مقالات

أهمية النموذج الربحي للمشاريع الرقمية

oa_makeMoney

فكرة هذه المقالة نبتت في عقلي عندما كنت استمع إلى حلقة من حلقات (ESLPod) الصوتية، ولمن لا يعرفها فهي حلقات صوتية موجهة لمتعلمي اللغة الانجليزية، عبارة عن بودكاست صوتي شبه يومي بموضوعات مشوقة، وتأملت كيف أن هذه الخدمة وهذا البرنامج لازال مستمراً بعد عدة سنوات وبكفائة عالية وبشكل مجاني، بينما هنالك الكثير من الحلقات الصوتية التي ظهرت في السنين الماضية لكنها استمرت لعشرات أو مئات الحلقت ثم توقفت.

إذا كنت من متابعي تلك الحلقات الصوتية، فسوف تلاحظ أن الدكتور جف مكولن (المستضيف) يذكرنا في نهاية كل حلقة بالاشتراك في العضوية المميزة في موقعه الرقمي، وأن هنالك ميزات إضافية لمن أراد التعمق أكثر والاستفادة أكثر من هذه الحلقات في تطوير لغته الانجليزية (عبر الحصول على النص الكامل والملاحظات والتمارين ..الخ).

قد تنزعج أن انزعج انا من هذا الاعلان المتكرر عن ذلك الاشتراك المدفوع، فنحن ربما نريد خدمة مجانية بالكامل، لا نحب أن ندفع المال مقابل الحصول عليها، لكن في حقيقة الأمر لولا تلك الخدمات المفدوعة لما حصلنا على هذه الخدمة المجانية بهذه الجودة وهذه الاستمرارية، فقلد كانت هنالك الكثير من الخدمات المجانية الكاملة لكنها للأسف توقفت ولم تستمر، اذاً النموذج الربحي مطلوب من أجل الاستمرار والجودة.

فَكِّر بالمكسب منذ البداية

عندما تبدأ أي نشاط او مشروع رقمي صغيراً كان أو كبيراً، سواءً مدونة تكتب فيها مقالاتك التخصصية أو خدمة على شبكة الويب أو حتى تطبيق مخصص للهواتف الذكية، ففكر منذ البداية كيف تبني النموذج الربحي لهذا المشروع، حتى أن لم تكن تفكر في الحصول على مكاسب من خلاله، يجب أن يكون حاظراً في ذهنك من أجل المستقبل، ومن أجل ان تنموا هذه البذرة وتكبر ويستمر العطاء سواءً بك أو بغيرك.

ربما أنت تمتلك الحافز والنشاط الآن للعمل والعطاء دون إرادة الحصول على المقابل المادي، لكنك لا تضمن استمرار هذا النشاط وبقاء الدافع الداخلي، كما أن المشروع أو النشاط حين يكبر سيتطلب مصاريف عديدة، فعلى الأقل اجعل المشروع يصرف على نفسه بنفسه.

لمصلحة الجميع

oa_makeMoney_1

النموذج الربحي لا يعود بالنفع والفائدة على صاحب المشروع فقط، لكن على الجميع، على المستخدمين المستفيدين منه أيضاً، مع أنهم قد يدفعون المال مقابل خدمة احترافية، إلا أن هنالك جزء من الخدمة سيكون مجانياً وهذا الجزء المجاني سيستمر في الغالب لأنه يمد الجزء المدفوع بالعملاء الجدد، لذلك فمن لا يريد دفع المال هو مستفيد لأنه يستفيد من خدمة مجانية مستمرة، وإن أراد الحصول على خدمة أفضل منها فالأمر متاح مقابل مادي بسيط.

المبلغ المادي البسيط هو مقابل خدمة ذات جودة عالية، هذا هو طابع النماذج الربحية اليوم في المشاريع الرقمية، وذلك بفضل الانترنت والويب الذي سمح بنشر تلك الخدمات لعدد كبير وضخم من الأشخاص والعملاء، فبدلاً من أن يكسب صاحب المشروع 100 دولار من 10 مشتركين فقط، أصبح بالإمكان كسب 10 دولار فقط لكن من 100 مشترك، فالنتيجة هي واحدة بالنسبة للمستثمر لكن العملاء سيحصلون على الخدمة ذاتها بعُشر المبلغ فقط.

لكن في المقابل لا يُحبَّذ أن يقدم المشروع الرقمي خدمة مدفوعة فقط دون أي فائدة مجانية للمستخدمين، وفي الحقيقة، أكثر المشاريع نجاحاً هي تلك التي يكون فيها جزء مجاني، لأن هذا الجزء يضمن له الانتشار والتوسع في حجم قاعدة المستخدمين التي يمكن من خلالها تسويق الخدمات المدفوعة.

لكن .. المكسب ليس أهم شيء

ليس معنى الاهتمام والتفكير في النموذج الربحي أنه أهم عنصر من عناصر المشروع، يجب أن تكون الأولويات مرتبة بشكل سليم كي لا يحدث خلل وكي لا نرى مشاريع ذات جودة متدنية وخدمة سيئة، يجب ان يكون الهدف الأول والأهم هو تقديم خدمة ذات جودة عالية، أن يكون الإتقان وخدمة المجتمع هو الأهم والأساس قبل كل شيء، من أجل المساهمة في نماء وإثراء الحياة وترك بصمة حسنة.

من نتائج هذه اللخبطة في وضع الأولويات هو ما نراه من بعض المواقع على شبكة الانترنت، المواقع التي يكون همها الأول كسب رضى قوقل والكسب من وراء الاعلانات، دون الاكتراث بالمحتوى والزوار، ودون الاهتمام بالفائدة الناتجة عن محتوى الموقع، يهتم بجلب أكبر عدد من الزوار ونشر أكبر عدد من الاعلانات، مزعجة أو غير مزعجة، ومحتوى أخلاقي أو غير أخلاقي، المهم هو أن يكسب بعض الدولارات.

لكن رغم ذلك هنالك قاعدة تمضي في مجال الواقع الافتراضية (الرقمي) وهي أن الأفضل يدوم ويبقى، الخدمة الجيدة تجد الانتشار والإقبال ومن ثم النجاح والإزدهار حتى ولو بعد حين، لذلك فحتى عندما يكون الهدف الربحي والمكسب المادي هو الأهم والأساس لصاحب المشروع، سنجد أنه من أجل ان يصل إلى هدفه يجب عليه أن يقدم خدمة ذات جودة عالية، لأن الإتقان اليوم أصبح الطريق الأسرع للنجاح وتحقيق المكاسب المادية.

إذا الخلاصة: المشاريع التي تمتلك نموذجاً ربحياً ناجحاً تستمر وتنموا، أما تلك التي لا تمتلك ففي الغالب تتوقف وتتعثر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى