لماذا وقع اختيار غوغل على “إتش تي سي” وليس على سامسونج؟
بدأ الزج باسم سامسونج في المُهاترات الأخيرة الطافية في الشبكات الاجتماعية، وهذه المرّة لم يكن السبب آبل أو هواتف آيفون، بل غوغل وصفقة الاستحواذ على 2000 مُهندس من شركة “إتش تي سي” HTC التايوانية، إذ يرى البعض أن هذا إثبات على فشل الشركة الكورية الجنوبية لعدم اعتماد غوغل عليها منذ 2012 تقريبًا.
صفقة غوغل و”إتش تي سي” لها أسباب كثيرة أوّلها تراجع حصّة الشركة التايوانية كثيرًا في السوق لنسبة لا تتجاوز 0.9٪، وبالتالي تحتاج لمن يُنقذها، لتأتي غوغل وتتصرّف بحكمة، فشراء شركة تتراجع حصّتها السوقية لن يؤدي لعودتها مُستفيدة من دروس سابقة في مُقدّمتها مبلغ 12.5 مليار الذي دفعته للاستحواذ على موتورولا في 2011. إلا أن ضخ مبلغ مالي فيها لقاء الحصول على خدمات مُعيّنة قد يفي بالغرض.
وبالفعل، دفعت غوغل 1.1 مليار دولار فقط للحصول على 2000 مُهندس من العاملين في الشركة التايوانية الذين سبق لهم العمل مع غوغل على تطوير هواتفها الجديدة بيكسل و”بيكسل إكس إل” الصادرة في 2016، وبيكسل 2 الذي سيصدر قريبًا. أي أنها قامت بالتعاقد مع بعض المُتخصّصين الذين سبق لهم إثبات جدارتهم على مدى السنوات الماضية أملًا في الخروج بأجهزة جديدة تُلبّي احتياجات غوغل وتُخرج أندرويد بأفضل أداء مُمكن.
هذا من جهة، لكن هناك أسباب أُخرى لا علاقة لشركة “إتش تي سي” بها تمنع غوغل وسامسونج من العودة للتعاون معًا على الرغم من قوّة الشركة الكورية الجنوبية في الأعوام الأخيرة.
أولًا، لا تُعتبر سامسونج من مُحبّي غوغل كثيرًا وهذا بسبب نظام أندرويد وكثرة التحكّم به وتطبيقات غوغل التي يجب أن تكون موجودة، وهذا نوع من الاحتكار حاولت سامسونج التخلّص منه عبر تطوير ودعم نظام تايزن Tizen، وهذا واضح في ساعاتها الذكية التي تعتمد عليه ولا تقترب من نظام أندرويد وير إلا فيما ندر.
وبعيدًا عن العلاقات الشخصية فإن سامسونج أصبحت كيان تقني يسير لوحده بقوّة؛ فبالنظر إلى أداء الشركة الكوريّة في سوق الأوراق المالية منذ نهاية 2016، التي شهدت مشاكل في نوت 7 وسحبه بالكامل من السوق، واستمرارًا حتى الأشهر الأخيرة من 2017، الفترة التي شهدت كذلك مشاكل قضائية مع أحد مسؤوليها وحبسه بسبب التلاعب والتزوير، يُمكن رصد سهم الشركة الصاعد نحو الأعلى والذي لم يتأثّر أبدًا وكأن شيئًا لم يكن.
تلك القوّة تأتي بسبب سيطرة سامسونج على إنتاج الشرائح الإلكترونية على صعيد العالم، وهنا الحديث عن شرائح التخزين الموجودة في مُعظم الأجهزة، الأمر الذي جعلها تتفوّق على إنتل لتُصبح أكبر مُصنّعي الشرائح الإلكترونية حول العالم. ولا يختلف الوضع أبدًا عند الحديث عن الشاشات، فهي تمتلك حصّة 90٪ تقريبًا في سوق شاشات “أوليد” OLED على مستوى العالم.
بالنسبة لسامسونج تلك نقاط قوّة، لكنها أيضًا نقاط ضعف بالنسبة لشركة غوغل التي قد تجد نفسها بحاجة لدفع عشرات الأضعاف لو رغبت في التعاقد مع مُهندسين من الشركة الكورية الجنوبية، هذا لو وافقت على هذا الأمر خصوصًا أن غوغل تخوض بجدّية في مجال إنتاج الأجهزة الذكية مؤخرًا، الأمر الذي يعني مُنافسة مع سامسونج، ومع بقيّة الشركات بطبيعة الحال.