مما لا شك فيه أن مؤسسات النشر التقليدية والصحف الورقية تعاني حول العالم من تناقص مستمر في أعداد قرائها مع تحول نسبة كبيرة من القراء، خاصة من فئة الشباب، كليا إلى الوسائط الرقمية للحصول على الأخبار وقراءة المقالات. عالميا، تحاول الكثير من مؤسسات الصحافة التقليدية التحول إلى الوسط الرقمي جزئيا أو كليا بهدف العودة إلى الربحية من جديد، وهو ما دفع الكثير من شركات التقنية الكبرى إلى التوجه إلى رعاية هذا التحول للترويج لخدمات جديدة من جانبهم تجعلهم شركاء في هذا التحول.
كانت “أبل” آخر المنضمين إلى ركب الشركات التقنية الكبرى التي تسعى إلى الإستفادة من حاجة المؤسسات الصحفية التقليدية إلى إستعادة ربحيتها وسوق التوزيع الخاص بها، حيث أطلقت الشركة خدمتها الإخبارية التي تتيح للقراء الإشتراك في عدة صحف ووسائط إعلامية من خلال إشتراك موحد عبر أجهزتهم الإلكترونية.
اليوم، أعلنت قوقل عن مبادرة جديدة تستهدف منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا على وجه التحديد، وتستهدف مؤسسات النشر التقليدية التي تواجه التحدي ذاته مثل نظيراتها العالمية. تحمل المبادرة إسم “تحدي الابتكار من مبادرة أخبار جوجل – Google News Initiative”، ويوجه دعوة لمؤسسات النشر التقليدية على اختلاف أحجامها والمشاريع الناشئة في مجال الإعلام والأخبار والهيئات الإخبارية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، لتقديم مقترحاتهم لمشاريع فريدة للنظر في إمكانية تمويلها ودعمها.
قدمت قوقل المبادرة على هامش لقاء خاص استضافت فيه الشركة ناشري الأخبار في القاهرة، وعرض خلاله مسؤولون تنفيذيون من قوقل من المنطقة والعالم أحدث الميزات والعروض للناشرين والصحفيين عبر نماذج جديدة لتحقيق الدخل تشمل خدمات Google News، وGoogle Search، وYouTube، وCloud Machine Learning.
وتبحث قوقل من خلال المبادرة عن مقترحات لمشروعات من الشركات والمؤسسات تؤدي إلى زيادة تفاعل القراء سواء كانت عبر تخصيص تجاربهم، المقاطع الصوتية وغيرها، بالإضافة إلى استكشاف نماذج تجارية جديدة تشمل الاشتراك، وبرامج العضوية والولاء وغيرها.
ومن جانبه قال لودوفيك بليشر، رئيس الابتكار في مبادرة أخبار قوقل: “تراود ناشري الأخبار في مختلف أنحاء العالم تساؤلات كثيرة حول سبل ازدهار الصحافة الجيدة في العصر الرقمي. ومع تغير النماذج الاقتصادية وبروز وسائل جديدة لاستهلاك الأخبار، بات الابتكار ضرورة ملحة في هذا القطاع.نحن متحمسون لطرح تحدي مبادرة أخبار قوقل في المنطقة؛ ونحرص على إتاحة الفرصة أمام جميع مؤسسات الأخبار والنشر على اختلاف أحجامها وخبراتها في العالم العربي لطرح أفكار جديدة في قطاع الأخبار الإقليمي”.
وستتولى لجنة متخصصة من قوقل تقييم طلبات الشركات والمؤسسات المشاركة وتمويل المشاريع المختارة بمبالغ تصل إلى 150 ألف دولار أمريكي، وما يصل إلى 70% من التكلفة الإجمالية للمشروع. وسيتم فتح باب تقديم الطلبات في يونيو على أن يتم نشر المزيد من المعلومات حول الأهلية والأسس والمعايير والتمويل على الموقع الإلكترونيGoogle News Initiativeالذي سيتم تحديثه في شهر مايو.
كانت قوقل قد أعلنت العام الماضي عزمها تدريب 4 آلاف صحفي في ستةٍ من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أسس الصحافة الرقمية والحديثة. يبقى السؤال إذا ما كانت المؤسسات الصحفية التقليدية في المنطقة ستتمكن من الإستفادة من تلك المبادرات وغيرها من خطوات التحول الرقمي للوصول الى الفئة العظمى من القراء التي باتت تفضل الإنترنت على غيره من الوسائل في الحصول على الأخبار.