نجحت “جوجل” في تطوير منتجها للخرائط – Google Maps – الى الحد الذي يجعله الأكثر إعتمادية وتوافقية مع جميع المنصات على الإطلاق حالياً. وقد كانت النتيجة المنطقية الوحيدة لذلك هو سيطرة الشركة بشكل شبه كامل على هذا السوق في صورة واجهتها البرمجية ومنصتها المُتاحة للمُطورين Google Maps API والتي تسمح للمُطورين بتضمين “خرائط جوجل” بداخل تطبيقاتهم والبناء عليها لتقديم خدمات مكانية وخدمات التوجيه والإرشاد والخرائط.
تخدم منصة “خرائط جوجل” حاليا أكثر من ٩٠٪ من التطبيقات التي تستعين بخدمة خرائط خارجية لتقديم خدماتها، وبفارق هائل عن أي منافس آخر إذ تبلغ حصة أقرب منافسيها ما لا يزيد عن ٤٪ من هذا السوق.
ربما يكون هذا هو الدافع للتحديثات الأخيرة التي أدخلتها الشركة على منصة “خرائط جوجل” التي يستخدمها المطورون لتطبيقاتهم، وهي التحديثات التي أطلقتها “جوجل” في شهر يوليو الماضي مُتضمنة تعديلات على سعر الخدمة التي تُقدمها لمُطوري التطبيقات وقالت عنها الشركة أنها تُقدم المزيد من الخدمات للمُطورين وتجعل الخدمة أكثر سهولة، كما وصفت التسعيرة الجديدة للخدمة بأنها أبسط ولا تحتاج الى رسوم سنوية ثابتة وإنما يُحاسب مُطور التطبيق تبعاً لإستخدام المُستخدمين مُباشرة.
تكشفت مُؤخراً لدى الشركات التي تعتمد كُليا على Google Maps API في تطبيقاتها وتهدف إلى تحقيق الربح مما تُقدمه من خدمات أن الهيكل الجديد لأسعار خدمات “جوجل” رُبما يُمثل “كارثة” كما يصفها بعض هؤلاء المُطورين. في حين يبقي حد الإعفاء من تكلفة الخدمة والحصول عليها مجاناً مُتاحاً لكثير من المُطورين ممن تخدم تطبيقاتهم عدداً محدوداً من المُستخدمين، إلا أن تكلفة الخدمة المدفوعة التي يحتاج إليها بالضرورة كل من ينوي تطوير مشروع كبير يهدف إلى تحقيق أرباح حقيقية إرتفعت لما يصل الى ١٤ مرة في بعض الإستخدامات كما يقول بعض المُطورين.
سابقاً، كان مُطور التطبيق مُطالب بدفع نصف دولار أمريكي لكل ١٠٠٠ مرة يتم عرض خرائط جوجل فيها من خلال تطبيقه، بعد أن يتخطى الحد المجاني البالغ ٢٥ ألف مرة عرض في اليوم. أما الآن وفقاً للهيكل السعري الجديد فإن تكلفة كل ١٠٠٠ مرة عرض للخرائط بنفس الشروط تبلُغ ٧ دولارات أمريكية.
وفي حين عبر بعض المُطورين عن غضبهم ومخاوفهم من أن تتسبب تلك التعديلات في إغلاق شركاتهم كُلياً نظراً لعدم وجود منافس قوي يُعتمد عليها لخرائط جوجل لإستخدامه في تطبيقاتهم، فإن مُنافسين آخرين يبدو أنهم بصدد إستثمار تلك الزيادات الأخيرة لسحب البساط من تحت أقدام “جوجل” في هذا السوق المُربح للغاية حالياً.
أحدث المُنضمين الى تلك الفرصة السانحة، ورُبما أقوى هؤلاء أيضا، هي شركة TomTom الشهيرة، والتي أعلنت منذ عدة أيام عن إتاحة إستخدام العديد من الخواص الإضافية الخاصة بخرائطها مجاناً أمام المُطورين الذين يرغبون في الإستعانة بخرائطها في تطبيقاتهم. تُتيح باقة المُطورين الجديدة من TomTom استخدام مجاني غير محدود لمعلومات الخرائط وكذلك معلومات الحالة المرورية للمُطورين، ولن يحتاج المُطور لدفع مُقابل مادي إلا عند البدء في الإستعانة بخواص أُخرى مُتقدمة مثل خواص التوجيه والإرشاد إلى العناوين والطُرُق أو البحث عن أماكن بعينها.
تبقى مُنافسة “خرائط جوجل” في هذا السوق صعبة للغاية، ويستمر تغيير الوضع القائم يحتاج إلى الكثير من الجهد من جانب المُنافسين. ولكن المؤكد أنه أمام الوضع الجديد الذي وجد مُطوري التطبيقات أنفسهم فيه فجأة فإنهم سيُفكرون جدياً في أي بديل متاح يُساعدهم على الإبقاء على ربحيتهم وشركاتهم، وهو ما قد يُمثل خطر فعلي وشيك على “خرائط جوجل”.