كيف تحولت المنافسة بين شركات الهواتف الذكية للتركيز على الكاميرا
التسارع الكبير في سوق الهواتف الذكية والمنافسة على السوق بدأ كبيرا قبل سنوات، ثم أصبح محدودا مؤخرا. ولا أقصد بأن التطور في الهواتف أصبح أقل، بل أن بداية العقد الحالي شهدت منافسة واسعة تشمل العديد من المزايا؛ مثل: نظام التشغيل، السرعة، الكاميرا، الشاشة، البطارية، الشحن، مساحة التخزين، والمعالج. لكنها أصبحت مع نهاية العقد الحالي مرتكزة على خيارات أقل، وربما التركيز أصبح أكبر على الكاميرا والبطارية، وأصبحتا مركز المنافسة. فكيف ذلك؟
التوسع ثم انحصار التنافس
مع بداية عصر الهواتف الذكية وخاصة من شركة آبل، كان هناك فرق كبير بين ما تقدمه هواتفها مع الهواتف الموجودة في السوق، والأمر استمر حتى مع بداية إصدار هواتف آندرويد، ويعود السبب في ذلك للفرق بين نظامي التشغيل بشكل رئيسي، فضلا عن بعض المزايا الأخرى مثل الكاميرا، مما جعل الشركة تنفرد بسوق الهواتف الذكية. لكن على الجانب الأخر كانت شركات الهواتف الأخرى والتي تعمل بنظام آندرويد تتنافس على مزايا مختلفة، لأنها تمتلك نفس نظام التشغيل.
وقد بدأت الشركات العالمية بخلاف آبل بالتركيز على مزايا مختلفة؛ مثل: الكاميرا، الشاشة، السرعة، البطارية، ومساحة التخزين، حيث أن ارتفاع المواصفات سيكون سببا في إقبال المستخدمين على هواتفها التي تعمل بنظام آندرويد، وبالطبع نجحت بعدها بعض الشركات برفع مستوى المنافسة مع آبل، وارتفعت نسبة مستخدمي الهواتف الذكية للشركات الأخرى – السعر كان مؤثرا بذلك بالطبع.
لكن مع التغيرات الكبيرة التي حصلت في نظامي التشغيل الرئيسين، آندرويد وآي أو اسي، فإن مستوى التقارب بين النظامين أصبح أكبر، وأضحى هناك منافسة أخرى بين قوقل وآبل على النظامين، وهو ما جعل قوقل تقدم نقلات كبيرة في نظامها خلال السنوات القليلة لتمنح المستخدم تجربة فريدة، ويُمكن القول أنها نجحت بذلك، وهو ما جعل المستخدم يقلل من تركيزه على نظام التشغيل لاحقا، خاصة وأن الخدمات المضافة؛ مثل الخدمات السحابية جعلت الأمر سهل للمستخدم في حال أراد التغيير، وهو أيضا ما قلل حدة المنافسة بين الشركات على مساحة التخزين الداخلية، فبالرغم من زيادة حجم السعة التخزينية إلا أن الشركات أصبحت تمنح المستخدم أضعاف تلك السعة سحابيا.
استمرارا للحديث السابق، فإن المنافسة على نظام التشغيل والسعة أصبحت أقل، مما جعل الشركات ترفع حدة المنافسة على البطارية، السرعة، الشاشة، والكاميرا. وبينما كانت الشركات تعمل على تطوير تقنيات خاصة في البطارية – خاصة سامسونج، فإن عملية الشحن السريع ووجود البطاريات النقالة “باور بانك” خففت من مستوى المنافسة بين الشركات على تلك الميزة، خاصة وأن المستخدم بإمكانه شحن هاتفه بسرعة وفي أي وقت بالرغم من أن الشركات مازالت تسعى للتطور في المجال، لكن يُمكن القول أنه بالنسبة للمستخدم لم يستمر بالأمر الجلل.
أما بالنسبة للسرعة، فقد عاشت شركات الهواتف بيئة مختلفة سابقا، لكن اعتمادها مؤخرا على موردين رئيسين جعل المنافسة تضعف في هذا المجال، خاصة وأن الاعتماد بشكل رئيسي أصبح على كوالكوم سنابدراغون، وهذا الأمر أيضا سهل الأمور للشركات المنافسة وجعلها تركز على مزايا أخرى، وترك أمر المعالج لشركة مختصة بشكل كامل، بالرغم من وجود بعض الاستثنائيات مثل هواتف سامسونج الرئيسية ومعالجها اكسينوس، أو هواتف هواوي ومعالجها كيرين.
ومهما استمرت المنافسة، كانت آبل بسبب نظامها وكاميرتها في مستوى مختلف، لكن انحصار المنافسة بين شركات آندرويد وظهور عدة شركات صينية، جعل من تلك الشركات تُنمي قدراتها للدخول في مجال بعيد عن آبل، وهو ما ظهر مع الشاشات عالية الدقة مثل سوبر أموليد وأوليد، وميزة الشحن السريع، والتصميم المميز التي سبقت فيه بعض الشركات الصينية آبل، وكذلك الكاميرا المميزة، وهو ما جعل الكثير من المستخدمين يتحولون لشركات مختلفة؛ مثل: سامسونج، هواوي، فيفو، أوبو، شاومي، وغيرها. إلا أن آبل ساهمت أيضا في تقليل المنافسة في هذه المجال بتوفير قدرة شحن أسرع، وكذلك شاشة أوضح لهواتفها العام الماضي.
لكن الأمر الخاص الذي لم تُنهي الشركات المنافسة فيه، هو “الكاميرا”. حيث أن آبل لم تعد مرتاحة في الصدارة ووجدت عدد من الشركات تتفوق عليها، لكِنا في كل عام نجد رقم جديد يُكسر من الشركات بهذا الخصوص. مما يجعل الكاميرا هي …..
الكاميرا العلامة الفارقة!
يُمكن القول أن كاميرات الهواتف أصبحت تشكل بُعدا مثاليا وخطيرا للمنافسة، ولم تعد تُشكل خطر على شركات الهواتف وحدها، بل امتد الأمر ليشمل شركات الكاميرات الرقمية ذات العدسة الأحادية “كاميرات الديجيتال العادية”. حيث أن جودة الصورة بكاميرات الهواتف أصبحت عالية جدا في ظرف سنوات قليلة.
فبعد أن استطاعت سامسونج تغير نهجها في هاتف جالاكسي S6 بكاميرا مؤثرة لمنافسة هواتف آيفون من آبل، خرجت شركات أخرى مثل أوبو وهواوي بتقنيات مختلفة، حيث تحولت الكاميرات من التركيز على العدسة الأحادية إلى كاميرات بعدستين، مما جعل كاميرا الهاتف قادرة على التقاط صور واضحة جدا نهارا، ومميزة ليلا.
الأمر لم يقتصر على هذا الحد بعد أن قدمت شركات مثل شاومي، فيفو، أوبو، وان بلس، وسامسونج كاميرات أوضح بعدسة مزدوجة. كما أن آبل فعلتها أيضا لاحقا، وهو ما يوضح شعور آبل بالخطر من تفوق الشركات الأخرى في هذا المجال، لتجعلنا نشاهد كاميرات أفضل من الشركة الأمريكية التي ظهرت في مؤتمرها بتركيز كبير على الكاميرا، خاصة كاميرا آيفون إكس.
إلا أن سامسونج قدمت هاتفا رائدا جديدا على مستوى الكاميرا مع جالاكسي S9+ تفوقت فيه على آيفون إكس، وهو ما جعلها في مركز مريح لم تعتقد أنها ستفقده سريعا جدا، حيث أن هواوي جاءت بهواتف جديدة بعد أقل من شهر كان أحدهما بكاميرا مزدوجة أفضل من هاتف سامسونج، وهاتف أخر بكاميرا ذات عدسة ثلاثية، وربما هذا الهاتف بإمكانه التقاط صور واضحة كالكاميرات الاحترافية. فخلال قراءتي لردود الفعل حول هاتف هواوي بي 20 برو، قرأت تعليق أحد الأشخاص من المؤتمر على ذلك “لقد جعلت كاميرات هواوي من كاميرا آيفون اكس التي نملكها مجرد كاميرا للهواة.”
وبعيدا عن العدسات المزدوجة والثلاثية، كانت شركة أوبو تقدم تقنية ستعمل على نقلة نوعية في مستوى كاميرات الهواتف، فقد سبق وكشفت الشركة عن أول كاميرا مزدوجة بتقريب بصري حقيقي 5x دون التأثير على دقة ووضوح الصورة، وهو ما يُمثل تجاوز رهيب لمستوى كاميرات الهواتف الذكية التي تعمل بدقة 2x بشكل عام، وكما نرى فإن الشركة أعلنت بأنها تسعى لتقديم ما يرغب به الجمهور بالنسبة للهواتف، وهو ما يتمثل بكاميرا أفضل كأساس لأي هاتف – ويمثل هذا الرأي حقيقة ما نسعى لطرحه في المقال.
ختاما
بعد أن كانت المنافسة تشتد في كل جانب، كانت الشركات تصل لمرحلة من التطور تجعل المنافسة ضعيفة بسبب التقدم الكبير في تقنيات كل منها، إلا أن المنافسة على الكاميرا لم تتراجع خلال تلك السنوات، بل اشتدت أكثر مع دخول مُصنعي الكاميرات في شراكات مع مُصنعي الهواتف. لكن، هل نرى اليوم الذي تصبح فيه المنافسة على الكاميرا أقل بسبب تواجد تقنيات أخرى أو التركيز على تقنيات حديثة مثل انترنت الأشياء؟ ربما!