بعد أن تغلبت البيانات المُتنقلة على الخدمات الصوتية، كيف يُمكن لشركات الاتصالات الحفاظ على ربحيتهم ؟
تشغل “رافية إبراهيم” منصب رئيس شركة إريكسون لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا منذ شهر أبريل من العام 2017، وكانت إبراهيم، والتي تُعد واحدة من أبرز السيدات العاملات بمناصب إدارية كُبرى في المنطقة بعد أن حصدت جائزة أفضل سيدة تشغل منصب رئيس تنفيذي لعام ٢٠١٧ في منطقة الشرق الأوسط، قد عملت مع الشركة على مدار الأعوام الثمانية عشر الماضية.
تجدر الإشارة الى أن شركة “إريكسون” تُعد شريكا حيويا للكثير من مُشغلي شبكات الهواتف المحمولة في المنطقة في مجال تنصيب وتطوير البنية التحتية الخاصة بتلك الشبكات وإضافة دعم تقنيات الجيل الخامس الى الشبكات الحالية الخاصة بهؤلاء المُشغلين.
ويُشير أحدث تقرير من إريكسون حول الإتصالت المتنقلة (Mobility Report) الى أنه من المتوقع أن تُسجل الإشتراكات الأولى في خدمات الجيل الخامس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الفترة الممتدة من العام 2020 إلى العام 2022، إلى حوالي 17 مليون مشترك بحلول العام 2023. كما يذكر التقرير أن الجيل الخامس سيكون تقنية هامة في تطوير الرقمنة الصناعية، على الرغم من أن إنترنت الأشياء لا يزال في مراحله الأولى في معظم أنحاء المنطقة، ولا تزال هناك أمثلة عن كيفية مساعدته بالفعل على تحسين سبل عيش مجتمعات وصناعات الشرق الأوسط.
في الحوار التالي تتحدث “إبراهيم” عن الدور الذي يُنتظر أن تلعبه التقنيات الجديدة لشبكات الهواتف المحمولة، وبخاصة تقنيات الجيل الخامس، في تحقيق إستخدامات جديدة ومُبتكرة، ومصادر دخل إضافية مُستحدثة لصالح مُشغلي شبكات وخدمات الهواتف المحمولة في المنطقة.
توقعات بمُستقبل هائل للجيل الخامس في المنطقة
في حين لم يبدأ بعد التحول التقني نحو تقنيات الجيل الخامس في المنطقة، إلا أن شركة “إريكسون” تتطلع الى مساعدة المشغلين مُستقبلا على تقديم تكنولوجيا الجيل الخامس، بالإضافة الى مُساعدتهم حاليا على تحقيق دخل إضافي من شبكات الجيل الرابع 4G القائمة. وبهذا الصدد كانت الشركة قد وقعت مؤخرا إتفاقات عديدة مع مُشغلين في المنطقة من بينهم “موبايلي” في السعودية و “إتصالات” في مصر لتحديث وتوسيع الشبكات الأساسية وأنظمة دعم الأعمال.
وفي دول أُخرى مثل تركيا، كانت مبادرات الزراعة الذكية مستمرة منذ العام 2011، وهناك مبادرات مماثلة جارية الآن في أجزاء من أفريقيا. وتقوم السوق السعودية باستكشاف الرصد عن بعد لآبار النفط وإتاحة شبكات مؤقتة في حالات الكوارث. وفي جنوب أفريقيا، يجري إدخال تكنولوجيا النطاق الضيق – إنترنت الأشياء لمعالجة قطاع المرافق، مما يتيح أدوات لكفاءة الطاقة مثل العدادات الذكية. و تقول “إبراهيم” “هذه التقنيات ستفتح مصادر دخل جديدة نتيجة للصناعة الرقمية وسوف تحسن مستويات المعيشة فى هذه الدول”.
تقنيات الدفع الإلكتروني: أفق جديد للخدمات السحابية
في معرض جيتكس 2017 في دبي، دخلت اريكسون في شراكة مع شركة الإتصالات المتكاملة في الإمارات العربية “دو” لاستكشاف طرق جديدة لتوفير منصة سحابية للشركات في ما يخص الفوترة الرقمية المرنة. بعض زبائن دو هم شركات في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها. الفوترة المرنة سوف تساعد “دو” على توفير تلك الخدمات الرقمية السحابية لعملائها.
وشرحت رافية:” سوف يكون هناك أيضا وسيلة أكثر مثالية لاستخدام التكنولوجيا اذ ان تكنولوجيا السحابة أسرع وقابلة للتوسيع”، “هذا هو ما نريده لـ “دو”: خدمات أفضل لعملائها وتحسين وصولهم إلى السوق، وأيضا وصول دو لمجموعة واسعة من الشركات”.
وتتوقع اريكسون 29 مليار جهاز متصل بالإنترنت بحلول العام 2022، منها حوالي 18 مليار جهاز من فئة أجهزة إنترنت الأشياء، لذلك يتحرك العديد من مشغلي الاتصالات بعيدا عن مصادر إيرادات الاتصالات التقليدية ويتجهون الى توليد دخل إضافي من خلال تقديم خدمات سحابية. وتعمل اريكسون على المُساعدة على إتمام هذا التحول من خلال تقديم خدمات مثل خدمات الفوترة السحابية وغيرها من خدمات الدفع الرقمي والخدمات السحابية.
وتقول رافية، “نحن ننظر إلى المجالات التي يمكننا أن ندعمها وهذه المناطق هي جزء من خطة نشارك بالفعل فيها”، إنها طريقة محسنة للعمل يمكن أن نقدمها أو عمليات جديدة تستخدم نفس التكنولوجيات التي كنا ننتشرها. هذا هو المكان الذي نرى أنفسنا فيه “إضافة قيمة لعملائنا الحاليين”.
خدمات البيانات هي مُستقبل الشبكات المحمولة في المنطقة
يُنتظر أن تزيد اشتراكات الهواتف الذكية في المنطقة من 670 مليون إلى 1.510 مليون في السنوات الخمس المقبلة، كما سيتضاعف مقدار تبادل البيانات لكل هاتف ذكي نشط ست مرات تقريبا، من 2.2 جيجابايت / شهر إلى 12 جيجابايت / شهر. وفي حين تُمثل حركة البيانات المتنقلة في المنطقة حاليا 83 في المائة من إجمالي حركة الاتصالات المتنقلة، فمن المتوقع أن تزيد إلى 98 في المائة بحلول العام 2023، مما يجعلها أكثر انسجاما مع المتوسط العالمي. وهو ما يتطلب من المشغلين التوصل إلى استراتيجيات فعالة للإستخدام الأمثل للشبكات وتحقيق الإستفادة المُثلى منها.
وقالت رافية إن المشغلين في المنطقة “حريصون جدا على فهم كيفية التطورنحو الجيل الخامس، ويريدون معرفة ما إذا كان بإمكانهم استخدام شبكة الجيل الرابع الحالية للانتقال إلى الجيل الخامس من خلال اتخاذ الخطوات اللازمة دون الاستثمار بكثافة”. “هذا هو جزء واحد من عملائنا، وسوف نستمر في تثقيفهم على الطرق التي تمكنهم من البدء في عملية التطور دون استثمار أكثر مما يحتاجون إليه”.
ثم هناك شريحة من العملاء الذين دخلوا للتو في 4G. إن ما يحتاجون إلى القيام به، وفقا لرفيا، هو تحسين شبكاتهم بشكل أفضل لضمان أن يكون لديهم أفضل شبكة أداء لجذب أنواع مختلفة من المستخدمين لديهم، والتي يمكن أن يكون الشباب، عملاء من الشركات، وما إلى ذلك، وجميع الذين يحتاجون إلى أنواع مختلفة من خطط البيانات.
الجزء الأخير من العملاء هم أولئك الذين لا يزالون في نطاق الجيل الثالث. وقالت رافية إن هؤلاء هم المشغلون، الذين يتخذون من أفريقيا مقرا لهم، هم يحتاجون إلى نشر المزيد من التكنولوجيا. الجيل الثالث يُستخدم على نطاق واسع في أفريقيا للبيانات ولذلك فإن دور إريكسون هو تقديم أفضل السبل لضمان أن المشغلين يمكنهم توفير الجيل الثالث على نطاق واسع دون التعويض عن جودة الصوت، لأن الصوت مهم أيضا في أفريقيا.
وأضافت رافية: “إن تركيزي في العام 2018 هو التأكد من أننا نولي الاهتمام الصحيح لأنواع العملاء الثلاثة التي لدينا اليوم”. “نحن ندعم المشغلين في جميع أنحاء المنطقة في مختلف مراحل تطور الشبكة مما يتيح اداء أفضل للشبكات وتجربة عملاء متمايزة”.
مُشغلي الشبكات المحمولة في المنطقة: لا يوجد سيناريو واحد مُناسب للجميع
وفقا لإريكسون، منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا منطقة متنوعة ومشغلو الاتصالات فيها يعتمدون استراتيجيات مختلفة للنمو. وبسبب هذا التنوع، يحتاج المشغلون إلى خارطة طريق لتطورالتكنولوجيا،إلى جانب استراتيجية مخصصة لتحقيق القيمة المُثلى من النظام الحالي.
تعترف اريكسون بالتحديات التي تواجه المشغلين، وتقلص مصادر الإيرادات التقليدية، ولذلك يجري استكشاف مصادر جديدة للإيرادات. ومع أن العالم أصبح أكثر ارتباطا، فإن الصناعات تشهد تحولا مدفوعا بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مما يخلق فرصا جديدة لإيرادات مشغلي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومن المتوقع أن تصل الإيرادات التراكمية في الشرق الأوسط وأفريقيا إلى 242 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2026.
إن إدخال الجيل الخامس سيكون تقنية مهمة في تطوير الرقمنة الصناعية، وفقا لإريكسون، وخاصة بالنسبة لحالات الاستخدام التي تعتمد النطاق المنخفض للغاية وموثوقية عالية. ولكن ليس كل المشغلين في الشرق الأوسط وأفريقيا على نفس المستوى. على سبيل المثال، لا يزال العراق يقتصر على الجيل الثالث ، في حين أن الإمارات تتطلع إلى تقديم الجيل الخامس في الوقت المناسب لمعرض اكسبو 2020.
وقالت رافية: “بالنسبة للمشغل الأكبر، فإنه من الأسهل بالنسبة لنا الانتقال إلى منصة مختلفة، مثل السحابة، والعثور على نماذج أعمال مختلفة، لأن هذه هي الطريقة التي يمكن أن نتحرك بها إلى الأمام”. “الشركات الأخرى الأصغر تريد نفس الشيء، ولكن على نطاق مختلف، كما انهم يبحثون عن نماذج أعمال جديدة. وبالنسبة لإريكسون، علينا أن نكون قادرين على التكيف مع متطلبات المشغلين بشكل أسرع “.
وقد وقعت اريكسون مذكرات تفاهم مع بعض المشغلين المتطورين في المنطقة، حيث تركز هذه المذكرات حول تقاسم أفضل حالات الإستخدام وقالت رافية إن بعض حالات الاستخدام ستكون أكثر ملاءمة لبعض المشغلين وليس بالضروري ذلك بالنسبة للآخرين.
الطريقة الوحيدة لتحديد حالات الاستخدام المناسبة لمشغلين معينين هي فهم نقاط القوة التي يتمتعون بها، لأنه في كل بلد يمكن أن يكون مختلفا. في تركيا، على سبيل المثال، يمكن أن تكون الزراعة قضية استخدام مهمة، ولكن ليس كثيرا بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يمكن أن تكون الروبوتات أكثر أهمية.
وقالت “اننا نناقش مع المشغلين فى هذه المنطقة ما اذا كانوا قادرين على تحقيق دخل من بعض حالات الاستخدام، واذا ما قالوا انهم يستطيعون ذلك، فسنتمكن من العمل على جعل الانتشار حقيقة واقعة”.
وفقاً لإريكسون: لقد أصبح توفير تجربة جيدة للمستخدم من الاختلافات الهامة لمشغلي شبكات الهاتف النقال في المنطقة، وهذا ما له تأثير على ولاء المشتركين وكفاءة المشغلين. ويركز المشغلون على الحفاظ على كفاءة أداء الشبكات مع توليد أفضل عائد ممكن، وتعمل إريكسون على توفير ذلك للمُشغلين.