مُستقبل الأجهزة الذكية مع المُتصفحات Browsers، وليس مع التطبيقات
تحدثت سابقًا عن التغييرات التي حصلت في سوق الأجهزة الذكية وتحديدًا تطبيقاتها التي تُشكل عنصرًا أساسيًا ساهم لفترة طويلة بنجاح تلك الأجهزة وأنظمة تشغيلها أيضًا. وباختصار، سوف يكون التركيز على التطبيقات المُصغّرة Micro Apps أو التي تُعرف باسم Bots والتي تعمل داخل بعض التطبيقات مثل فيسبوك مسنجر، وبالتالي يقضي المستخدم حوائجه أثناء إجراء المحادثات دون مغادرة التطبيق، وهذا الكلام ينطبق أيضًا على تطبيقات مثل تيليجرام Telegram للمحادثات الفورية، وخدمة iMessage الموجودة داخل نظام iOS من شركة آبل.
إلا أن تلك التطبيقات المُصغّرة ليست الصيحة الجديدة الوحيدة، بل هناك صيحة أُخرى لا تتطلب الكثير من التغييرات على العناصر الموجودة حاليًا، والتي في نفس الوقت نستخدمها بشكل يومي ونقضي جُل وقتنا بداخلها أيضًا.
المتصفحات Browsers جزء لا يتجزء أبدًا من التطبيقات اليومية التي نلجأ إليها، والتي نقضي وقت طويل جدًا بداخلها، فبالنسبة لنا هي عبارة عن مساحة كبيرة لعرض المحتوى، يعلوها شريط العنوان أو البحث، وأسفلها أزرار الرجوع للخلف أو حفظ الصفحة بالمفضلة Bookmarks أو Favourite كما يحلوا لمايكروسوفت تسميّتها. لكن العلامة الفارقة لا تكمن في اسم المتصفح، فهنا الحديث ليس فقط عن سفاري، أو جوجل كروم، أو أوبيرا Opera، أو فايرفوكس، بل هناك مُتصفحات بتجربة استخدام أفضل تواكب العصر الاجتماعي الذي نعيشه حاليًا.
فيسبوك، أو توتير، أو واتس آب WhatsApp، ما هي إلا أمثلة على المُتصفحات الجديدة التي تُسيطر على الويب في يومنا الحالي، فكثيرًا ما تظهر لنا روابط لأخبار أو مقالات نقوم بالضغط عليها لقراءتها بشكل فوري من داخل التطبيق دون الحاجة لمغادرة التطبيق أبدًا. وتتميّز هذه المتصفحات بكونها هي من تُقدّم المحتوى لنا، ففي السابق كنا كمستخدمين بحاجة للبحث عن الروابط أو زيارة كل موقع لوحده للوصول إلى رابط جديد، لكن الآن وأثناء تصفح الشريط الزمني Timeline تظهر روابط تقترحها فيسبوك مثلًا، أو روابط قام الأصدقاء بمشاركتها أو تسجيل إعجابهم بها، وبالتالي المُحتوى أصبح مُقارب جدًا للذوق العام للمُستخدم.
هذا الأمر ينطبق أيضًا على تطبيقات المحادثات الفورية مثل واتس آب أو تيليجرام التي أصبحت هي الأُخرى وسيلة لمشاركة الروابط مع وجود مُتصفح مُدمج بداخلها يسمح لنا بقراءة كل شيء دون مغادرة التطبيق. بعض الدراسات أكّدت أن المستخدم في أمريكا وصل إلى مرحلة لا يقوم فيها بتثبيت أي تطبيق جديد خلال الشهر، أي أن مُعدّل تحميله للتطبيقات يُقارب الصفر، لكنه شيء مُبرر بسبب إمكانية الوصول إلى جميع الروابط عبر الشبكات الاجتماعية عوضًا عن تثبيت تطبيق لكل موقع.
جميع ما سبق يشمل موضوع قراءة الأخبار أو المقالات، أو الوصول إلى بعض الروابط التي تُفيد في العمل عند استخدام تطبيق مثل Slack الذي يوفر منصّة للتواصل بين أعضاء فرق العمل، لكن الإنترنت أكبر من ذلك!
هذه التفكير صحيح 100٪، وهنا يأتي دور الصيحة الأولى التي تحدثنا عليها وهي التطبيقات المُصغّرة. فمثلًا وللاستماع للموسيقى يمكن للمستخدم التوجه إلى تطبيق سبوتيفاي Spotify على سبيل المثال لا الحصر للوصول إلى محتوى جديد أو تشغيل المحتوى المُفضّل، لكن وباستخدام التطبيقات المُصغّرة يمكن إتمام هذه العملية من داخل فيسبوك مسنجر. هذا ليس كل شيء، فهناك Bots على تيليجرام تسمح للمستخدم بتشغيل الموسيقى دون كتابة أي شيء، فالتطبيق يقوم بعرض الخيارات لتشغيل ما يُفضّله المستخدم، مع وجود خوارزميات للتعلم الذاتي، وبالتالي وعند الرغبة في سماع الموسيقى من جديد، لن يحتاج المستخدم إلى القيام بأي شيء أبدًا.
باختصار، الويب أو صفحات الإنترنت كانت وما تزال الوجهة الأكثر أهمية على جميع الأجهزة، فلم تعد أنظمة تشغيل مثل أندرويد أو iOS تمتلك تلك الأهمية أمام شبكة الويب التي تُعتبر نظام التشغيل الأمثل والأكثر شمولية.
هذا بدوره لا يعني أبدًا أن التطبيقات الموجهة لنظام التشغيل بدون أهمية، فللوصول إلى المحتوى نحتاج إلى تثبيت فيسبوك، أو واتس آب، أو تيليجرام وسلاك. لكن الحاجة إلى تطبيق مُنفصل تبقى في الأدوات التي تتطلب بالفعل معالجة أمور مُعقّدة مثل إجراء اتصالات مرئية بين المُستخدمين، أو إرسال صور ومقاطع فيديو مثلما هو الحال في سناب شات Snpachat، لكن الوظائف الأكثر شيوعًا يمكن أن تتم عبر المُتصفح نفسه خصوصًا في ظل ثورة الاتصالات التي تطوّرت في جميع أنحاء العالم تقريبًا.
لا حرمنا الله من مقالاتكم الرائعة