مقالات

ماذا يعني قرار قوقل بإيقاف خدمتها لتقصير الروابط goo.gl

ظهرت خدمات تقصير الروابط منذ سنوات طويلة، ببساطة يمكن القول: منذ أن كانت لصفحات الانترنت روابط طويلة، ومنذ أن بدأت مجالات التسويق الرقمي تزدهر وتنتشر، فعند العودة للمراجع نجد أن أقدم موقع قدم خدمة تقصير الروابط هو (TinyURL) الذي ظهر في 2002، أما لو حاولت الدخول إليه الآن، فسيعود بك الزمن سنوات إلى الوراء جراء شكله وتصميمه القديم.

رغم أن هنالك أكثر من 100 موقع ظهر لتقديم هذه الخدمة (يمكن معرفة قائمة المواقع عبر النقر هنا)، إلا أن هنالك مواقع معدودة هي التي تأخذ نصيب الأسد وتستحوذ على تفضيل الكثير من المستخدمين حين يقررون تقصير روابطهم، منها الخدمة المقدمة من قوقل لتقصير الروابط (goo.gl) لكن وبدون سابق إنذار قررت قوقل التوقف عن دعم خدمتها تلك، فقد أعلنت في 30 مارس الماضي عبر مدونة المطورين الخاصة بها أن العد التنازلي لإيقاف هذه الخدمة قد بدأ وبات الموعد قريباً.

استيعاب أم محاربة ؟

في الغالب أنت تعرف ماهي خدمة تقصير الروابط، فإن لم تكن قد استخدمت إحداها يوماً، فبالتأكيد قد نقرت على رابط مختصر هنا أو هناك وأدى بك لصفحة تفاجأت من طول رابطها الذي قد يملأ شريط العنوان، أما إن كنت من رواد شبكة تويتر فبالتأكيد هذا الأمر مألوف لديك، حيث أن موقع تويتر في حد ذاته هو أحد أسباب ازدهار خدمات تقصير الروابط، فهو موقع لم يكن يقبل بأكثر من 140 حرف في كل تغريده -سابقاً-، لذلك فقد كان استخدام تلك الخدمات أمر مهم وأساسي داخل الشبكة.

تويتر لديها خدمتها الخاصة لتقصير الروابط، لكن لم يكن هذا هو الحال في بداية الأمر، فقد كان اعتماد الشبكة الأساسي لمشاركة الروابط الطويلة هو عبر خدمة (bit.ly)، لكن الصداقة والشراكة تلك لم تدم طويلاً، فقد ظهرت شائعات في 2009 حول استحواذ تويتر على تلك الخدمة، وبدلاً عن ذلك، أعلنت الشبكة في 2010 عن اطلاق خدمة تقصير الروابط الخاص بها  (t.co)، وهو الذي لا يزال يعمل حتى وقتنا الحاضر.

في تلك الفترة بدأت الشركت العملاقة والمواقع الكبيرة في اطلاق خدماتها الخاصة لتقصير الروابط، إما لاستخدامه بشكل داخلي، مثل اليوتيوب ورابطها المختصر (YouTu.be) أو حتى فتح المجال لأي شخص بأن يستفيد من الخدمة، مثل خدمة قوقل التي تم الإعلان عن إيقافها مؤخراً.

لماذا الخوف من تلك الخدمات ؟

واحد من الأسباب التي جعلت تلك الشركات تطلق خدماتها الخاصة لتقصير الروابط، هو القلق والخوف، لكن ليست الشركات هي من تخاف من خدمات تقصير الروابط فحسب، بل حتى الحكومات (في وقت سابق على الأقل) والكثير من المستخدمين، سواءً كانوا يستخدمون تلك الخدمات لتقصير روابطهم أو ممن ينقرون عليها فقط.

مصدر التخوف ينبع من الثقة في الشركة المقدمة لتلك الخدمة، فهنالك سؤال يثار، هو: ماذا لو قررت تلك الشركة تحويل جميع الروابط  إلى وجهات أخرى مختلفة، وجهات تصب في صالحها وتسرق الزوار إلى أماكن قد تعود عليها بالنفع، مثلاً مواقع دعائية، لكن الأخطر من ذلك: ماذا لو قررت تحويل مسار تلك الروابط إلى أماكن قد تلحق الضرر بالزوار الذي ينقرون على الروابط وهم لا يعلمون أين سيكون المستقر الأخير لمتصفح الويب الخاص بهم.

المشكلة أنك عندما تنشر رابطاً في فضاء الانترنت فأنت لا تعلم أين سيصل به المطاف، قد تتمكن من تعديل منشور أو صفحة تحتوي على الرابط لكنك لن تتمكن من تعديل الصفحات والمنشورات الأخرى المنسوخة منه والمنتشرة في فضاء الويب الواسع، صحيح أن الأمر قد لا يكون ذو أهمية كبيرة للمستخدم العادي الذي يتابعه 200 شخص في تويتر، لكنه يصبح أكثر أهمية لؤلئك الذين لهم صولات وجولات على شبكات التواصل ويتابعهم عشرات أو مئات الآلاف.

ماذا لو توقفت الخدمة

التخوف الثاني الأقل خطورة هو في احتمالية إيقاف الخدمة، كما حصل مع خدمة قوقل (goo.gl)، وكوني أحد مستخدمي هذه الخدمة وأعتمد عليها مراراً وتكراراً، فأول سؤال تبادر إلى ذهني (وتبادر إلى ذهن الكثير مثلي) هو في مصير تلك الروابط القديمة، مالذي سيحدث لذلك الإرث الكبير الذي سيتركه ذلك الموقع الصغير وراءه، العدد الهائل من الروابط التي قد تسببت في إرهاق كاهل قوقل بدون الحصول على منفعة مباشرة من تلك الخدمة.

وعبر زيارة سريعة إلى صفحة الخبر، يتضح الأمر المتوقع، أن الروابط ستبقى، وهو الأمر الطبيعي والبديهي وخاصة عندما تتعامل مع شركة عملاقة مثل قوقل، وأعتقد أن الأمر نفسه حين تتعامل مع شركات أخرى أصغر مثل bitly، لكن قد لا يكون الأمر هو ذاته في خدمات ومواقع مغمورة أو ليس لديها أقدام راسخة أو شركات تقف ورائها وتدعمها كي تؤدي الإلتزام الأبدي الذي لا مناص منه.

قبل أيام، وحين دخلت  أحد المواقع المشهورة في تحميل الفيديوهات من اليوتيوب (keepvid) لاحظت أنه تم إزالة مستطيل التحميل، وبدلاً عن ذلك تم ملئ الصفحة بالمحتوى النصي المليئ بالعبارات المفتاحية، والكثير من الإعلانات المنتشرة في كل الصفحة، لم يعد الموقع خدمة لتحميل الفيديوهات، وبدلاً من ذلك؛ أصبح مجرد صفحة مليئة بالاعلانات، والموقع في الغالب يحصل على عدد كبير من الزوار يومياً لذياع صيته وانتشار اسمه، والأمر ببساطة أنه تم تحويل ذلك الكم الكبير من التدفق من الوجهة الأصلية إلى وجهة أخرى فيها نوع من الحيلة لكسب أكبر قدر من المال.

الخلاصة …

الخلاصة هي أن هنالك خدمات رقمية معينة يجب الحرص عند اختيار المقدم لها، أن يتم اختيار من يُستَبعد أن يتلاعب بك بعد حين، الذي له ظهر يحميه وإسم له وزنه في الفضاء الرقمي، وخاصة تلك الخدمات التي تستعملها لإدارة بياناتك الشخصية وأنشطتك المهمة، فليس من السهل أن يقرر مالك الخدمة بكل بساطة التوقف ثم يلوح لك بإشارة الوداع، فعلى الأقل يضمن لك عدم ضياع أعمالك، أو آلية للتحول السلسل لما يمكنه حل المشكلة وتعويض النقص والخسارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى