مراجعة آيباد برو 9.7
كعادتها مع الإعلان عن أي منتج جديد أثارت أبل جدلا واسعا في الأوساط التقنية عندما قدمت جهازها العملاق آيباد برو 12.9 بسبب شاشته الكبيرة التي لاقت ردود فعل مختلفة وانتقادات واسعة من محبي أبل قبل مناوئيها؛ لأن شاشة بهذا الحجم لا تناسب الاستخدام اليومي لجهاز لوحي مهما كانت مواصفاته، ومهما حاول تيم كوك إقناعنا بذلك.
لم تتأخر أبل كثيرا في مصالحة عشاقها بالاعلان عن نسخة مصغرة من ذلك الجهاز بالحجم الذي أحبوه، والشاشة التي ألفوها منذ أول إصدار لهذه السلسلة.
آيباد برو 9.7 ليس جيلاً جديداً من الآيباد فحسب بل هو رؤية لما ستكون عليه الحوسبة الشخصية في العالم الحديث!!!
هكذا تزعم أبل مبررة تلك المزاعم بما يحويه (آيبادها الجديد) من مواصفات وتقنيات غير مسبوقة في عالم الأجهزة اللوحية حتى الآن.
(عالم التقنية) تغوص بعمق تلك المواصفات الجديدة تحديدا؛ لتفنيد مزاعم أبل، وما إذا كانت قد ارتقت بالجهاز إلى مستويات حوسبة سطح المكتب أم أنها كادت ولمّا تفعل ذلك بعد.!
التصميم والأبعاد
يأتي ايباد برو 9.7 بطول 9.4 inches (240 mm) وعرض 6.6 inches (169.5 mm) وسمك 0.24 inch (6.1 mm )،مما يعني حجما مثاليا للجهاز يوازن بين قابلية الاستخدام وسهولة تنقل معززة بوزنه الخفيف جدا البالغ 444 grams، الأمر الذي يجعل من حمله لفترة طويلة مريحا وغير مجهد لليد،وهذا ما لمسناه من خلال تجربة الجهاز (مقارنة بالايباد اير ١).
غني عن القول أن الجهاز مصنوع من مادة الألمنيوم التي تعكس اهتماماً بالغا بأدق عناصر ضمان الجودة التي كانت ولا زالت أحد عوامل تفوق أبل وواحدة من أوراقها الرابحة التي لا يمكن أن تساوم عليها أبداً.
شاشة الآيباد :ثورة تجبّ ما قبلها!
بمقاس 9.7 انش تأتي شاشة الآيباد برو الجديد بوضوح 2048‑by‑1536 ، وبدقة 264 بكسل في الانش الواحد، أي بنفس وضوح ودقة الأجيال السابقة.
تقنية (True Tone Display) ثورة حقيقية تقدمها أبل لأول مرة في هذا الجهاز، وتعتمد هذه التقنية على أربعة حساسات تقوم بمواءمة ألوان الشاشة لتناسب الضوء في البيئة المحيطة.
عندما أعلنت أبل عن هذه التقنية لم أعبأ بها كثيرا وتوقعت كغيري أنها مجرد لعبة إعلامية تبالغ أبل في وصفها كنوع من الدعاية التي تجيدها دائما، لكن بعد التجربة الشخصية لها أيقنت أنها نقلة نوعية ليس في الآيباد فحسب بل في عالم صناعة الشاشات ومستقبلها بشكل عام.
هذه التقنية تتكامل مع تخفيض حدة انعكاس الضوء على الشاشة ، وبتجربتها مع الوضع الليلي (Night Shift) سيخالجك شعور غريب وستشعر لوهلة وأنت تقرأ كتابا أو تتصفح الانترنت وكأن الذي أمامك مطبوع على ورق مصقول وليست شاشة مشعة! وسوف تتيقن من هذا الشعور بمجرد إيقاف هذه الخاصية (True Tone Display) ،أو استخدام جهاز آخر يبدو بدائياً بدون هذه الخاصية المدهشة، ممايشير إلى أن القادم مذهل في عالم الشاشات وأن لدى أبل الكثير من المفاجآت للمستقبل، وربما تكون قاب عامين أو أدنى لدمج تقنيات الحبر الإلكتروني الملون في شاشاتها القادمة (ربما يكون ذلك في آيفون ٨). (أتساءل ماذا لو كانت هذه الشاشة من نوع OLED مع تقنية True Tone display؟ )
النظام الصوتي
تجربة الصوت في ايباد برو 9.7 بحد ذاتها تجربة رائعة تكتمل معها متعة استخدام الجهاز وذلك بفضل سماعاته الأربع الموزعة بالتساوي على أطراف الجهاز العلوية والسفلية لتعطي تدفقاً صوتياً عالياً ونقياً ومتغيراً بتغير وضعية الاستخدام بالشكل الطولي أو العرضي.
التجربة الشخصية للصوت أكدت أن ما تقدمه هذه السماعات الأربع هي أفضل تجربة صوتية يمكن الحصول عليها في عالم الأجهزة اللوحية حتى الآن.
القلم الرقمي (مرسمة أبل)
أصدقكم قولاً أن السبب الرئيسي لاقتناء وتجربة الآيباد برو الجديد هو القلم الرقمي أو (المرسمة) كما يحلو لأبل تسميتها!
فلسنوات مضت وأنا من المهتمين كثيرا بتقنيات الأقلام والكتابة الرقمية الذين ينتظرون نضوج هذه التقنيات على أحر من الجمر (أقصد الملحقة بالحواسيب الشخصية والأجهزة اللوحية وليست تلك الخاصة ذات الأسعار الباهظة والمتطلبات المحددة كأجهزة واكوم).
مرت السنون ولم تقدم الشركات شيئاً ذا قيمة تستحق الاهتمام حتى أعلنت مايكروسوفت عن التحديث الجذري لجهازها اللوحي باسم (Surface) سرفس برو٣ ومن أهم ميزاته التي تغنت بها مايكروسوفت وقتها القلم الرقمي الذي تطور كثيراً بزعمها.
لم أتردد لحظة في اقتنائه لا لسبب الا لتجربة القلم بالدرجة الأولى وقد كانت تجربة غير موفقة على الاطلاق.
صحيح أنه كان نقلة نوعية حينها لكنه لم يقدم ما كنت أتصوره من السلاسة وشعور الكتابة اليدوية التي أنشدها.
استمر الانتظار حتى أشرقت شمس الفرج من مايكروسوفت مرة أخرى إذ أعلنت عن جهازيها الثوريين سرفس برو٤ وسرفس بوك الذي أتيحت لي تجربته وكان رائعا في كل شئ، ومميزا في كل شئ ويوفر لك تقريبا كل شئ الا في شئ واحد فقط كان مرضيا بشكل كبير لكنه لم يكن مذهلا حقا:
القلم تطور هذه المرة عن سابقه كثيرا ووصل إلى حد الرضا والعملانية لكنه لم يصل حد الإبهار بعد.
كنت أراهن أن أبل متى ما دخلت هذا المجال فستكون لها بصماتها الخاصة، وتميزها المعهود؛ لأنها قد لا تبتكر شيئا جديدا مبهرا؛ لكنها تعيد تقديم بعض الابتكارات بشكل أكثر إبهارا!
تجسد هذا المفهوم أمامي بعد التجربة العميقة (لمرسمة) أبل ويا لروعتها من مرسمة فليس من رأى كمن سمع وليس من جرب كمن رأى.
كتابة في منتهى السلاسة والمتعة، وتجاوب في قمة الذكاء والسرعة، فضلا عن حساسية الضغط التي تتحكم في عمق اللون، وزاوية الكتابة التي يتغير معها سمك الخط حسب زاوية الميلان.
هذا هو كل ما قدمته أبل في مرسمتها وهو جل ما ينتظره عشاق الرسم والكتابة اليدوية.
بعد التجربة الفعلية وجدنا أن دقة القلم تختلف من تطبيق إلى آخر فمثلا تطبيق الملاحظات الخاص بأبل يقدم أفضل تجربة من حيث الحساسية والدقة مقارنة بنظيره (ون نوت) الخاص بمايكروسوفت الذي يفوقه بالأمكانيات والمميزات.
الشئ المثير للاهتمام فعلا ومن تجربة مقارنة أن أداء (مرسمة أبل) على تطبيق (ون نوت) من مايكروسوفت يفوق وبمراحل قلم مايكروسوفت على نفس تطبيق مايكروسوفت على جهازها سرفس برو٤ !!!
(من المفارقات العجيبة أيضا أن مايكروسوفت تدعم (مرسمة) أبل في تطبيقاتها المكتبية (Office) في حين أن أبل لا تفعل ذلك مع تطبيقاتها المنافسة (iWork)! ).
بطارية هذه (المرسمة) بالاستخدام فوق المتوسط تستمر أكثر من أربعة أيام، وتحتاج إلى ثلاث وعشرين دقيقة بالضبط لشحنها بالكامل بعد نفادها تماما وذلك من واقع تجربتنا لها.
هناك بعض المآخذ بلا شك كالتصميم غير المريح أثناء الاستخدام مقارنة بقلم السرفس بوك، وغياب الأزرار التي تسهل بعض المهام كالنسخ واللصق مثلا، ويبقى العيب الأكبر من وجهة نظري هو القابلية الكبيرة جداََ لفقدانه وصعوبة حمله لغياب مكان مخصص له على الايباد أو حتى التصاقه مغناطيسيا به على غرار جهازيّ السرفس.
الكاميرا
من أهم الفوارق الجديدة التي تميز الآيباد برو الجديد الكاميرا الخلفية بدقة ١٢ ميقا بكسل المزودة بفلاش لتعطي تصويرا متميزاً بالنسبة لجهاز لوحي، ولا تقتصر فائدتها في أخذ الصور للقطات النادرة واللحظات العابرة فحسب بل تكمن فائدتها العظمى(من وجهة نظري) في تصوير الأوراق والمستندات المختلفة وحفظها كملفات PDF كقيمة مضافة أخرى تميز هذا الآيباد ليكون رفيقا مثاليا في عالم حوسبة الأعمال والتعليم على حد سواء.
هذه الكاميرا ولأول مرة في جهاز لوحي تستطيع تصوير الفيديو بدقة 4K! بثلاثين إطارا في الثانية، وهذا ما لن تجده في أي لوحي آخر!
الكاميرا الأمامية بدقة 5 بإمكانها تصوير فيديو HD بدقة 720 ما يجعلها مناسبة جدا لمكالمات الفيديو والمؤتمرات المرئية.
الأداء والانطباع العام
بشاشتة الساحرة وبتقنياته الجديدة غير المسبوقة, بسماعاته الرباعية المبهرة، وبقلمه المذهل للكتابة والرسم اليدوي ، وبكاميرته الرائعة قدم لنا آيباد برو 9.7 تجربة ممتعة جدا وأداء جبارا في جميع المهام التي أنيطت به كالألعاب وتحرير فيديو يتطلب معالجة قوية بفضل معالجه الأحدث من أبل A9X الذي يقدم آداء عالياً ضعف ما يقدمه سلفه آيباد اير ٢، وكذلك معالج رسوميات جديد M9 يقوم بمعالجة الرسوميات بشكل رائع بما يتناسب مع الايباد واستخدامه.
تعدد المهام المدعومة بميزة (Split View) تعمل بشكل سلس وعملي بحيث يمكن تقسيم شاشة الايباد لتستوعب تطبيقين مختلفين يعملان بنفس الوقت جنبا إلى جنب ليكون التنقل بينهما بمنتهى السهولة دون أن يؤثر عمل أحدهما على الآخر.
لم يكدر صفونا شئ سوى السعر المبالغ فيه والذي تبرره أبل بشكل غير مباشر بمزاعمها أن هذا الجهاز سيكون بديلا لأجهزة الحواسيب الشخصية وبأداء يضاهي ما تقدمه تلك الحواسيب!
تفنيد تلك المزاعم يحتاج إلى التفصيل في ذلك، وبشكل عام لا يمكن نفيها بشكل مطلق ولا التسليم بها بشكل قاطع، والفيصل في ذلك هو المستخدم ومتطلباته فقد يتفوق هذا الآيباد على الحاسب الشخصي بالنسبة لصحفي متنقل أو طالب آداب على مقعده الجامعي مثلا، لكنه من المستحيل أن يكون كذلك بالنسبة لمطور تطبيقات أو مصمم رسوميات ثلاثية الأبعاد ، أو حتى) سكرتير( لا يتطلب عمله الكثير من القدرات الحوسبية بقدر ما يتطلب وجود لوحة مفاتيح كاملة، وشاشة كبيرة تسهل عليه أداء مهامه المكتبية، ويقاس على ذلك الكثير من متطلبات المستخدمين وهو ما قد نفرد له مقالا مخصصا حول ما إذا كانت اللوحيات بشكل عام والآيباد برو على وجه الخصوص تستطيع ازاحة أجهزة الحوسبة الشخصية عن عرشها كما تزعم أبل أم أنه لا زال من المبكر جدا فعل ذلك.
منذ زمن لم استمتع بمقالات تقنية كهذه المقالة الرائعة ..
ترتيبك للفقرات وانتقائك للألفاظ وتبريرك للمميزات والعيوب هو ما يميّزك، وقَّل ما نرى ذلك في الكتّاب الحديثين ..
تسلم عزيزي عبدالله ..
يا عبدالله!، إن من البيان لسحرا.
لدي سؤال بخصوص استخدام القلم مع الكاميرا، هل يُمكنني التقاط صورة واستخدام القلم مُباشرة للكتابة عليها؟ أم احتاج لتطبيق خاص لهذه العملية؟ يعني في العادة يُمكن الاستعانة بتطبيق الملاحظات لهذه العملية لكنني لم أجده عمليًا على الآيفون، هل مع القلم تُصبح العملية أسهل؟
تصور من داخل برنامج ملاحظات (مثل Onenote) أو تصور بالكاميرا ثم تدرج الصور في برنامج الملاحظات ,بعدها تكتب على الصور , وكذا أصلاً طريقه أفضل عشان تقدر ترتب الصور والملاحظات بشكل منطقي (عشان تقدر ترجع لها بسهوله حتى اذا كثرت الصور والملاحظات)
طبعاً بحاول أدبر آيباد برو وأسجل فيديو أشرح فيه استخدام برنامج ملاحظات مثل ون نوت على الايباد برو (و ينشر على هذا الموقع)