة أفكارهم وحديثهم وبناء صداقات من مختلف الدول حول العالم من خلال مجموعات للمحادثة الصوتية. كل ذلك يتم باستعمال مقاطع صوتية بدلًا من المنشورات النصية أو الكلام المرئي المكتوب. ولكن ما هي شبكة “كلوب هاوس” الجديدة؟ وكيف بدأت؟ وكيف تعمل؟ وما هي ميزاتها وعيوبها؟
ما هو Clubhouse “كلوب هاوس”؟
هو تطبيق محادثة صوتية أُطلق بدايات عام 2020 ثم انتشر بشكل كبير في جائحة كورونا تزامنًا مع عدم تمكن الناس من الاجتماع سويًا. فهو وُجد لبناء تجربة اجتماعية بحيث يمكنك الاجتماع مع أشخاص آخرين والتحدث صوتيًا بدلًا من المحادثة النصية. والمفهوم الذي يقوم عليه هذا التطبيق هو أنه بمجرد دعوتك للانضمام، تقوم بالتسجيل عبر الموقع الرسمي باستخدام رقم الهاتف. ثم يمكنك بدء المحادثة أو الاستماع إليها في “الغرفة الرقمية”، وتكون محادثة كبيرة مشرفها شخص مشهور أو مجموعة أصدقاء صغيرة.
هناك الكثير من الغرف الرقمية المتنوعة التي يمكن الانضمام إليها لإجراء محادثات صوتية. حيث يعمل “المضيف” كمشرف على المحادثة ويمكن لمن في الغرفة رفع أيديهم افتراضيًا وتشغيل الميكروفون للتحدث. ويكون من بين المشاهير قائمة من كبار رجال الأعمال وأصحاب التقنية والمشاهير من مختلف دول العالم.
فهو تطبيق معاكس لشبكات التواصل الاجتماعي الأخرى التي تعتمد بشكل كبير على الكتابة، ففكرة تطبيق “كلوب هاوس” قائمة على الصوت وليس النص، مما يجعله وكأنه “بودكاست” تفاعلي أو مكالمة صوتية جماعية.
كيف يعمل التطبيق؟
عند التسجيل في التطبيق والحصول على حساب فيه، يتيح للمستخدم تحديد المواضيع التي يفضلها سواء كانت اجتماعية، ترفيهية أو اقتصادية. وكلما قدمت معلومات أكثر عن هواياتك، كلما زادت المجموعات أو الغرف الافتراضية التي ينصحك التطبيق بمتابعتها.
فكرة تلك الغرف الافتراضية تجمع بين الاجتماعات المغلقة والندوات العامة. ويمكنك إنشاء غرفة خاصة أو الانضمام لحوار عام والاستماع إليه مباشرة. وإذا أردت عرض رأيك فارفع يدك، والأمر متروك للمشرف على النقاش، فقد يسمح لك بالحديث أو يقدمك كمتحدث رئيسي إذا كانت لديك معلومات شيقة. وهنا قد تحظى بفرصة لمناقشة شخصيات هامة، فالتفاعل على التطبيق يقوم على أساس وجود شخصيات بهويات حقيقية.
ومن مزايا التطبيق أيضًا أن المشاركات الصوتية لا تحفظ، وتختفي بخروج المشارك من الغرفة، الأمر الذي يضفي نوعًا من الخصوصية، لكن يمكن تسجيل المحادثات بوسائل خارجية. كما يستطيع أي مستخدم آخر أن يتعرف على الشخص الذي دعاه، إذ تحفظ هذه المعلومة في الملف الشخصي.
السر: “نادي الأثرياء”
يعمل التطبيق بخطة تسويقية نوعية تقوم على دعوة المشاهير وكبار مديري عالم التقنية لاستخدامه بما أنه محدد فقط للمدعوين من خلاله، مما دفع الكثير لتسميته “نادي الأثرياء السري”، لكن رغم ذلك لم يشتهر التطبيق. أتت شهرته الحقيقية والزيادة المفاجئة فيه بعد خوض مؤسس شركة “تسلا” ايلون ماسك في محادثة مطولة مع الرئيس التنفيذي لتطبيق “روبن هود” فلاد تينيف. حدث ذلك عبر غرفة محادثة عبر “كلوب هاوس” بحسب ما ذكرته عدة منصات أمريكية متخصصة في التقنية.
كذلك استخدمه إيلون ماسك بداية شهر شباط الحالي وتحدث فيه عن عدة أمور تبدأ بحياته الخاصة والأفلام والكتب التي ألهمته وتنتهي بمشاريع شركاته، الأمر الذي شجع العديد من المستخدمين تقديم طلب الانضمام للتطبيق لسماع حديث ماسك.
ثم زاد شهرة هذا التطبيق أكثر سياسة الخصوصية الجديدة التي نشرت سابقًا حول الواتساب والفيس بوك، ومحاولة المستخدمين إيجاد بدائل جديدة. حدث ذلك بالتزامن مع ظهور العديد من الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي للانضمام لهذا التطبيق باعتباره بديلًا لواتساب وفيس بوك، إذ يمكن استخدامه للدردشات الصوتية. إلا أن فيس بوك دخلت على الخط وتعمل على إطلاق نسخة من تطبيق كلوب هاوس.
أيضًا، يوفر التطبيق الحرية لمستخدميه لنقاش مواضيع مختلفة دون قيد أو رقابة، على عكس “فيس بوك” الذي أعلن عن نيته الحد من المحتوى السياسي على منصته. إلا أن هناك من توقع أن يندثر التطبيق سريعًا.
لكن رغم تنوع آراء وتجارب المستخدمين عبر منصات التواصل الاجتماعي مع التطبيق، هل غرف الدردشة الصوتية في التطبيق آمنة تمامًا؟ وهل يمكن لهذه التسجيلات أن تقع بأيدي جهات معينة قد تؤدي لمسائلة المستخدمين قانونيًا؟
أمان تطبيق “كلوب هاوس”
ككثير من التطبيقات الأخرى، يقوم التطبيق بإنشاء ملفات تعريف الارتباط للأشخاص الذين لم يستخدموا التطبيق من قبل ولكنهم موجودون في جهات اتصال الأشخاص الذين يستخدمونه.
الأهم من ذلك صدور تقرير عن مرصد جامعة ستانفورد للانترنت يقال بأن التطبيق يحوي عيوب أمنية تجعل بيانات المستخدمين عرضة للوصول إليها، وخاصة من قبل الحكومة الصينية. فبحسب مرصد ستانفورد، فإن شركة التقنية الصينية “أغورا Agora Inc” من المحتمل تمكنها من الوصول إلى الصوت الخام للمستخدمين، مما يمكن وصول ذلك للحكومة الصينية. لكن الشركة اختارت عدم إتاحة التطبيق في الصين، وعلى الرغم من ذلك فقد تمكن بعض الأشخاص من إيجاد حل لتنزيله، مما يعني أنه يمكن نقل جزء من بعض المحادثات عبر الخوادم الصينية.
تطبيقات كثيرة وخصوصية أقل
خرج تقرير ستانفورد ليسلط الضوء على معلومات جديدة لم تكن معروفة، كارتباط شركة “أغورا” الصينية بتطبيق “كلوب هاوس”، وكذلك وجود “خادم” في أميركا والصين. وكشف التقرير أن حركة البيانات يتم توجيهها إلى الخوادم التي تديرها شركة “أغورا”، ويؤدي الانضمام إليه إلى إنشاء “حزمة موجهة”. هذه الحزمة تحتوي على بيانات وصفية حول كل مستخدم، كرقم معرّف ومعرّف الغرفة التي ينضم إليها، وإرسال هذه البيانات الوصفية عبر الإنترنت بنص غير مشفر، مما يعني أن وجود أي طرف ثالث يمكنه الوصول لهذا البيانات.
فبناءًا على المعطيات حتى هذه اللحظة في تقرير ستانفورد، تستطيع شركة “أغورا” الوصول للبيانات الوصفية لأنها غير مشفرة، وكذلك تستطيع الوصول للمحتوى الصوتي، وقد تصل البيانات للحكومة الصينية عن طريق “أغورا”.
أما عن سياسة الخصوصية، فيقوم التطبيق بجمع معلومات مهمة كالبيانات الشخصية، والمحتوى الصوتي والعناوين الخاصة بالمستخدم للتوصية بمستخدمين آخرين، والتوصية بحسابك ومحتواك لهم.
بكل الأحوال، يبقى هذا التطبيق حديثًا نسبيًا ولا يمكن الانضمام إليه إلا بدعوة وتقديم طلب الانضمام، ولذلك لا يمكن معرفة إلى أي مدى ستكون قوة تشفير الدردشات داخله، حيث لم يثبت أنها آمنة كليًا أو بالإمكان اختراقها بسهولة، والأمر يعود للمستخدمين في مدى حاجتهم لتطبيق جديد للدردشة الصوتية يُضم للتطبيقات الحالية التي تسعى لاقتحام مجال المحادثات الصوتية كشركة “فيس بوك” خاصة بعد الإقبال الكبير على “كلوب هاوس”. وحديثًا أطلق “تويتر” خاصية البث الصوتي، إلا أنه لم يحقق النتائج المرجوة منه إلى الآن.
فهل سنرى تنافسًا بين تطبيقات التواصل الاجتماعي في توظيف تقنية البث الصوتي؟