تويتر ليست الوحيدة.. شركات حقّقت أرباحها الأولى بعد أكثر من خمس سنوات
وصلت شبكة تويتر لسوق الشبكات الاجتماعية قبل 12 عام تقريبًا، ونجحت خلال أعوامها الأولى في جذب شريحة كبيرة من المُستخدمين واللعب على مستوى الكبار. لكنها وعلى الرغم من ذلك، فشلت على مدار 12 عام في تحقيق أرباح مالية لتتعقّد مهمّتها بشكل كبير بالنظر إلى حجم المُنافسة، وإلى ضياعها لفترة من الزمن في تحديد هوّيتها الحقيقية.
ومع انتهاء الربع الرابع من 2017، أعلنت تويتر وللمرّة الأولى عن أرباح وصلت إلى 91 مليون دولار أمريكي، موقفة بذلك سلسلة طويلة مُتتالية من الخسائر المالية خيّبت بسببها ظنون الكثير من المُستثمرين.
تويتر ليست الوحيدة في هذا الأمر، أي أنها ليست الشبكة الاجتماعية الوحيدة التي عانت الأمرّين قبل تحقيق أولى أرباحها، فالقائمة طويلة وتشمل مجموعة كبيرة جدًا من الشركات التقنية الكُبرى.
غوغل وأمازون
تتأرجح شركة غوغل في قائمة أكبر الشركات التقنية من ناحية القيمة على مستوى العالم، فهي دائمًا ما تتصارع مع شركة آبل على المركز الأول. لكن الحال لم يكن هكذا دائمًا، فهي وعلى الرغم من حصولها على استثمارات بقيمة 125 مليون دولار أمريكي فور تأسيسها تقريبًا، إلا أنها عانت بشكل كبير خلال سنواتها الأولى.
احتاجت غوغل ست سنوات تقريبًا حتى تمكّنت من تحقيق أرقام كبيرة وأرباح تُساعدها في البقاء على القمّة، ففي عام 2004، العام الذي شهد طرح أسهمها في سوق الأوراق المالية، بدأت الإعلانات تأتي بثمارها، فخلال النصف الثاني من 2003 بلغ صافي الأرباح 47 مليون دولار أمريكي تقريبًا، ليتضاعف الرقم إلى 143 مليون دولار في النصف الأول من 2004، وهذا قبل دخول سوق الأوراق المالية الذي جرى في أغسطس/آب من نفس العام.
ولم تكن شركة غوغل الوحيدة التي تُقاتل في العالم التقني، فأسماء كبيرة كانت موجودة منها ياهو ومايكروسوفت، إضافة إلى شركة أمازون التي بدأت في مرآب ”جيف بيزوس“ Jeff Bezos عام 1994. مع حلول 1996، وصلت مبيعات أمازون إلى 16 مليون دولار أمريكي تقريبًا، ثم إلى 148 مليون دولار في العام الذي تلاه.
أرقام أماوزن السابقة لم تكن كافية لمنعها من الخسارة، ولا حتى مبيعاتها التي بلغت 1.6 مليار دولار أمريكي في 1999، العام الذي سجّلت فيه أيضًا خسائر وصلت إلى 719 مليون دولار. ومع انفجار فقاعة الإنترنت مع بداية الألفيّة الجديدة، ظنّ البعض أن أيام ”بيزوس“ وشركته شارفت على الانتهاء، لتبدأ خطواته لإصلاح المسيرة عبر تسريح مجموعة كبيرة من الموظّفين لتقليل التكاليف، الأمر الذي أثمر في 2003، العام الذي كشفت فيه أمازون عن أول ربع مالي بأرباح مالية، وهذا بعد تسع سنوات منذ تأسيسها.
الشركة لم تستمر على نفس المسار طوال الوقت، فهي عادت لتسجيل خسائر في بعض الأرباع المالية، وأرباح في أرباع مالية أُخرى. لكنها بشكل عام نجحت في تجاوز جميع المحن لتُسجّل في الربع الأخير من 2017 صافي أرباح وصل إلى 1.9 مليار دولار أمريكي.
فيسبوك وتيسلا
احتاج ”مارك زوكربيرغ“ إلى خمسة أعوام تقريبًا لتحقيق أول أرباح شبكته الاجتماعية التي تأسّست في فبراير/شباط 2004، ليُعلن عن أول دخل إيجابي في الربع الأخير من 2009 مع وصول عدد مُستخدميها في ذلك الوقت إلى 300 مليون مُستخدم، وهذا أيضًا بفضل نظام الإعلانات الجديد الذي بدأت بإطلاقه، فالشركات أصبحت قادرة على وضع إعلانات تدفع المُستخدم للتفاعل معها كتقييم مُنتج أو الإجابة على سؤال ما باختيار أحد الإجابات.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن فيسبوك حصلت على أول استثماراتها منذ إطلاقها عام 2004 بعدما ضخّ ”بيتر ثيل“ Peter Thiel، أحد مؤسّسي ”باي بال“ PayPal، مبلغًا وقدره 500 مليون دولار أمريكي.
وعلى الرغم من الأرباح الكبيرة التي كشفت عنها فيسبوك في الربع الأخير من 2017 والتي تجاوزت حاجز الـ 4 مليار دولار أمريكي، إلا أن أحد تطبيقاتها الفرعية مثل ”واتس آب“ على سبيل المثال ما زال بدون نموذج ربحي واضح، فبداياته كانت عبر اشتراك وقدره دولار أمريكي يُدفع لمرّة واحدة بعد انقضاء أول عام، وهو نموذج تُقدّر عائداته بـ 300 مليون دولار أمريكي فقط. ولعدم وجود إعلانات، العائدات المالية شبه معدومة باستثناء بعض الاتفاقيات مع مزوّدات خدمة الاتصالات هنا وهناك، دون نسيان إمكانية تقديم أدوات حصرية للشركات عبر تطبيقها الجديد، ”واتس آب الشركات“ WhatsApp For Business.
واستمرارًا مع المجال التقني بعيدًا عن عالم التطبيقات، تظهر شركة ”تيسلا“ المُطوّرة للسيّارات الكهربائية كنموذج مُختلف، وهي الشركة التي تأسّست عام 2003 والتي استثمر فيها ”إيلون موسك“ (Elon Musk) في 2004.
حصلت الشركة على قرض بقيمة 465 مليون دولار أمريكي هيئة الطاقة الأمريكية في 2009، لكن هذا لم يمنعها من الخسارة المُستمرّة حتى عام 2013 تقريبًا، أي بعد عقد كامل منذ تأسيسها مُحقّقة دخل صافي بقية 11 مليون دولار أمريكي تقريبًا، لتتأرجح بعد ذلك بين أرباح وخسائر إلى أن تمكّنت من إثبات نفسها كواحدة من الشركات الكُبرى التي يُمكن الاعتماد عليها.
قائمة الشركات التقنية الكُبرى وتأخّرها في تحقيق الأرباح طويلة جدًا، لكنها تُعطي فكرة واسعة عن ضرورة انتظار وقت طويل للبدء في تحقيق عائدات ماديّة تُساعد الشركة على الاستمرار والاستثمار الذاتي، وبالتالي تحقيق نمو في الضرائب والالتزامات التي تُقدّمها للدولة لرفد الاقتصاد المحلّي قدر الإمكان. كما أن النموذج السابق ليس على المستوى العالمي فقط، فشركة زين على سبيل المثال أعلنت في 2017 عن تحقيق أول أرباحها الصافية بقيمة 3.2 مليون دولار أمريكي، وهذا بعد عشر سنوات تقريبًا منذ تأسيسها.