تعد صناعة الدرونز – او المركبات الآلية التي يتم توجيهها عن بعد – واحدة من الصناعات المتقدمة تقنياً و التي عرفناها للمرة الأولي تجارياً من خلال استخدامها للأغراض الشخصية و الترفيهية في أسواق التقنية الكبري في العالم، مثل السوق الأمريكي.
نمت مبيعات الدرونز بوتيرة متسارعة علي مدار الأعوام الثلاثة الاخيرة، وقدرت أعداد الدرونز المباعة في الولايات المتحدة خلال العام الماضي بما يقارب المليون، مقارنة بما يزيد قليلا عن ٨٠٠ الف خلال عام ٢٠١٦. وينتظر أن يصل هذا العدد إلى أكثر من ٣ ملايين و نصف المليون بحلول هام ٢٠٢١. وتمثل مبيعات الدرونز من الفئة الشخصية المتوسطة – التي تتراوح أسعارها بين ٥٠٠–١٠٠٠ دولار أمريكي – ما يزيد عن ٦٠٪ من اجمالي مبيعات الدرونز.
وبينما يمكن للبعض أن يستشف من تلك الأرقام أن الأسواق الأكثر تقدماً هي الأكبر من حيث مبيعات الدرونز، إلا أنه في الواقع تلك الأسواق ذاتها تقدم فرص محدودة للغاية لنمو و تطور صناعة الدرونز التجارية بشكل عام. ويرجع السبب فيذلك إلى القيود والتشريعات المعقدة التي تم استحداثها في كثير من تلك الدول علي استخدام و بيع الدرونز التجارية كبيرة الحجم التي يمكن استخدامها في الأغراض التنموية و التجارية وقطاع الأعمال.
وفي الوقت ذاته، في مكان أخر من العالم تحقق الدرونز التجارية الكبيرة تقدماً هائلاً في العديد من الدول محدودة الموارد في قارة أفريقيا، حيث يتم فرض قيود قانونية أقل علي استخداماتها، بالإضافة إلى وجود حاجة ملحة بالفعل إلى الدرونز في حل مشكلات كبيرة تواجهها بعض تلك الدول.
علي سبيل المثال، تحقق شركة أمريكية تدعي Zipline نتائج إيجابية للغاية بعد أن نجحت في تطوير درون معد خصيصاً لنقل المستلزمات الطبية والتطعيمات جواً بين المناطق الجبلية المختلفة في رواندا لصالح إحدى منظمات الإغاثة الإنسانية. ويستطيع هذا الدرون التحليق في الهواء من خلال آلية ميكانيكية تقوم بقذفه إلى الهواء يقوم بعدها بالتحليق بدون طيار إلى وجهته ويسقط حمولته من المستلزمات الطبية من خلال مظلة ورقية و يعود بعدها إلى قاعدته.
ولكن الشركة ليست الوحيدة التي تعمل في هذا المجال، فقد نجحت شركة أُخرى تُدعى Wingcopter ،تعمل في إنتاج درون في صورة طائرة مروحية قادرة على الطيران لمسافة تصل إلى ١٠٠ كيلو متر بحمولة تبلغ ٦ كيلو جرامات، في تقديم حل بديل لنقل المُستلزمات الطبية في تنزانيا. من خلال مشروع تدعمه الوكالة الألمانية للتنمية تعمل الدرونز الخاصة بالشركة على نقل المُستلزمات الطبية الى جزيرة “يوكيريوي” أكبر الجُزُر المُستقلة ببحيرة فيكتوريا والتي تُعاني من نقص في العديد من المُستلزمات نظرا لكونها تتعرض للعديد من الظروف الجوية السيئة.
وبعيداً عن دورها الكبير في تقديم حلول لتلك المُشكلات الإنسانية، فإن العمل على حل تلك المُشكلات يلعب دوراً محورياً في تطوير صناعة الدرونز، إذ تهدف تلك الشركات على سبيل المثال إلى استخدام الدرونز التي تم تطويرها لهذا الغرض مُستقبلاً في العمل لصالح شركات الشحن ونقل البضائع، بالإضافة الى كون هذا السوق فرصة كبيرة لزيادة مبيعات الشركات التي تعمل في مجال تطوير الدرونز التجارية كبيرة الحجم.