مقالات

آبل لم تُقايض خصوصية مُستخدميها مُقابل تطوير سيري Siri وتطبيقاتها الذكية

تحدّثت في مجموعة من المقالات السابقة كثيرًا عن موضوع الذكاء الصنعي والمُساعدات الرقمية التي أطلقتها شركة أمازون قبل عامين تقريبًا، والتي وضعت جوجل رسميًا حجر الأساس للجيل الثاني منها بُعيد إطلاق Google Assistant إلى جانب شركة Viv التي استعراضت مُساعدها الرقمي الجديد.

ولكي نُزيل الغموض هُنا، يُمكن اعتبار الجيل الأول من المُساعدات الرقمية ينحصر في سيري Siri من آبل، جوجل ناو Google Now، بالإضافة إلى كورتانا Cortana من مايكروسوفت، فهذه المُساعدات تتلقى أوامر صوتية من المُستخدم وتقوم بتنفيذها بشكل فوري ومُنفصل، أي أن العلاقة بين الأمر والآخر أو السؤال والآخر تكاد تكون معدومة.

الجيل الثاني جاء بقوّة أكبر، وهو بكل تأكيد امتداد للجيل الأول حيث أصبحت المُساعدات الرقمية قادرة على فهم الأسئلة المُركّبة والربط بين الأسئلة المُختلفة التي يطرحها المُستخدم لتنفيذ أمر مُعيّن.

ولا يُمكن اعتبار تفوّق جوجل، مايكروسوفت، فيسبوك، أو حتى Viv في هذا المجال نتيجة لقصور في إمكانيات مُهندسي آبل، بل يأتي هذا بسبب بعض القيود الموجودة داخل الشركة، والتي تحدّثت عنها في مقالة بعنوان ” سيري قد لا تستطيع مجاراة Google Assistant في المستقبل ”.

تتميّز شركات مثل جوجل أو فيسبوك بوجود بنود ضمن اتفاقيات الاستخدام تسمح لها بجمع معلومات المُستخدمين لاستخدامها في أغراض البحث وتحسين الخدمات، حيث تقوم فيسبوك على سبيل المثال في تتبع نشاط المُستخدم حتى بعد مُغادرة الموقع من أجل معرفة العمليات التي يقوم بها وعرض إعلانات أكثر واقعية وفائدة، وهذا النوع من المُمارسات ممنوع في شركة آبل حسب سياسة مجلس الإدارة فيها.

apple-wwdc-differential-privacy-20160613-2697

ولأن هذه المُساعدات الرقمية تعتمد على الذكاء الصنعي وتعلّم الآلة ذاتيًا، فهي تحتاج إلى كميّة كبيرة من البيانات لتحليلها والتعلّم منها، وهو ما يتوفر تقريبًا في جميع الشركات باستثناء آبل التي تعتني بالخصوصية بصورة أكبر من الجميع.

لكن الشركة الأمريكية لم تقف مكتوفة الأيدي أبدًا في هذا المجال، وردّت على جميع المُشككين والذي قالوا أنها لن تستطيع مُجاراة الصيحة الرقمية الحالية بسبب عدم وجود كميّة كافية من البيانات بين أيديها، على الرغم من عدد مُستخدمي أجهزتها الذكية الكبير والذي يتجاوز المليار مُستخدم.

خلال مؤتمر الشركة الأخير، الذي عُقد في الثالث عشر من شهر يونيو/حزيران الجاري، كشفت آبل عن مجموعة من الأدوات الذكية داخل أنظمة تشغيلها الأربعة، آي أو إس iOS وماك أو إس macOS ووتش أو إس watchOS وأخيرًا تي في أو إس tvOS، وكان تركيز الشركة على سيري التي فُتحت لأول مرّة أمام المُطورين حيث أصبح بإمكانهم استخدام واجهات برمجية تسمح لسيري بالتواصل مع تطبيقاتهم وتنفيذ مهام بداخلها من خلال أوامر صوتية؛ يُمكن مثلًا إخبار سيري بإرسال رسالة باستخدام تطبيق فيسبوك مسنجر إلى صديق ما دون الحاجة إلى فتح التطبيق أو حتى كتابة الرسالة بشكل يدوي.

وإلى جانب الكشف عن تحديثات سيري، تحدّثت الشركة عن جهودها الرامية إلى زيادة مُستوى الذكاء داخل مُساعدها الشخصي المتوفر داخل جميع أجهزتها دون استثناء، وهذا يعني بشكل أو بآخر أن الشركة موجودة بقوّة في مجال الذكاء الصنعي وتعلّم الآلة ذاتيًا، لكنه في نفس الوقت يُناقض قوانين الشركة الصارمة التي تمنع جمع بيانات المُستخدمين !

حافظت آبل على مبدأ خصوصية بيانات المُستخدمين في خطوتها الجديدة، ولهذا السبب لجأت إلى استخدام مفهوم الخصوصية التفاضلية differential privacy، وهو مفهوم تقني يهدف إلى الحصول على بيانات ذات قيمة من مجموعة كبيرة من البيانات، لكن دون معرفة مصدر هذه البيانات. بمعنى أدق، تخيّل وجود جدول يحتوي على عمليات البحث التي يقوم بها المُستخدمين على الإنترنت، ونريد أن نحصل على هذه العمليات دون معرفة المُستخدم الذي يقوم بها. هُنا يأتي دور الخصوصية التفاضلية التي تسمح للخوارزميات بجلب عمليات البحث التي قد تصل إلى مليار عملية لكن دون المساس بخصوصية المُستخدم أبدًا.

قد يبدو المفهوم السابق بسيط جدًا وهو يُستخدم بشكل أساسي في البيانات الكبيرة، لكن ولجلب بيانات من بين مجموعة هائلة من السجلات بشكل أعمى ودون الاقتراب من بيانات شخصية يُصبح أمر مُعقد جدًا، ولهذا السبب وجد هذا المفهوم.

ما ستقوم به آبل من أجل حماية بيانات مُستخدميها سوف يكون على الشكل الآتي، عندما يقوم المُستخدم بأي عملية – وليكن أمر صوتي مع سيري على سبيل المثال – يتم إضافة مجموعة من البيانات العشوائية لتغليف هذا الطلب ويتم إرسال هذه الحزمة إلى خوادم آبل التي بدورها تُضيف طبقة أُخرى من البيانات العشوائية لزيادة كميّة البيانات وعدم السماح لخوارزمياتها بجمع معلومات شخصية بسهولة، بعدها وبتطبيق مفهوم الخصوصية التفاضلية تبدأ الخوارزميات بالبحث داخل الحزمة لاستخراج البيانات المُرسلة فقط وإهمال أي نوع آخر من البيانات، وهذا يعني إهمال البيانات العشوائية بالإضافة إلى أي بيانات ثانية ارُفقت مع الحزمة المُرسلة.

آبل تبدو واثقة جدًا من استخدام هذا المفهوم، لكن بعض الأبحاث الصادرة قبل سنوات أفادت أن استخدام الخصوصية التفاضلية سوف يؤدي إلى احتمالين فقط، الأول نتائج خاطئة 100% بس إضافة بيانات عشوائية على البيانات الأساسية، والاحتمال الثاني أن تكون هذه الخطوة عديمة الجدوى في الحفاظ على الخصوصية.

جوجل ومايكروسوفت تحدثوا قبل فترة عن استخدام هذا المفهوم في بعض التطبيقات لمُشاهدة النتائج عن قرب والتأكد من جدوى استخدام هذا المفهوم، وبالتالي اعتقد أن شركة آبل قامت بتجارب كثيرة قبل تبنّيه بشكل أساسي في خدماتها التي تعتمد على بيانات المُستخدمين للتعلّم بشكل ذاتي.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. اعتقد ان ابل ستقوم بمسايرة جوجل في هذا المجال حتى لا تخسر المعركة فالذكاء الصناعي بات حاجة ملحة ولكن كما هي العادة مع تضخيم اعلامي كبير لكل وظيفة تضيفها حتى لو كانت صغيرة
    بعد مشاهدتي لمؤتمر ابل ايقنت ان سياستها تقوم باخذ كل ما هو ناجح من الشركات الاخرى او من تطبيقات المتجر مع اعادة تلميعها واعطاء اسم مميز … على سبيل المثال لا الحصر
    Parking location
    Raise to wake
    Photo memories

  2. اوافقك الرأي بشدة ف ابل افضل شركة في هذا المجال
    وعلى ذكر ون بلس كم اتمنى ان ارى منتجاتها هي وشركة شومي في الدول العربية

  3. اعتقد أن منتجات ون بلس تتوفر في المملكة العربية السعودية٬ الإمارات بالإضافة إلى الكويت والبحرين على حسب ما أذكر٬ لكن شومي بالفعل غير متوفرة كثيرًا.
    يُمكنك الاطلاع داخل سوق.كوم فهو من المتاجر التي تسعى إلي إضافة هذه الأجهزة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى