اليوتيوب ؛ منصة استخراج إبداعات البشر
اليوتيوب، لا ندري هل نسميه شبكة اجتماعية أم منصة للنشر المرئي أم مستودع لحفظ أحداث البشر وإبداعاتهم، انه فعلاً ثورة تقنية في حد ذاته، كل ما تريده سوف تجده هناك، يتشكل كيفما تريد وعلى أي صورة تهوى، ان كنت تريد المواعض والدروس الدينية فسوف تجد الكثير، وإن كنت تريد العلم والمعرفة فهنالك الكثير، وإن كنت تريد التسلية والضحك فحدث ولا حرج، انت فقط ادخل على اليوتيوب بأي صورة وسوف تجد انعكاس تلك الصورة عليه.
لقد ألهم اليوتويب ولازال يلهم المبدعين من جنس البشر بأن ينتجوا الفيديوهات المميزة والمؤثرة، في شتى المجالات، أن يوصلوا رسائلهم من خلال الشاشة وعبر الصورة المتحركة إلى جمهور كبير وضخم، فلم يعد من الغريب أن تنتشر بعض الفديوهات وتصل إلى عدة ملايين من المشاهدات خلال يوم أو يومين، تلك الأرقام الهائلة تحت كل فيديو تعبر عن بشر حقيقيين، ليست أرقام وهمية.
الواعظ الحزين
صليت في إحدى الليالي الدافئة في أحد الجوامع الغائرة في عمق أحد الأحياء القديمة، انتهي الإمام من أداء الصلاة وبعدها توجه تلقاء جموع المصلين القلائل وبدأ في سرد درس ذلك اليوم، لم يكن هنالك الكثير في المسجد، لكن رغم ذلك انصرف المصلون واحداً تلو الآخر حتى بقيت أنا وطفلين، فاستحيت أن اقوم من ذلك المجلس ولم يبقى أحد سواي، وعلى الرغم من ذلك بدأ الواعظ في سرد موعظته غير مكترث بمن بقى وبمن رحل.
في تلك اللحظة، سرحت بخيالي إلى عالم اليوتيوب، إلى تلك الأرقام تحت كل فيديو، تلك الآلاف المؤلفة والملايين، كيف يمكن الوصول إلى عدد كبير من أبناء البشر وإيصال الرسالة إليهم بكل بساطة، أدركت حينها أن التأثير الحقيقي اصبح هناك، في ذلك الفضاء السيبيري، وأن الدروس والمواضع في المساجد لم يعد لها تأثير كبير في حياة الناس مثلما كانت في السابق.
الإبداع شرط أساسي
نعم هو شرط أساسي للانتشار في عالم اليوتيوب، لا يكفي أن تقدم درساً قيماً أو تتحدث عن معلومات مهمة بدون أي لمسات إبداعية أو مؤثرات بصرية، قد يرى البعض أن الإتيان بأفكار جديدة أمر صعب لكن الشيء المؤكد أن الإبداع لا حدود له، يمكن دائماً الإتيان بالجديد أو إضافة الجديد إلى الموجود.
عندما يكون الفيديو مميزاً وفيه لمسات خاصة من الإبداع والتشويق، حينها يجد طريقه بنفسه للإنتشار، قد يحتاج صاحب الفيديو إلى إعطاءه دفعة بسيطة في البداية والباقي سيتولاه المشاهدون أنفسهم، لأن المحتوى المميز يحفز المستخدمين على نشره بأنفسهم ومشاركته بين أصدقائهم عبر الشبكات الاجتماعية، فهو ينتشر بشكل تلقائي بحسب مستوى التميز والإبداع فيه.
الدافع الحقيقي
هنالك دوافع كثيرة لمبدعي اليوتيوب لإنتاج فيديوهات مميزة ونشرها عبر اليوتيوب، أهمها الحصول على عائد مادي، فكما نعلم أن اليوتيوب لديها برنامج الشراكة الذي من خلاله يمكن إتاحة عرض الإعلانات على الفيديو وبجانبه وتقاسم العائد المادي بين صاحب القناة واليوتيوب نفسه، هذا الأمر شجع ويشجع اليوتيوبرز على الإبداع أكثر كي تنتشر فيديوهاتهم أكثر ويكون العائد المادي أكبر.
قد تستغرب عندما تعرف أن تلك الإعلانات التي قد تزعجك أثناء مشاهدة الفيديوهات هي سبب استمرار العطاء والإبداع فأنت كمستخدم عادي تشاهد مالذ لك وطاب من الفيديوهات في شتى المجالات دون أن تدفع أية مبالغ أو تبذل أي عناء، والكثير من تلك الفيديوهات الممتعة والمفيدة ماكانت لتظهر على سطح اليوتيوب لولا وجود النظام الإعلاني الذي يشجع المبدعين على الإستمرار في الإنتاج.
النسخ واللصق من جديد
لازلنا للأسف نعاني من عادة النسخ واللصق في المحتوى الرقمي العربي، حتى موقع اليوتيوب لم ينجو من هذا الأمر، حيث ظهرت في الفترة الأخيرة العديد من القنوات التي تقوم بسرقة الفيديوهات الأجنبية المميزة ثم تعيد نشرها بعد تغيير إسمها إلى العربية، ثم تحصد نتائج باهرة وانتشاراً واسعاً بين المستخدمين العرب على حساب مجهود الآخرين.
تخيل كم يبذل المبدع من الجهد والوقت وأحياناً المال في سبيل إنتاج الفيديو، ثم يقوم غيره بسرقة مجهوده ببساطة ثم كسب ملايين المشاهدات بكل بساطة وجني بعض الأموال من وراء تلك الفيديوهات التي لا يملكها، إنه أمر بغيض وعادى سيئة يجب علينا التوعية ضدها حتى نشجع الإبداع وندعم المبدعين.
وفي الأخير، يبقى هذا العصر الذي نعيش فيه عصر مميز فعلاً، قفزة كبيرة في حياة البشرية لم تشهد لها مثيل، الصعود نحو الأعلى سريع ومهيب، لا ندري أين سنصل ولا ماهي المحطات القادمة، لكن كما يبدو أن القادم أجمل، والله يعلم الغيب وحده، ماعلينا إلا الإستمرار والنضال حتى آخر نفس في الحياة.
تضايقني جدا قضية النسخ و اللصق و السرقة عند العرب
لا يوجد أي إحترام لتعب الأخرين
وظاهر السرقة هذه تضر المحتوى العربي في الإنترنت