حتى لا تقع ضحيّة الذكاء الصُنعي وتخسر وظيفتك بسببه
بدأت الكثير من الدراسات والأبحاث تتناول موضوع الذكاء الصُنعي من زاوية أُخرى بعيدة عن القفزات التقنية الذي حقّقها في الآونة الأخيرة، وذلك بالتركيز على خطورة ذكاء الآلة على الإنسان من جهة، وعلى مُستقبله المهني من جهة أُخرى.
وبالأرقام، فإن أمازون تُعتبر من أبرز الشركات في هذا المجال بسبب الثورة التي حقّقتها عبر أليكسا وأجهزة إيكو. إلا أن ذلك التفوّق جاء على حساب عوامل أُخرى من أبرزها فرص العمل، فأتمتة جزء كبير من المهام والاعتماد على الذكاء الصُنعي ساهم بحسب دراسات في القضاء على أكثر من 150 ألف فرصة عمل، مع خفض الرواتب أيضًا في بعض القطّاعات، الأمر الذي أبقى العاملين فيها دون لا حول ولا قوّة، ولعل فضيحتها الأخلاقية الأخيرة خير مثال على الأثر التدريجي لذكاء الآلة.
ما سبق يؤكّد أن هناك خطر لخسارة فرص العمل بسبب الآلة، لكن هناك بعض الخطوات أو الأفكار التي يُمكن للأفراد القيام بها أملًا في المُساهمة في المُستقبل والحصول على دور حتى مع وجود ذكاء الآلة والاعتماد عليه.
ذكاء مبني على الإنسان
أصبحت تطبيقات الذكاء الصُنعي المُختلفة قادرة على التفوّق على الإنسان في الكثير من المجالات منها الطبّي، ومنها الرياضي والفكري أيضًا. إلا أن مُعظم الشركات وعندما تبدأ بتطوير برمجية جديدة تأخذ بعين الاعتبار دماغ الإنسان وآلية تفكيره وتبني كل شيء بناء على ذلك.
تسعى مُعظم الشركات لمُحاكاة دماغ الإنسان في آلية تعلّمه للبيانات الجديدة، وآلية تحليل ما يراه أو ما يسمعه، ليتفوّق فيما بعد على مستوى ذكاء الإنسان لملامسة طموحات لم يكن البشر قادرين عليها كفهم الثقوب السوداء، أو العثور على علاج لمرض السرطان. هذا يعني أن لخبرات الإنسان دور أساسي في المُستقبل لتسريع تطوّر الآلة.
إتقان اللغة الإنكليزية
يُمكن اعتبار الخطوة الأولى للحصول على دور في مُستقبل تُسيطر فيه الآلة هو تعلّم اللغة الإنكليزية وإتقانها، وهذا لفهم الأبحاث والدراسات التي تُنشر حول هذه المواضيع، فالجهود العربية للترجمة أيًا كان حجمها لن تكفي أبدًا لنقل المعلومة. وبالتالي، فإن تعلّم اللغة الإنكليزية للانخراط مع فرق العمل المُتخصّصة في هذا المجال أمر مطلوب جدًا.
مع تعلّم الإنكليزية والتعاون مع فرق عمل في مجال الذكاء الصُنعي، ستزداد الخبرات العملية لدى العرب لنقلها لاحقًا بعد تعلّمها من مصادرها الرئيسية، وإلا سنبقى خارج اللعبة والسباق.
تقرّب من الذكاء الصُنعي
بالعودة إلى الفقرة السابقة، وتحديدًا “الانخراط مع فرق العمل المُتخصّصة في هذا المجال”، فإن أي شخص بإمكانه بالفعل الانخراط مع فرق العمل المُختلفة بعد التقرّب من الذكاء الصُنعي وفهمه بالشكل الأمثل.
لم تتمكّن آبل من تطوير مُستشعرات للتعرّف على الوجه دون التعاون مع باحثين وخُبراء في مجال إنشاء الأقنعة. كما لم تنجح قوقل في تطوير مُحرك بحثها دون التعاون مع عُلماء في اللغة لتحليل الجملة. نفس الأمر ينطبق على جميع تطبيقات الذكاء الأُخرى، أو التطبيقات التقنية بشكل عام. لن تتمكّن شركة ما من تطوير مُستشعر للكشف عن السرطان دون فهم ماهية الخليّة السرطانية واختلافها مع بقيّة الخلايا. ولن تتمكّن أُخرى من تطوير برمجية ذكية للترجمة الفورية دون التعاون مع خُبراء اللغات والترجمة لفهم تركيب اللغات المُختلفة.
قائمة الأمثلة طويلة جدًا، لكن إذا كنت أستاذ لتعليم اللغة على سبيل المثال، احرص على التعمّق قليلًا لفهم الفرق بين الذاكرة قصيرة وطويلة المدى، إضافة إلى كيف يحدث الفهم والحفظ عند الإنسان. بعدها ابحث عن الدراسات التي تُشاركها شركات مثل قوقل حول الآلية التي اتّبعتها لتعليم مُساعدها الرقمي لغات جديدة. من هنا، ومع مرور الوقت، ستزداد خبرتك في هذا المجال الذي ستتوجّه له الكثير من الشركات خلال الأعوام القادمة. عندها، وفي حالة امتلاكك لخبرات في مجال ما، مع خبرات أُخرى في مجال ذكاء الآلة، قد تكون قادر على تأمين وظيفة حتى مع سيطرة الآلة.
في النهاية، مهنة مثل مُهندس الصوت تُعطي مثال واضح عن آلية الحفاظ على فرص العمل حتى مع وصول ثورة الحاسب. ففي السابق، كان العازفون الوسيلة الوحيدة لتسجيل الأغاني والآلات. لكن ومع قدوم الحاسب، أصبح قادرًا على توليد نفس تلك الأصوات ليجد الكثير من العازفين أنفسهم دون وظيفة. مُهندس الصوت بدوره هو ذلك الشخص الذي يفهم صوت الآلات الطبيعي، ويفهم طريقة التعامل معها داخل الحاسب، ليجمع بين شقّين ويؤمّن نفسه من تلك الثورة.