فيسبوك وسياسة الكيل بمكيالين !
تُعتبر شبكة فيسبوك الاجتماعية النشاط الأوحد أو المُشترك الذي يقوم به المُستخدمون حول العالم، حيث تمتلك الشبكة ما يزيد عن المليار ونصف المليار مُستخدم وهو رقم يُمثّل 20% من مجموع سُكّان الكرة الأرضية، وحسب الدراسات فإن استخدام الشبكة يبدأ منذ الاستيقاظ صباحًا وحتى الدقائق القليلة التي تسبق النوم.
فيسبوك ولفترة طويلة نجحت في أن تكون المكان الذي يُمكن فيه القيام بكل شيء تقريبًا، بدءًا من التعبير عن الحالة ومُشاركة الأفكار، مُرورًا بالتواصل مع الأصدقاء، وانتهاءً بقراءة ومتابعة الأخبار العالمية، ولا يجب أن ننسى أن مارك زوكربيرج مؤسس الشبكة دائمًا ما كان يتحدث عن الشفافية داخل هذه الشبكة، وأن القوانين الموجودة تسري على الجميع دون استثناء، فالعدالة والمُساواة بين جميع سُكان الكرة الأرضية هو أساس قيام هذه الشبكة.
مرّت السنوات بسرعة كبيرة مُنذ انطلاق فيسبوك للمرة الأولى، حاملة معها تغييرات كثيرة وميّزات مُفيدة على المُستوى الشخصي والإنساني، فالشبكة حرصت أن تكون إلى جانب المُستخدم في جميع المُناسبات السعيدة والحزينة كالكوارث الطبيعية والحروب، لكنها مُؤخرًا ضلّت هذا الطريق دون تبرير أو حديث مُباشر من مارك الذي اعتدنا على سماع تعليقاته بين الفينة والأُخرى.
بعد هجمات باريس الإرهابية فعّل مُهندسو فيسبوك أداة السلامة Safety Check ليتمكّن المُستخدمون من إخبار أصدقائهم أنهم بخير، لكن العجيب أن نفس هذه الميّزة وبعد الهجمات الإرهابية التي ضربت لبنان لم يتم تفعيلها أبدًا، وهو ما برره مارك ببعض الأسباب المُرفقة باعتذار لامتصاص غضب المُستخدمين حول العالم وتحديدًا العرب منهم.
لم تكن هجمات لبنان الإرهابية وحدها المحرومة من هذه الميّزة، فتفجيرات أنقرة واسطنبول لم ينجحوا بإقناع فيسبوك بضرورة تفعيل أداة السلامة، حالهم حال التفجير الإرهابي الذي حدث مُؤخرًا في العراق دون وجود أي تبرير أو سبب مقنع للمُستخدمين.
قد لا تكون أداة التحقق من سلامة الأصدقاء هامة جدًا، فبكل بساطة يُمكن لكل مُستخدم الدخول ونشر مُشاركة ليؤكد لأصدقاءه أنه بخير، لكن سياسة الكيل الجديدة تبدو أوضح في مُمارسة جديدة وغير مفهومة.
في الأشهر الأخيرة عملت الشبكة الاجتماعية على حذف بعض الصفحات العربية تحديدًا دون سابق إنذار، ودون إيضاح السبب أمام أصحابها، وهو ما أدى إلى إنشاء صفحات جديدة تنتحل شخصية الصفحات الأساسية وتبدأ بالترويج للإشاعات الكاذبة.
طبعًا أنواع الصفحات تختلف، فمنها الإخبارية، ومنها الشخصية، ومنها التابعة لمؤسسات نشر معروفة، حيث لجأ أصحاب الصفحات المُغلقة إلى تويتر لتبليغ مُتابيعهم.
يُمكن دائمًا مُراسلة مركز الدعم الفني الخاص بفيسبوك للاستفسار عن السبب، لكن الإجابة لن تأتي بسرعة كبيرة، ومن الوارد جدًا أن يحصل المُستخدم على إجابة مفادها مُخالفته لسياسة الاستخدام على الرغم من أن الصفحة موجودة منذ سنوات طويلة وتنشر نفس المُشاركات دون أن تكون مُخالفة في ذلك الوقت !
لن أذكر صفحات بعينها لكن الأمثلة التي لدي تتنوع بين صفحات خاصّة بجريدة لبنانية، وأُخرى تُركية، وبعض الصفحات الأُخرى التي تنشر بعض الأحداث الداخلية بشكل حيادي جدًا.
طبعًا لم أكتب هذه المقالة لفضح مُمارسات فيسبوك، أو لأنني أول من يلحظها، لكن هذه التغييرات تفتح المجال أمام المُطورين بشكل كبير، فالأفكار الجديدة تأتي لسد نقص موجود في الحلول المُستخدمة في الوقت الحالي.
بكل تأكيد عدم إتاحة أداة التحقق من السلامة أو حذف الصفحات دون سابق إنذار ليسوا أسباب منطقية للبدء بتطوير شبكة اجتماعية جديدة، لكنهم وبكل تأكيد باب لتطوير أداة سلامة تعمل لدى الجميع دون استثناء بالاعتماد على واجهات فيسبوك البرمجية API، حيث يُمكن تطوير منصّة تطلب من المُستخدم تسجيل دخوله باستخدام حساب فيسبوك وتأخذ موقعه الجغرافي، وفي حالة وقوع أي كارثة يُمكن تفعيل الأداة آليًا بالاعتماد على طلب المُستخدمين في تلك المنطقة، أو بشكل يدوي من قبل صاحب التطبيق نفسه.
هذه مُجرد فكرة بكل تأكيد، لكن المُبتغى الأساسي من هذه المقالة هو تعلّم استغلال النواقص والعيوب الموجودة في فيسبوك فهذا أمر جيّد جدًا للخروج بأفكار جديدة. وليست العيوب المذكورة في الأعلى الوحيدة، حيث يُمكن لأي شخص إيجاد سيل من الأمور السلبية التي لا يُمكن الالتفاف عليها في فيسبوك سوى بإنشاء تطبيق جديد لمنح تجربة اجتماعية أفضل للمُطوّر أولًا، وبقية المُستخدمين حول العالم ثانيًا.
فعلا الفيسبوك أصبح على هوى الحكومات الديكتاتورية وينظر للمسلين والعرب باحتقار.