بدأ الألعاب السحابية بالازدحام قليلاً، فقد كانت هذه الخدمات في بدايتها مجرد وعود او تجارب لم تؤتي ثمارها حتى اليوم. ففي بداية القرن الواحد والعشرين ظهرت بعض الخدمات التي قدمت فكرة اللعب السحابي ولكنها كانت محدودة، وتقدم الخدمة عبر شبكات واي فاي فقط.
ثم بعد حوالي عقد من الزمن ظهرت خدمتي OnLive ثم Gikai اللتان تعتبران من أوائل الخدمات التي قدمت لعباً سحابياً بحق، ولكن انتشار الخدمة كان محدوداً، ولاحقا قامت سوني بشراء براءات اختراع الأولى، واشترت الشركة الثانية كاملة. وكلاهما أصبح حجر بناءٍ في خدمة بلاي شتيشن ناو، التي انطلقت في 2014، والتي وصل عدد مشتركيها إلى مليون مستخدم حتى الآن.
حين تنظر إلى فكرة اللعب السحابي، فهي جميلة جداً. فهي تغنيك عن الحاجة إلى شراء جهاز ألعاب جديد كل خمس سنوات، أو شراء كرت رسوميات جديد، وكل ما عليك فعله هو دفع اشتراك للحصول على مكتبة لا نهائية من الألعاب، وعلىب غرار نتفلكس سيكون بإمكانك اللعب من أي مكان وعلى أي جهاز، والتوقف وقتما تريد والإكمال في أي وقت، كل ماتحتاجه هو اتصال سريع بالانترنت، ونظراً إلى التطور العالمي في سرعات الانترنت فقد تكون مسألة وقت لا أكثر…لكن الموضوع أعقد من ذلك.
يختلف اللعب السحابي عن مشاهدة الفيديو عن طريق يوتيوب ونتفلكس، فهذين الأوليين لا يتطلبان من المستخدم سوى اختيار المقطع وبدء مشاهدته، وهو تفاعل محدود من طرف واحد، لكنك لو لاحظت ففي بعض الأحيان يحتاج الفيديو إلى ثوانٍ معدودة من أجل أن يبدأ، وهو خلال هذه الفترة يحاول الاتصال بالمزود من أجل قراءة البيانات والبدء في عرضها.
لعلك تستطيع أن تغفر تأخر تشغيل الفيديو ثانيةً أو اثنين، لكن السيناريو يختلف كثيراً في عالم الألعاب السحابية.
PING
لا أظن أن أحداً لا يعرف لعبة سوبر ماريو الكلاسيكية، فأنت تتحرك من اليسار إلى اليمين وتقفز هنا وهناك من أجل أن تتجاوز الحفر أو لقتل الأعداء. والآن تخيل معي أنك تلعبها عبر أحد الخدمات السحابية، وحين تضغط على زر القفز فإن ماريو لن يقفز مباشرة، لكن سيتأخر في القفز ثانية أو اثنين. لماذا؟ لأن الأمر يجب أم يذهب إلى المزود الذي يشغل اللعبة ويقوم بمعالجته ومن ثم عرضه على الشاشة، وكل هذه الأمور تحكمها العديد من العوامل.
لو كنت لاعباً أو تعيش في وسط أشخاصاً يلعبون عن طريق الانترنت فمن المؤكد أنك سمعت بمصطلح Ping الذي يستخدم لتفسير سرعة الاتصال مع المزود الخاص باللعبة. يعكس الرقم الذي يمثله Ping مقدار الوقت بالميلي-ثانية من أجل أن ترسل الاشارة إلى المزود وتعود، وكلما قل الوقت أصبح الأداء والاستجابة أفضل، وهذا أيضاً محكوم بالعديد من الأمور، بعضها يقع تحت تصرفك مثل استخدام اتصال سلكي، و اتصال انترنت سريع.
العوامل التي تقع خارج تصرفك هو البنية التحتية لشركة الإنترنت الخاصة بك، وبعد مزود اللعبة عنك والذي يعتبر عاملاً مهما، ولذلك ترى أن بعض الألعاب الشهيرة وعلى رأسها فورتنايت قامت بإطلاق مزودات في الشرق الأوسط من أجل أن يحصل اللاعبون هنا على تجربة لعب أفضل. كون وجود مزودات قريبة يحسن يقلل من تأخر الأداء.
السحابة
قبل أسابيع أطلقت جوجل خدمة Stadia وهي خدمة ألعابها السحابية، ولكن أراء الأشخاص الذين جربوها كانت متباينة كثيراً بين معجب ومنتقد، ولكن أغلب المقارنات تركزت على التأخر في الأداء. ففي الألعاب السحابية أنت تلعب اللعبة على مزود بعيد وما يصلك هو فيديو مثل يوتيوب، ولكن الفرق هنا هو أنك تحتاج إلى التفاعل مع هذه الفيديو في كل مرة وهناك سوف تتداخل العوامل التي تحدثنا عنها لتحكم تجربتك، لكن أهم عامل لهذه الخدمات هو توفر مزودات محلية لضمان أسرع تواصل بينك وبين المزود.
أغلب المراجعات تشير إلى أن الخدمة مازالت في البداية وهي ليست جاهزة بشكل كامل، كما أنها لا تصلح حالياً لمن يلعبون الألعاب التنافسية مثل فيفا أو فورتنايب وكول أوف دوتي، فأي تأخر في هذه الألعاب يعني الفارق بين الربح والخسارة، وإضافة المزيد من التأخير عبر استخدام Stadia أو غيرها من خدمات اللعب السحابي ليس عامل جذب في الوقت الحالي.
تستعد مايكروسوفت هي الاخرى لإطلاق خدمة ألعابها السحابية، ولكن يبدو أن كل هذه الشركات تريد أن تتواجد في السوق من أجل التواجد، فأجهزة الألعاب مازالت متسيدة للسوق كونها تقدم أفضل تجربة، ولكن تواجد الشركات مبكراً يعني أن فرصتها أكبر في حين يصل السوق إلى حالة النضج ويصبح الناس جاهزين للتخلي عن أجهزة الألعاب في بيوتهم والانتقال إلى السحابة…وحتى ذلك الوقت سوف استمر في لعب سوبر ماريو على جهازي المنزلي.