في مهمة لتطوير الويب العربي .. الطريق ليس مفروشاً بالورود
أربعة أكواب من المشروبات الساخنة، الساعة أصبحت الحادية عشر ليلاً، والمقهى شبه فارغ سوى منا. بدأنا بحديث بسيط وتشعبنا إلى رسم ملامح مستقبل الويب العربي, هكذا يمكنني وصف مجمل جلستي مع عبد المهيمن الآغا مؤسس ومدير شركة حسوب قبل خمسة سنوات.
لست هنا بصدد إجراء مقابلة مع الآغا مجدداً، ولا التعريف بحسوب، أريد أن ألقي نظرة على تجربة الشركة، الطريق الذي مشت فيه، العقبات التي اعترضتها، كيف تجاوزتها، وكيف وقعت في غيرها.
حسوب الشركة
تحدثت سابقاً عن حسوب كشركة تعمل بدون مكاتب بنظام فرق العمل الموزعة الافتراضية وهي مثال عربي يمكن الاستفادة منه وتطبيقه في عدة شركات أخرى. لكن حسوب كشركة ناشئة مرت بالكثير من العقبات حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم.
فمن البداية إلى تكوين فريق العمل المؤمن برسالة الشركة مروراً بمصاعب فنية واحتيالية وحتى ثقافية وطبعاً تمويلية كحال أية شركة أخرى. اعتمدت حسوب على التمويل الذاتي بشكل رئيسي على الرغم من عروض المستثمرين وهذا سمح لها حرية قرارات ومرونة أكبر في تنفيذ المشاريع والخطط. ركزت الشركة في استراتيجيتها التمويلية على جذب العملاء إلى مشاريعها وتمويل الشركة من أرباح العمليات التشغيلية بدلاً من الإعتماد على مصادر خارجية.
قدمت الشركة عدة مشاريع بعضها تجاري ربحي والآخر لأهداف متنوعة، بعضها تم إغلاقه وهذا أمر طبيعي لدى الشركات الناشئة، بعضها لايزال في بداياته.
كان فكرة الآغا أن يكون لنا كعرب منتج خاص يحاكي ثقافتنا كما تفعل روسيا والصين ولا تخضع للمنتجات الأمريكية. ليس المقصود أن تنافس حسوب أدسنس، هذا كان واضحاً في إجابته عن سؤالي عدة مرات.
أن تبدأ شبكة إعلانات عربية ليس بالأمر السهل من عدة نواح، لعل البرمجة كانت آخر ما يهتم به الآغا نظراً لخبرته في هذا المجال. لكن المصاعب تكون في جذب المعلنين لتجربة الشبكة الإعلانية والحفاظ على سوية معينة من جودة الناشرين.
بالبداية لم يكن هناك عدد كبير من المعلنين وهذا أمر طبيعي كون الشركة حديثة العهد، لكن مع الوقت وبناءاً على تجارب ناجحة أصبح العدد ينمو وهذا ما عاد بالنفع على الناشرين بدوره. كثيراً ما يشتكي الناشرين من ضعف الواردات وهذا ليس بيد الشبكة الإعلانية إنما بيد المعلنين الذين يخفضون إنفاقهم.
واجهت حسوب كشبكة إعلانات العديد من المشاكل لعل أبرزها حسابات باي بال المسروقة وهذه مشكلة عامة في مختلف منتجاتها. وكانت تتميز بإمكانية سحب الأرباح عبر ويسترن يونيون كطريقة سهلة للناشرين لكن صعوبات كثيرة من طرف الشركة ظهرت ما جعلهم يوقفون هذه الطريقة.
كان عبد المهيمن شريك في خمسات وعمل تطوير الموقع وبرمجته من الصفر قبل أن تستحوذ عليه حسوب بالكامل لاحقاً. انضممت إلى خمسات منذ يومه الأول لكن حركة البيع كانت منخفضة حينها، لاحظت من بعد استحواذ حسوب أصبح هناك نمو أكبر في أعداد المسجلين وصلت إلى أكثر من 300 ألف مستخدم وزيادة في حركة البيع وتطوير الخدمة بالعديد من المزايا الجديدة وتراكم خبرة بالتعامل مع البائعين والمشترين وحل المشاكل من قبل فريق الدعم الفني.
يمكن القول خمسات أهم منتج تجاري لحسوب بنظري حالياً وهذا ما يستدعي ظهور الكثير من العقبات من أهمها مشاكل الدفع والسحب التي تواجهها الدول العربية. تعتمد خمسات ككل مواقع العمل الحر والخدمات المصغرة على خدمة باي بال للدفع والسحب لكن المشكلة أن ليست جميع الدول العربية مدعومة فيها ما يضع عقبات في طريق المستخدمين حاولت تذليلها عن طريق وكلاء في بعض الدول. من مطالعة قصص الباعة على خمسات تجد الكثير منهم وجد فيه مصدر دخل لم يكن متوقعاً، إن لم يكن كعمل دائم فهو كعمل جانبي ثانوي يساعده في مصروفه.
من المعروف أي عمل تجاري فيه بيع وشراء يحصل خلافات بين الطرفين، لهذا طورت خمسات فريق الدعم الفني لديها بشكل مستمر وأصبح عدد العاملين فيه أكبر ومن خلال التجارب الكثيرة التي مرت عليهم أصبح بإمكانهم البت في الخلافات بصورة أسرع وأكثر عدلاً. ويشترك خمسات مع شبكة حسوب بحسابات باي بال المسروقة التي ابتكرت أساليب متعددة للحد منها.
مستقل جاء كتطور طبيعي لخمسات من ناحية السماح لمشاريع أكبر أن تنفذ عن بعد. من تكونت لديه خبرة ببيع الخدمات المصغرة وكذلك المشترين الذين كانوا يستخدمون خدمات الباعة، أصبح بإمكانهم إنجاز أعمال كاملة بمنصة واحدة. وأبرز عقبة واجهة موقع مستقل هي أن ثقافة العمل الحر ليست منتشرة بالشكل الكافي عربياً بعد. ومن هنا كان لابد بجهد تسويقي كبير لنشر هذه الثقافة وترسيخها في المجتمع وهو ما تحتاج لسنوات لإنجازه لكنها على الطريق الصحيح نحوه.
لأن تجربتنا بدائية في هذا المجال يحصل مشاكل يمكن تجنبها مع تحسن الخبرات، مشاكل في التواصل والتفاهم وضبط المشاريع وتحديدها بدقة. من هنا يكون دور الموقع بالرقابة على المشاريع قبل نشرها لتحديد المطلوب إنجازه جيداً. ساهمت منصات مثل مستقل أن يتمكن الشباب العربي تنفيذ مشاريع بقيم كبيرة حتى آلاف الدولارات دون مغادرة غرفة نومهم، هذا ليس كلاماً ترويجياً ولا نظرياً، هذه حقيقة ملموسة أصبحت واقعاً. هذه الفرصة في العمل الحر عبر الإنترنت تلقفها حتى الآن حوالي 200 ألف مستخدم عربي مسجل على مستقل فقط.
ليست كل مشاريع حسوب ربحية مباشرة، وكما قلنا أن بيئتنا لاتزال في أول طريق العمل الحر كان لابد من تثقيف وتعليم الشباب الراغب بخوض غمار التجربة. من هنا جاءت أكاديمية حسوب لنشر مقالات جيدة وباللغة العربية في مجالات متنوعة تهم المستقلين لصقل خبراتهم أو تعلم خبرات جديدة وزيادة مستوى معارفهم، والأكاديمية بدورها مصدر توظيف كبير للمستقلين عن طريق مستقل نفسه يتم التعاقد مع الكتاب والمترجمين والمصممين وغيره.
مقال رائع أ/ محمد. لفت نظري المُقدمة، أعتقد أن عليك التفكير في كتابة رواية يومًا ما، فحسّك الأدبي الروائي رائع.