آبل والابتعاد عن التقنية للاقتراب من جيوب المستخدمين
لا تُخيّب شركة آبل الظنون عندما يتعلّق الأمر بإثارة الجدل والمبالغة في وصف أجهزتها الجديدة عند تسويقها، فأي شخص معزول عن الواقع يُشاهد مؤتمر لشركة آبل يعتقد أن 99.9٪ مما يتم الكشف عنه خلال المؤتمر هو من ابتكار الشركة ولم يسبق لنا -كمتابعين- رؤيته قبل ذلك.
لكن آبل، أو أي شركة أُخرى، وطريقة تسويقها لأجهزتها أمر مفتوح ولا يُمكن التحكّم به، فشركة هواوي مثلًا سخرت أكثر من مرّة من منتجات آبل ومؤخّرًا من معالجات الشركة وحديثها عن الذكاء الصُنعي باعتبار أن مُعالجها “كيرين 970” المستخدم في “ميت 10 برو” Mate 10 Pro يُقدّم مستوى ذكاء غير مسبوق يتفوّق حتى على الموجود في iOS 11 وA11 Bionic.
بالعودة إلى صلب الموضوع، فإن آبل قدّمت خلال السنوات الثلاثة الأخيرة مجموعة من الأجهزة التي أثارت الجدل تتمثّل بساعة آبل الذكية Apple Watch وسمّاعاتها اللاسلكية AirPods وأخيرًا هواتف “آيفون إكس” iPhone X.
يُمكن انتقاد كل جهاز بأكثر من طريقة، فساعة آبل تأتي بتصميم مُربّع عكس بقيّة الساعات التقليدية والذكية التي تأتي بتصميم دائري، وهو الطبيعي أو الذي اعتدنا عليه كمُستهلكين. أما سمّاعات آبل اللاسلكية فشكلها أو تصميمها لم يرق للبعض على الرغم من كمّية التقنيات الموجودة فيها، فوجود بروز أزعج البعض واعتبره قصور في التصميم، أو إهمال للتفاصيل التي دائمًا ما يتحدّث “جوني إيف” Jonny Ive عنها.
هواتف “آيفون إكس” هي الأُخرى نالت نصيبها من الانتقادات بسبب وجود نتوء في الشاشة في قسمها العلوي، وهذا أمر لم يتقبّله البعض لأن الشاشة أصبحت مُقسّمة في الأعلى. كما أن التطبيقات والصور ومقاطع الفيديو ستظهر مع اقتطاع جزء منها، الأمر الذي جلب سيل من السُخرية منذ أن كشفت الشركة عن الجهاز.
قد تبدو تلك الأمور سقطات مُتتالية لشركة بحجم آبل التي بدأت تفقد بريقها على حد تعبير البعض، لكن هل بالفعل عجزت الشركة عن ابتكار تصاميم أُخرى لجميع تلك الأجهزة؟ وفي حالة إفلاس طاقمها الحالي، هل ستعجز عن جذب وتوظيف أبرز العقول في مجال التصميم والهندسة الصناعية؟
من وجهة نظر شخصية، ومنطقية بشكل أو بآخر، لا فآبل لديها من الموارد ما يكفي لتوظيف عشرات المُصمّمين أو للاستعانة بأكثر من شركة للوصول إلى نتائج تُرضي فيها نسبة أكبر من تلك التي تُرضيها حاليًا. لكن ما يدور في خاطر الشركة يختلف قليلًا لأكثر من غاية.
بالنظر إلى الصورتين في الأعلى يُمكن أن تتّضح الفكرة بشكل أوسع، فطريقة ظهور آيقونة الهاتف في ساعة آبل الذكية تختلف من آيفون العادي، 8 وما قبله، إلى “آيفون إكس”، وهذا عن طريق النتوء الموجود في الشاشة. لو تخيّلنا أن آبل عالجت هذا النتوء وقدّمت جهاز بوجه أمامي بشاشة فقط فهي ستقع في فخ تصميم هواتف “إل جي” Q6 دون أدنى شك، وهي هواتف بوجه أمامي يحتوي على شاشة فقط دون أزرار أو أي شيء آخر.
فلنتجاهل النتوء ونُركّز على سمّاعات آبل الذكية التي تحتوي على قسم طويل يخرج من الأذن، هل هذا التصميم الأوحد أو هل انتهت أفكار تصميم السمّاعات اللاسلكية؟ بكل تأكيد لا، لكن غاية آبل فيها تمامًا مثل غايتها في تصميم ساعاتها الذكية بشكل مُربّع وهي التميّز، وهنا لا نتحدث عن تميّزها هي، بل عن تميّز مُستخدمها، أو الشعور بالتميّز الذي سيشعر به من يقوم بشراء شركة آبل.
يُمكن تجاهل الأمثلة السابقة والنظر إلى الأحذية وتحديدًا تلك التي تُنتجها شركة “نايكي” Nike، خصوصًا تلك العادية التي تُلبس بشكل يومي. كانت علامة الشركة التجارية توضع في الخلف في نسبة كبيرة من الأحذية، لكنها مؤخرًا ذهبت لفكرة وضع الشعار بحجم كبير على الحذاء وبشكل بارز وواضح، لماذا؟ لأن التصميم لوحده لم يعد يكفي وتحتاج لإبراز شيء يعكس هوّيتها.
في السابق اتبعت آبل، وغيرها من الشركات، نفس المفهوم، أي وضع الشعار على الجهاز بشكل واضح. لكنه وفي الوقت الراهن لم يعد يكفي ويجب تقديم ما هو أكثر من ذلك لدفع الجميع على الشراء. وبمراجعة تاريخها في الحواسب مثلًا فإن التصميم هو أبرز ما دفع الجميع للشراء، الأمر الذي عادت لتوليه قدر كبير من الأهمّية حاليًا، صحيح أنه قد لا يُعجب الجميع، لكنه قادر على الأقل على منحهم شعور بالتميّز وإرضاء الذات.
?