ربما يكون أول ما يتوارد إلى الأذهان عند الحديث عن الدولة الأكثر استخداماً للتقنيات الحديثة، ومن بينها المدفوعات الإلكترونية، هي الولايات المُتحدة الأمريكية. ولكن في الواقع، مع بداية من عام ٢٠١٦، فإن السويد تحتل المرتبة الأولى عالمياً في المُعاملات المالية التي لا تستخدم الأوراق النقدية وبمُعدل ٤٦١,٥ مُعاملة مالية إلكترونية للفرد في العام، مُقارنة بـ ٤٥٩,٦ للأفراد في الولايات المُتحدة.
تنعكس تلك الثورة المالية الإلكترونية في السويد على طبيعة الاقتصاد كاملاً في كافة أنحاء الدولة. تُشير إحصائية بتاريخ سبتمبر ٢٠١٨، تتبع البنك المركزي السويدي، حول سلوكيات التسوق في السويد، فإن المعاملات المالية لا تُشكل سوى ١٣٪ من إجمالي المبيعات في المتاجر في السويد. في عام ٢٠١٧، كانت تبلغ القيمة الكُلية للعملات الورقية المُتداولة في السويد ١١٢ مليار كرونة سويدية، واليوم بات النقد الورقي المُتداولة في الدولة كاملة لا يتجاوز ٥٠ مليار كرونة سويدية، وبحلول عام ٢٠٢٣ يتوقع خبراء ماليون أن تتحول السويد كُلياً إلى المُعاملات المالية الرقمية وأن تُصبح بذلك الدولة الأولى في العالم التي تتخلى كُلياً عن الأوراق النقدية.
يرجع التحول المالي الرقمي في السويد إلى عوامل عديدة مكنت الأفراد من التحول بإنسيابية إلى وسائل الدفع الإلكترونية وتفصيلها على الأوراق النقدية. تمتلك السويد بنية تحتية قوية للإتصالات والإنترنت، وتتمتع بثاني أسرع خدمة إنترنت في العالم، كما يبلغ إنتشار الإنترنت بها نسبة ٩٤٪ وهو ما يضعها في المركز الرابع عالمياً من حيث أكثر الدول في انتشار استخدام الإنترنت بين السكان. تمتلك السويد كذلك نظاماً بنكياً مُتقدما يدعم معاملات بطاقات الإئتمان بكفاءة، بالإضافة الى نظام بنكي محلي لإدارة المدفوعات من خلال الهواتف المحمولة.
في عام ٢٠١٢، وبدعم من البنك المركزي في السويد، وبشراكة بين ٦ بنوك سويدية كُبرى، أُطلقت خدمة المدفوعات الإلكترونية من خلال الهواتف المحمولة، “سويتش – Swish”. تُمكن الخدمة كل فرد يمتلك حساب بنكي في أحد تلك البنوك ورقم هوية محلي من إرسال وبتادل المبالغ المالية لحظيا من خلال تطبيق على هاتفه المحمول. يبلغ عدد مُستخدمي التطبيق حالياً ٦,٥ مليون مُستخدم، وهو ما يُمثل أكثر من ٦٠٪ من إجمالي عدد مواطني الدولة.