بعد موجة الأخبار الكاذبة، خوارزميات فيسبوك تخدع نفسها بنفسها وهذه المرّة بتفعيل خاصيّة التأكد من السلامة
يبدو أن هذا العام لن يمر مرور الكرام على مُهندسي فيسبوك والمُبرمجين المسؤولين عن تطوير الخوارزميات داخل الموقع، فمع بداية الجولة الأخيرة للانتخابات الأمريكية، روّجت فيسبوك لمجموعة كبيرة من الأخبار الكاذبة التي أدّت إلى مجموعة من التساؤلات حول مدى مصداقية الشبكة والمحتوى الذي تقوم بتقديمه.
وما أن هدأت موجة السخط العالمية ضد الأخبار الكاذبة، حتى كررت الخوارزميات خطأها لكن هذه المرّة بتفعيل خاصيّة التأكد من السلامة Safety Check في تايلاند مُعلنة وجود انفجار في مدينة بانكوك Bangkok، دون أن يكون هناك أي شيء أبدًا، وهو أمر سلّط الضوء من جديد على جديّة فيسبوك في تطوير الخوارزميات وأنظمة الذكاء الاصطناعي AI داخل الشبكة الاجتماعية.
فيسبوك في شهر نوفمبر/تشرين الثاني أعلنت أن خوارزميات الموقع ستكون مسؤولة عن تفعيل خاصيّة التأكد من السلامة، وأن العاملين فيها لن يتدخّلوا في تفعيلها أبدًا. ولإتمام هذه العملية تقوم الخوارزميات بفحص المحتوى الذي يقوم المستخدمون بمشاركته بكثرة خلال فترة زمنية قصيرة، حيث يكون التركيز أولًا على العنوان والمحتوى لإيجاد كلمات مفتاحية مثل انفجار، أو عملية إرهابية، أو زلزال على سبيل المثال لا الحصر، التي تستوجب بشكل فوري تفعيل الخاصيّة. إضافة إلى ذلك، يتم التأكد من مصداقية الأخبار من خلال الروابط، فإعادة مشاركة خبر مكتوب في موقع “زيد.كوم” لن يكون كافيًا -بالنسبة لخوارزميات فيسبوك- لتفعيل هذه الميّزة.
لكن وما حصل يوم أمس عند تفعيل التأكد من السلامة في تايلاند لا يدل أبدًا أن الخوارزميات تعمل بشكل صحيح، فعندما ظهرت الميّزة للمستخدمين في تايلاند، أرفقت فيسبوك مجموعة من الروابط للأخبار التي تتحدث عن الانفجار. الغريب في الأمر أن هذه الأخبار منشورة في مواقع لا تتمتع بمصداقية كبيرة أو ليست مصادر بحجم CNN أو BBC على سبيل المثال لا الحصر لكي يؤخذ بها دون التأكّد من صحتها. كما لوحظ أيضًا وجود كلمة BBC داخل عنوان أحد الأخبار، وهو ما شجّع الخوارزميات على تفعيل الميّزة على الرغم من عدم وجود الخبر على موقع BBC من الأساس.
ما سبق يُمكن وضعه في كفّة لوحده، لكن الآتي يزيد موقف فيسبوك سوء، فالخبر المنشور أو الذي قام بعض المستخدمين بإعادة نشره يعود لانفجار حصل عام 2015 في مدينة بانكوك، وبالتالي من المفترض أن تكون الخوارزميات على علم بأنه خبر قديم خصوصًا أن وكالات أنباء عالمية لم تتحدث عنه أبدًا. المشكلة ليست هنا، لكن تصريح المُتحدث باسم فيسبوك بعد هذا الخطأ التقني غير مفهوم أبدًا.
تعليق فيسبوك على المسألة كان لموقع The Verge العالمي حيث قال المُتحدث إن خاصيّة التأكد من السلامة تم تفعيلها اليوم في تايلاند بعد حصول انفجار. ومثلما هو الحال في جميع المرّات السابقة التي قامت فيسبوك بتفعيل ميّزة التأكد من السلامة فيها، فإن فيسبوك تعتمد على جهات خارجية للتأكد من صحّة الأخبار قبل تفعيل الميّزة على الموقع.
فيسبوك تعتمد على مصادر خارجية لتأكيد صحّة الأخبار، وعندما تؤكد تلك المصادر الخبر يتم تفعيل الميّزة بشكل فوري. وهنا يكمن السؤال حول مدى مصداقية فيسبوك في القيام بمثل هذه الخطوة أولًا؟ أو بمدى أهلية تلك المصادر للاعتماد عليها خصوصًا أنها فشلت في متابعة صحّة خبر الانفجار وهو ما أدى إلى لجوء الحكومة التايلاندية إلى موقع تويتر لتكذيب الخبر وتهدئة المواطنين الذين لم يرصدوا أي شيء على أرض الواقع.
الشبكة الاجتماعية أعلنت مؤخرًا عن خططها للحد من الأخبار الكاذبة التي تضمّنت التعاقد مع جهات خارجية من أجل التأكد من صحّة الأخبار عند نشرها على الموقع لتقيمها ومعرفة فيما إذا كانت مُجرد تلفيق أم أنها تعتمد على مصادر حقيقة لرفع تقييمها وظهورها داخل الموقع. وبالتالي وإذا ما كانت هذه الجهات نفس تلك الجهات التي أكّدت خبر الانفجار في بانكوك، فإن الأخبار الكاذبة ستستمر في الظهور في فيسبوك لفترة طويلة من الزمن، هذا على اعتبار أن الشبكة لم تكن لها يد أبدًا في الانتخابات والأخبار المُزيّفة التي عصفت وقتها، وأن الأمر كُله ناجم عن خطأ من الخوارزميات فقط!