هل فعلاً نعيش فترة احتضار المنتديات العربية ؟
لقد عاشت المنتديات العربية عصراً ذهبياً لا مثيل له، تنوعت في مجالاتها وتسابقت لكسب أعضائها، وانتشرت في فترة من الفترات حتى كانت الملاذ الوحيد تقريباً للمستخدم العربي، الملاذ الرقمي الذي من خلاله يمكنه التعبير عن رأيه ومناقشة آراء الآخرين، لكن ماذا حل بها الآن ولماذا بَهُتَ بريقها، أهي تحتضر؟ ومن هو السبب الأول في خفوت شمسها، أهي الشبكات الاجتماعية؟ دعونا نقضي بعض الدقائق في التحليل والتفكير لندرك واقع المنتديات العربية اليوم.
بزوغ عصر للمنتديات العربية
قمنا بعمل بحث سريع عبر موقع أرشيف، الموقع المتخصص في أرشفة مواقع الانترنت، لنعرف متى كانت بداية انطلاق بعض المنتديات العربية المشهورة، من أجل تقدير الفترة الزمنية التي يمكن اعتبارها فترة بزوغ عصر المنتديات العربية، وكانت هذه هي النتيجة:
- سوالف سوفت: 1999
- منتديات لكِ: 2000
- ستار تايمز: 2001
- شبكة الإقلاع: 2000
- منتديات المشاغب: 2002
- اقلاع سوفت: 2003
يمكن اعتبار الفترة بين عامي 2000 و 2002 فترة بزوغ فجر المنتديات العربية، كانت فكرة جديدة، فكرة السماح للزائر أن يكتب ويشارك ويناقش، بل ان مفهوم الانترنت وعالم الويب كانت في أصلها جديدة على المستخدم العربي، فلقد دخل الويب العالم العربي قبل الألفية بسنوات قليلة، لذلك كانت المنتديات نقلة سريعة وطفرة نوعية جديرة بالاهتمام.
بدأت المنتديات تحصد الكثير من الشهرة في وقت قصير، وتدفق الاعضاء الجدد على تلك المنتديات للتسجيل فيها وفي وقت قصير أصبحت تلك الساحات مليئة بالنقاشات الحية والتفاعل الكبير للمواضيع والردود.
فترة ازدهار المنتديات العربية
كتب أحد الأعضاء القداما في منتديات سوالف سوفت، موضوعاً جديدا تحت عنوان (خمس عشرة عاماً … ايه يا دنيا)
لقد دخل بالصدفة إلى أروقة المنتدى الذي يحمل في دهاليزه اجمل ذكرياته، لقد كان من المسجلين في 2001، فعلاً انه عمر طويل.
لقد استفاد الأعضاء بوجود ساحات كثيرة لطرح الأفكار ومشاركة الفوائد، وأصبح الويب العربي يزخر بالكثير من المواضيع والمقالات المفيدة ، أو حتى الأسئلة التي طرحها أعضاء وأجاب عنها آخرون، واستفاد كذلك أصحاب تلك المنتديات وخاصة الكبيرة والمشهورة بأن وفرت لهم مصدراً للدخل والرزق عن طريق الاعلانات، واستفاد أيضاً طرف ثالث هو مطوروا المنتديات أنفسهم، وكذلك المصممين العرب والمبرمجين المتخصصين في قولبة تلك الأنظمة والتعديل عليها شكلاً وعملاً.
فترة النسخ واللصق
تلك الطفرة الكبيرة للمنتديات العربية أدت إلى نشوء أعداد كبيرة من المنتديات في كل المجالات، سواءً مجالات تخصصية أو حسب المناطق الجغرافية مثل منتديات العشائر والقبائل والدول، ثم تخصصت أكثر لتشمل الفئات الصغيرة مثل طلبة الجامعات، ولقد كانت فكرة إمكانية الكسب المادي من خلال الاعلانات أحد الأسباب التي أدت إلى حمى التسابق في انشاء المنتديات.
ثم بدأت عادة النسخ واللصق، تلك العادة التي أضعفت المحتوى العربية على الانترنت، فلقد ظهر جيل جديد من أصحاب المنتديات الذين لم يكن همهم إلا كسب الأعضاء وكسب المال بأي طريقة كانت، وفي المقابل ظهر الأشخاص المستعدون لنسخ أي كمية من المواضيع ونشر أي كمية من الردود المعلبة بمقابل مالي بسيط.
عادة النسخ واللصق أدت بقوقل إلى أن يفرض سياسات جديدة في مسألة تقييم المحتوى وترتيب نتائج البحث، فهو لم يعد يحب المحتوى المكرر، ولذلك أصبحت فيما بعد تلك المنتديات الممتلئة بالمحتوى المنسوخ مهملة في نتائج بحث قوقل ولم تعد تكسب الكثير من الزوار، فضعفت واضمحلت ثم أغلق الكثير منها.
بقيت تلك المنتديات القديمة والعريقة والمميزة صامدة أمام التحديثات والتغييرات، أصبحت بعض المنتيدات كبيرة جداً وفعالة إلى درجة حفزت بعض الشركات الرقمية لشراءها والاستحواذ عليها، اتحدث هنا عن شركة مكتوب عندما استحوذت على بعض المنتديات العربية العملاقة مثل منتديات الدي في دي العربي والعرب المسافرون وماجده وغيرها، هذا الاستحواذ الذي ادى فيما بعد إلى حذف تلك المنتديات بما فيها من محتوى هائل تعود ملكيته لملايين الأعضاء الذي ساهموا في كتابته، أدى إلى عزوف الكثير من المستخدمين عن المنتديات وخاصة عندما بدأت فترة التدوين تزدهر.
بزوغ عصر التدوين
للأسف لم يُقَدّر أصحاب كثير من المنتديات ذلك المحتوى الهائل ولا قدّروا الأعضاء الذين شاركوا في بناء ونماء تلك المنتديات بإبداعاتهم الكتابية، لقد تعاملوا مع المواضيع والمقالات كأنها ملكهم وأن من حقهم أن يعملو بها ما يشاءون، فترى البعض يضع الكثير من الاعلانات داخل محتوى تلك المقالات، وقد يتفاجأ الأعضاء بإغلاق بعض المنتديات ابوابها وحذف جميع صفحاتها ويضيع كل المحتوى في غمضة عين.
تلك الأسباب وغيرها أدت إلى عزوف بعض جمهور تلك المنتديات وتوجههم إلى بناء مساحاتهم الخاصة على شبكة الانترنت سواءً عبر المدونات أو عبر المواقع الشخصية، كي تصبح كتاباتهم ملكاً لهم بشكل فعلي، لا يستطيع أي شخص التحكم بها.
أصبحت العملية سهلة، انشاء مدونة جديدة لا يتطلب أي خبرة برمجية، هنالك خدمات جاهزة ومجانية من خلالها يمكن بناء المدونات وتعديل التصميم بما يناسب ميول الشخص، والبدء في الكتابة من أو ساعة، لذلك فقد انتشرت المدونات الشخصية والتخصصية وساهم هذا الانتشار في سحب جزء من الباسط من تحت المنتديات العربية.
ثورة الشبكات الاجتماعية
بعد ذلك ظهرت الشبكات الاجتماعية، بدأ الفيسبوك يتغلغل في أوساط المستخدمين العربي ثم دخل تويتر بقوة ثم انضم إليهما بقية الشبكات الاجتماعية ولازالت هذه الثورة حاضرة في يومنا هذا والإقبال على هذه الشبكات الاجتماعية يزداد يوماً بعد يوم.
الشبكات الاجتماعية أضافت ميزات أخرى غير ملكية المحتوى والتحكم به، أهمها إمكانية التفاعل مع الآخرين ومع ما يكتبون، فلقد كانت مشكلة المدونات أنك تكتب وتكتب ولا أحد بالجوار، لا يوجد تفاعل، لكن في الفيسبوك وغيرها من الشبكات الاجتماعية؛ أنت تكتب وتناقش وتتفاعل مع الآخرين داخل بيئة واحدة تضم الجميع.
الشبكات الاجتماعية سحبت جزء كبير من البساط من تحت المنتديات، وساهمت بشكل كبير في عزوف الناس عنها وعن الكتابة فيها، لكن بقي جزء من البساط تحت تلك المنتديات.
حال المنتديات العربية اليوم
لن نقول أن المنتديات العربية تحتضر ولم يعد لها أهمية اليوم، إنما فقط سُحب جزء كبير من البساط من تحتها، لكنها باقية في جزء من ذلك البساط الذي تتشارك فيه مع المدونات والشبكات الاجتماعية، باقية ولها أهمية لأن الشبكات الاجتماعية لا تستطيع تغطية بعض الخصائص التي توفرها المنتديات العربية:
1) إن أردت كتابة مقالات طويلة فمن الصعب عليك كتابتها في الشبكات الاجتماعية، لأن تلك الشبكات قائمة على فكرة الاختصار في المحتوى قدر الإمكان، حتى أن المستخدمين لم يعودوا يحبون المحتوى الطويل في تلك الشبكات، وعندما يرون المنشور طويلاً فإن الكثير منهم يعزف عن قراءته، لكن في المنتديات يمكنك كتابة مقالات طويلة ودسمة وتنسيقها بشكل جميل وجذاب ودعمها بالصور والفيديوهات.
2) مشكلة الأرشفة من المشاكل الحاضرة في الشبكات الاجتماعية، المحتوى القديم يذهب بعيداً ومن الصعب الرجوع إليه لكن في المنتديات العربية المحتوى مؤرشف بشكل جيد وكذلك مؤرشف في محركات البحث ويمكن الوصول إليه عبر قوقل ببساطة.
لازلنا بحاجة إلى المنتديات التخصصية، لكن الامر يحتاج إلى إدارة جيدة واحترام للأعضاء ولما يكتبون من محتوى قيم داخل أروقة تلك المنتديات، نحتاج لأن نغير عادة النسخ واللصق وان نخصص المنتديات للنقاشات الجادة والمقالات المفيدة التي تخرج من صميم إبداع الكاتب، نحتاج لأن يغير أصحاب المنتديات أفكارهم حول المحتوى، وأن ينظروا إلى الأعضاء كشركاء حقيقيين في بناء ونماء تلك المنتديات.
وفي الأخير، ورغم أن المنتديات العربية لازالت قائمة ولها جمهورها، إلا أن الخوف من أن شيئاً جديداً قد يأتي ويسحب بقية البساط من تحتها، وحينها سنقول فعلاً أنها قد انتهت، هذا الشيء الجديد قد يكون تلك المنصات التي توفر للأعضاء الكتابة في بيئة تفاعلية، مثل موقع (medium.com)، مجتمعات خاصة بكتابة المقالات والتفاعل مع الأعضاء الآخرين في نفس الوقت، لا أحد يمكنه إيقاف التغيير وهذه هي سنة الحياة.
حزنت كثيرا مع قرار ياهو المجرم بإغلاق كافة المنتديات المملوكة لمكتوب وخصوصا موقع DVD4ARAB حيث أننا كنت مسجلا فيها منذ وقت طويل قبل إغلاقه وكانت لي العديد من المشاركات والنقاشات المثمرة مع الكثير من أعضائه لكن للأسف كل شيء ذهب بلا رجعة بكبسة زر :(
حتى أن ياهو لم تسمح لنا بكتابة أي شيء جديد أو حتى توديع بعضنا أو أخذ نسخة من نقاشاتنا أو مواضيعنا المهمة .
فقط تركوا الموقع للمشاهدة فقط لمدة قصيرة ومن ثم أغلقوه بشكل نهائي .
من هذه القصة نخرج بعبرة مهمة جدا : ألا تسمح لأي محاولة لشراء مجهودك أبدا , أكمل مشروعك وشاهد نجاحك بعينيك , إذا احتجت تمويلا فتوجد ألف طريقة للتمويل لكن أبدا لا تبع مشروعك لأي شركة .
اعجبني التقرير ……. وبنفس الوقت عادت لي ذكريات طويلة بعالم المنتديات
مازال هناك منتدى صامد الى الان ….. البوابة الرقمية
شكرا لك… هذه العبارة التي كانت تتردد ولا زالت في هذه المنتديات وهي الاكثر كتابة الى الان وصاحباو كانب الموضوع يفرح بهذه الكلمة فيقوم بالرد لكؤ يرفع الموضوع اعلى المنتدى.
القداما !!! القدامى بالالف المقصورة
يعملو بها !!!!!يعملوا بها …الف الجماعة
ايضا موقع مقال كلاود جيد للتدوين
عمري ما حبيت المنتديات
كانت تضر بالمحتوى العربي في الإنترنت لكثرة السرقة و عدم تنسيق المواضيع بطريقة إحترافية
ناهيك عن نظام التعليقات الذي كان يضر بتجربة المستخدم
فعلا عصر المدونات في طريقه للزوال نهائيا و عوض ذلك حلت ظاهرة التدوين الإجتماعي و المحتوى النقاشي وقد سعدت باكتشاف بعضهامثل مواقع ارجيك، مقال كلاود المفتوح للعموم لتجربة الكتابة وهو الذي ذكرت يشبه موقع ميديوم ، ساسة بوست و غيرها… وهي ظاهرة جيدة لإحياء المحتوى العربي الإليكتروني