مقالات

كيف يُمكن الاستفادة من تطبيق TrueCaller لمعرفة من زار حساب فيسبوك

دعونا نبتعد قليلًا عن التحليلات والمُشاحنات والآراء التقنية المُختلفة التي لا يُمكن أن تتوافق أو تنتهي حالها حال جميع المسائل في هذه الحياة، فلولا الاختلاف لبارت السلع. ودعونا ننتقل إلى شيء أكثر أهمّية يُمكن الحصول منه على قيمة تفتح الكثير من الآفاق أمام الطامحين والحالمين في تغيير الواقع العربي الذي نعيشه اليوم.

المُنتجات التقنية هي واحدة من أكثر الأشياء التي يُمكن مُلاحظتها وتأمّلها عن قُرب بسبب احتكاكنا اليومي بها، فالمُنتج التقني قد يكون جهاز ذكي، تطبيق، أو اختراع ثوري كالعدسات الطبية الذكية وغيرها الكثير، وفي هذا الصدد سأتناول تطبيق كثر الحديث عنه وأثبت نجاحه على مدى السنوات الماضية، وهُنا عزيزي ليس الحديث عن فيسبوك كما جرت العادة، إنما الحديث عن تطبيق TrueCaller.

ترو كولر TrueCaller هو تطبيق يسمح بالبحث عن مُستخدم مُعيّن من خلال رقم هاتفه؛ فإذا كُنت تُعاني من ورود مكالمات ورسائل من أرقام غير معروفة يُمكنك فقط استخدام التطبيق لمعرفة اسم صاحب الرقم من خلال كتابة رقم هاتفه فقط.

لو فكّرنا قليلًا بالتطبيق وآلية عمله لوجدنا أنها صعبة جدًا، فقد يكون مُبرمج التطبيق من سُكان الولايات المُتحدة الأمريكية ونجح بطريقة أو بأُخرى في الحصول على قاعدة بيانات شركات الاتصالات ودمجها داخل التطبيق، وبالتالي جميع بيانات المُستخدمين والمواطنين الأميريكين موجودة بين يديه. لكن ماذا عن بقية أنحاء العالم؟ هل لديه صلاحيات أو وسائل للوصول إلى قاعدة بيانات شركات الاتصالات هُناك؟

الإجابة على هذا السؤال سوف تكون لا بكل تأكيد، فالحصول على بيانات شركات الاتصالات حول العالم هو ضرب من الجنون، وفكرة التطبيق أبسط من ذلك بكثير وتتمثل في الحصول على البيانات بمبدأ جمعها اجتماعيًا.

دعونا نتخيّل معًا بداية التطبيق بقاعدة بيانات فارغة تمامًا، أو بقاعدة بيانات تحتوي على بعض الأرقام نتيجة لجهود شخصية من قبل فريق عمل التطبيق، ودعونا نختصر البداية بتسميتها الحالة A، بعد إطلاق التطبيق سوف يبدأ المُستخدمون بتثبيته، وسوف يطلب التطبيق صلاحيات للوصول إلى سجل الأسماء داخل هواتف المُستخدمين، وبالتالي يبدأ بنقل هذه الأسماء إلى قاعدة بياناته لتنتقل من الحالة A إلى الحالة B، فلو فرضنا أن الحالة A تحتوي على 100 اسم ورقم، فالحالة B سوف تحتوي على أكثر من مليون اسم ورقم لأنها واردة من المُستخدمين أنفسهم، وفي حالة تكرار أي رقم فإن تجاهله مُمكن أو دمج الاسماء المُختلفة تحت نفس الرقم لإعطاء دقّة أكبر لمُستخدمي التطبيق الراغبين في البحث عن صاحب رقم مُعيّن.

وهكذا تزداد مع الوقت الأسماء المُخزّنة داخل التطبيق وتنتقل إلى قاعدة البيانات بكل سهولة بحيث لا يحتاج فريق العمل سوى لتطوير التطبيق وضمان عمله بأفضل صورة مُمكنة، وهذه التجربة في جمع البيانات اجتماعيًا هي نفسها المُستخدمة في فيسبوك، فمارك زوكربيرج لم يجد ضرورة في إدخال بيانات الطلاب بشكل يدوي في جامعته، ورأى أن تمكين الطالب من إدخال بياناته الخاصّة أفضل وأسرع، والنتيجة شبكة اجتماعية بأكثر من 1.65 مليار مُستخدم شهري.

نأتي الآن للتطبيق الحلم، معرفة من زار صفحتك الشخصية في فيسبوك، التطبيق الذي أدى إلى سرقة حسابات ملايين المُستخدمين حول العالم، وإصابة أجهزتهم ببرمجيات خبيثة، دون نسيان حالات الحظر التي لحقت البعض نتيجة لكثرة الدعوات المُرسلة لبقية الأصدقاء. هل يُمكن فعلًا برمجة تطبيق مثل هذا؟

نعم بكل تأكيد، ويُمكن القيام بذلك بأكثر من طريقة، لكنني سأشارك طريقة خطرت على بالي ولم أُنفّذها لأكثر من سبب، لكنها مُرتبطة تمامًا بفكرة ترو كولر TrueCaller.

دعونا نتخيّل إضافة للمُتصفحات بعنوان معرفة من زار حسابك في فيسبوك، ومع البداية سوف تحتوي على قاعدة بيانات فارغة بكل تأكيد، مهمّة هذه الإضافة هي مُراقبة المواقع التي يزورها المُستخدم وعند رصد رابط يحتوي على عنوان facebook.com تبدأ بالعمل وتُحلل الرابط لمعرفة نوعه، هل هو لمُشاهدة صورة، فيديو، أو صفحة شخصية.

بعد تحليل الرابط والتأكد من أنه زيارة لصفحة شخص آخر يتم إدراج البيانات التالية في قاعدة البيانات، بدايةً اسم صاحب الحساب الذي قام بالزيارة، ورابط حسابه، بالإضافة إلى الحساب التي تمت زيارته، والوقت. هذه الحالة يُمكن اعتبارها X، وسوف تتكرر عندما يقوم مثلًا فراس بزيارة صفحة محمد، وعمرو، وتامر، وسعود، حيث سيتم إضافة البيانات التالية في قاعدة البيانات : فراس ( مع رابط حسابه ) قام بزيارة حساب محمد يوم السبت 30 نيسان/أبريل 2016، ونفس السجل السابق مع تغيير محمد إلى عمرو، وتامر، وسعود.

أخيرًا، وعندما يقوم محمد، عمرو، تامر أو سعود بتثبيت الإضافة وبمجرد الضغط على آيقونتها سوف تقوم بالبحث في قاعدة البيانات عن جميع الزيارات التي تمت على حساباتهم لتظهر لهم زيارة فراس.

الفكرة باختصار هي كالتالي، كل مُستخدم مسؤول عن البيانات بشكل أو بآخر، وهو من يقوم بتصديرها بنفسه، ففراس قام بزيارة حساب محمد، والإضافة قامت بتسجيل هذه الزيارة ليتمكّن محمد فيما بعد من معرفة أن فراس زار حسابه وهكذا.

طبعًا لا تنحصر هذه الفكرة في الإضافات فقط، بل يُمكن إنشاء تطبيق في أندرويد لهذا الغرض لأنه يُعطي صلاحيات كبيرة للمُطوّر، لكن من المُستحيل تنفيذ الفكرة بنفس الطريقة على نظام آي أو إس iOS الخاص بهواتف آيفون.

خُلاصة الحديث هي وجود أنهر من الأفكار التي يُمكن الاستفادة منها لتطوير تطبيقات وأفكار كانت مُجرد حلم، ففي  وقت كانت جامعة مارك تحلم في إنشاء موقع إلكتروني لجميع الطلاب الموجودين فيها وتأخرت بسبب عدم وجود وقت لإدخال بيانات الطلاب بشكل يدوي، سلك مارك الطريق الآخر وجعل المُستخدم هو المسؤول عن إدخال هذه البيانات.

كذلك هو أمر ترو كولر TrueCaller، فمن كان يظن أنه يُمكن إنشاء تطبيق يسمح بمعرفة صاحب الرقم دون الحصول على قواعد بيانات شركات الاتصالات؟ وما كان من القائمين على ترو كولر سوى تصدير الأرقام الموجودة داخل هاتف كل مُستخدم وجمعها في مكان واحد، وبالتالي تكبر قواعد البيانات مع مرور الوقت.

الآن حان دور التطبيق الحلم، كيف يُمكن معرفة من زار حسابك في فيسبوك؟ الفكرة بين يديك، راقب نشاط المُستخدم وحلل الروابط وقُم بتخزينها في قاعدة بيانات، فجميع الأطراف سوف تستفيد لأن أحمد لو زار حساب فراس سيستفيد فراس وسيعرف من قام بزيارة حسابه، وفي نفس الوقت فراس نفسه يُخبر الإضافة أنه زار حساب محمد في وقت سابق، وهكذا تدور عجلة التطبيق أو الإضافة.

ليست هذه الطريقة الوحيدة، وليست هذه الفكرة التي يتوقف عليها تطورنا كعرب، لكن مُراقبة الواقع الحالي والتعلّم منه وتطويعه في أفكار ثانية يفتح لنا مجالات وأبواب لم تكن موجودة من الأصل.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى