هل أخفقت فيسبوك في مجال الذكاء الصُنعي؟
خاض “مارك زوكربيرغ” في 2016 تحدّيًا من نوع خاص بعدما أعلن مع نهاية 2015 أنه سيتفرّغ لبناء مُساعد رقمي يسمح له التحكّم بمنزله بشكل كامل عبر الأوامر الصوتية، وعبر تطبيق خاص بالهواتف الذكية، وهو مساعد حمل اسم Jarvis شارك “زوكربيرغ” تفاصيله التقنية مع نهاية 2016.
وبناءً على ما سبق، توقّع البعض أن مستوى الذكاء الصُنعي في شبكة فيسبوك سيزداد بشكل ملحوظ، فمهارات رئيسها التنفيذي مكّنته من بناء مساعد رقمي من الصفر، وهذا يعني أن تخصيص فريق كامل لتلك التقنيات سيؤدّي لطفرات كبيرة في هذا المجال. لكن الواقع كان عكس ذلك تمامًا منذ تلك الحقبة.
شهدت شبكة فيسبوك مع نهاية 2016 واحدة من أكبر الكوارث الإلكترونية التي ساهمت في تغيير وإثارة الرأي العام، وذلك بعد العثور على تدخّل روسي في نتائج الانتخابات الأمريكية بدأ في شبكة فيسبوك، وذلك عبر حملات إعلانية استهدفت شريحة مُعيّنة من المواطنين في أمريكا لدفعهم على التصويت للرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.
وبعد الانشغال في 2017 بتلك القضيّة التي كان مصدرها خوارزميات الذكاء الصُنعي التي ساهمت بنشر الأخبار الكاذبة دون التأكّد من صحّتها، بدأت فيسبوك 2018 بمجموعة من البيانات الصحفية المُتتالية التي تستهدف تطبيقاتها الذكية، لتُعلن أولًا عن إيقاف مُساعدها الرقمي “إم” M، الذي بدأت العمل على تطويره منذ 2015. بعدها بأيام قليلة، خرجت الشبكة لتُعلن عن قسم جديد للأخبار المحليّة داخل التطبيق، وهو قسم يعرض أخبارًا تم اختيارها بالتنسيق بين الخوارزميات وفريق من المُحرّرين، لتتخلّى بذلك عن تلك الخوارزميات الذكية التي كانت مسؤولة عن اختيار أبرز الأخبار لعرضها للمستخدم.
ولم تنتهي إعلانات فيسبوك عند هذا الحد، فـ “زوكربيرغ” خرج ليؤكّد عن تغييرات جذرية في طريقة عرض المواضيع داخل فيسبوك وذلك بتعديل خوارزميات آخر المشاركات News Feed، لتُركّز على مشاركات الأصدقاء عوضًا عن المشاركات التي تنشرها الصفحات والحسابات العامّة، والتي غطّت على مشاركات العائلة والأصدقاء في السابق.
وبعد تلك التصريحات والخطوات المُفاجئة، خرج المسؤول عن قسم المحادثات الفورية في فيسبوك ليُعلن أن الشركة بصدد إجراء تغييرات جديدة لتبسيط تجربة الاستخدام التي تعقّدت بعد سلسلة كبيرة من الميّزات، والتي كان من بينها البرمجيات الذكية Bots التي كانت تهدف لمُساعدة المُستخدمين ولعرض الاقتراحات أثناء تبادل الرسائل.
جميع تلك الأدوات كانت تعتمد بشكل أو بآخر على الذكاء الصُنعي وعلى تعلّم الآلة لمساعدة تنظيم المحتوى الظاهر للمُستخدم، إلا أنها في كل مرّة تُركت دون تدخّل بشري أدّت لكارثة أو إلى مشاكل ونتائج لا يرغب أحد بالوصول إليها، خصوصًا التأثير النفسي السلبي لمشاركات فيسبوك على المُستخدمين الذي أشارت له بعض الدراسات. وهذا يعني من زاوية أُخرى أن جهود فيسبوك في مجال ذكاء الآلة لم تكن في مكانها الصحيح، أو على الأقل، لم تخرج بالنتائج المرجوّة.
في 2018، وبعد كل تلك التعديلات، هل ستتفادى فيسبوك تلك الإحراجات؟ أم أنها ستعود من جديد للإخفاق لأن خوارزمياتها الذكية لم تُتقن حتى الآن الطبيعة البشرية وآلية تعاملها مع الأحداث.