بعدما سيطرت على الإنترنت في يوم من الأيام، ما الذي حدث لشركة ياهو
لم يكن يتخيّل كل من Jerry Yang وDavid Filo أثناء دراستهم في جامعة ستانفورد العريقة أن فكرتهم عام 1994 سوف تتحول إلى شركة ناشئة وتحصل على أرباح تصل إلى ملياري دولار أمريكي لتُصبح واحدة من أنجح الشركات في مجال المُحتوى الإلكتروني، بل ولم يتصوّروا أن تنموا هذه الشركة خلال خمسة أعوام لتصل أرباحها إلى 140 مليار دولار أمريكي في عام 2000.
David وJerry هم القائمون على موقع ياهو العالمي والذين وضعوا فكرته الأساسية أثناء دراستهم في الجامعة لتتحول هذه الفكرة فيما بعد إلى مشروع العمر الذي حمل في طيّاته الكثير من المراحل المُتقلّبة.
لم تكن ياهو الوحيدة في ذلك الوقت، فبعد عام واحد من الإنطلاق الرسمي ظهرت منافسات كثيرة منها Altavista أو Excite، وهي مواقع ومُحركات بحث حاولت منافسة ياهو لكنها فشلت في ذلك خصوصًا بعد انفجار فقاعة الإنترنت internet boom في عام 2000 التي أودت بحياة الكثير من الشركات منها eToys على سبيل المثال لا الحصر.
فقاعة الإنترنت حصلت بسبب النمو الاقتصادي الكبير الذي حصل في سوق الإنترنت والمواقع الإلكترونية، فجميع الشركات دون استثناء توجهت للاستثمار فيه بشكل مجنون – وشركة ياهو واحدة منهم للأسف – وفي ليلة وضحاها تغيّر كل شيء وهوت مؤشرات الأسهم دافعة قيمة ياهو إلى 11 مليار دولار أمريكي فقط مع حلول 2002، لكن هذا لن يمنع صمود الشركة بوجه العاصفة وأثبتت قوّتها بشكل أو بآخر.
لكن وكما يُقال تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فعلى الرغم من صمود ياهو في وجه التيّار إلا أن هذه الفترة شهدت ولادة عملاق جديد حمل اسم جوجل الذي اعتمد على نتائج بحث ياهو في البداية؛ أي أن ياهو سمحت لجوجل في استخدام نتائج البحث دون مشاكل.
ولم تتوقف مُلاطفة ياهو لجوجل عند هذا الحد، بل حاولت ياهو الاستحواذ على جوجل مقابل 3 مليار دولار عام 2002، وهو عرض رفضته جوجل بشدّة مع الاستمرار في الاعتماد على نتائج البحث !
ياهو تنبّهت إلى أهمية البحث وعملت على تطوير خوارزميات البحث الخاصّة بها لتتحول إلى استخدام عناكب لأرشفة الويب بعدما كانت مُتخصصة بأرشفة مُحتوى مُحدد، وهُنا أقدمت على خطأ كبير لمقارعة جوجل التي ضربت بقوة منذ البداية.
حاولت ياهو الصمود في وجه جوجل ووجه صيحة الشبكات الاجتماعية في ذلك الوقت٬ لكنها للأسف اتبعت نفس السياسة منذ اليوم الأول؛ أي شيء جديد وغريب نقوم بالاستحواذ عليه وهو خطأ وقعت به قُبيل فقاعة الإنترنت وبعدها أيضًا.
انتهجت الشركة سياسة أكل المُنافسين المُحتملين والمشاريع الطامحة قبل أن تُهددها وعملت على استحواذ على مواقع مثل Geocities الشهير، دون نسيان قصّة موقع مكتوب الذي دُفن ودفن معه الكثير من المشاريع العربية الرائدة دون سابق إنذار.
مايكروسوفت سعت في ٢٠٠٨ إلى الاستحواذ على ياهو أيضًا لمنافسة جوجل ووضعت ٤٥ مليار دولار تقريبًا على الطاولة٬ إلا أن الرئيس التنفيذي لياهو في ذلك الوقت سعى بكل ما يملك إلى إقناع المُستثمرين بعدم البيع، وهو ما حصل بالفعل وفشلت الصفقة التي كانت من المُمكن أن تُغيّر النهاية السوداء التي حصلت قبيل أيام قليلة.
خلال هذه الأعوام لم تفلح ياهو سوى بشيئين فقط٬ الاستمرار في سياسة الاستحواذ٬ وتبديل المُدراء التنفيذين حيث توقفت عجلة التغيير عند ماريسا ماير Marissa mayer التي عملت في جوجل لفترة طويلة وحصدت خبرة كبيرة في هذا المجال.
استلمت ماريسا إدارة ياهو عام ٢٠١٢ حاملة آمال المُستثمرين أولًا وعُشاق جوجل أيضًا٬ وحاولت منذ اللحظة الأولى تغيير كل شيء ومعالجة المشاكل الواحدة تلو الأُخرى٬ لكن يبدو أن العدوى أصابتها هي الأُخرى وأجرت تقريبًا ٥٣ عملية استحواذ بمبلغ وصل إلى ٣ مليار دولار أمريكي تقريبًا.
فليكر Flickr، وتمبلر Tumblr، وعلي بابا Alibaba هي الأمثلة الوحيدة على الاستثمارات والاستحواذات التي عادت بالنفع على الشركة٬ لكن غير ذلك لا يوجد شيء يُذكر وبالتالي بقي الوضع على حاله حتى في عهد ماريسا التي رأى البعض فيها الأمل الأخير لإنقاذ إرث ياهو التي كانت في يوم من الأيام العملاق الرقمي على الإنترنت.
جميع الشركات التقنية دون استثناء تسعى إلى الاستحواذ على شركات ثانية٬ فجوجل٬ وفيسبوك٬ وآبل أو مايكروسوفت ليست باستثناء أبدًا٬ لكنها في نفس الوقت شركات تُركّز على الابتكار والأبحاث في حين أن ياهو لم تبذل الجهد المطلوب وظّنت أن الاستحواذ يكفي.
لم تبتكر ياهو كثيرًا وبالتالي خسرت الرهان في ظل الشبكات الاجتماعية وبزوغ عصر الأجهزة الذكية وتطبيقاتها٬ بل حتى وصلت متأخرة إلى هذه الأجهزة ولم تُطوّر تطبيقاتها إلا في العامين الأخيرين تقريبًا٬ وهي خطوة لم تشفع لها لأن الكلمة العُليا كانت لجوجل أولًا٬ والكثير من المُطورين الذين قدّموا حلولًا رائعة قضت على أحلام ماريسا والعاملين معها بشكل كامل.
ياهو بيعت تقريبًا بمبلغ يصل إلى ٥ مليارات دولار أمريكي، وهو رقم أقل بـ ٣٧ مليار دولار عن الرقم الذي عرضته مايكروسوفت٬ ولولا الاستثمار في علي بابا وقيمة الأسهم المُرتفعة هناك لكانت الشركة في خبر كان وما كنا لنسمع عن خبر الاستحواذ أبدًا.
الدرس أو الخلاصة من قصّة ياهو يُمكن اختصاره بالآتي : قد تمتلك الشركة المال لشراء منُافسين أو الاستثمار فيهم٬ لكن عدم التعلّم والاستفادة من هذه الخطوات وعدم وجود رؤوية واضحة وابحاث مُستمرة سوف يقضي بكل تأكيد على أي شركة. وفي النهاية لن يغفر العرب أبدًا دفن مكتوب وخدماته التي استحوذ عليها من مُنتديات حملت في طيّاتها الكثير من المعلومات والمُحتوى العربي الرائع.
الشركة زبدتها استحواذ لتبحث عن مخرج ما
ولكن الشركة تأخرت كثيرة خاصة مع ازدهار شركة قوقل ومدونات وورد بريس طغت على تمبلر !!!
وقل الاعتماد عليها مؤخراً كثيرا !