هاشتاق سعودي .. الإشاعة والتأثير
سبق في مقالات ماضية أن تحدثنا عن المحتوى الرقمي وشيءٍ من تفاصيله، ومن أهم المحتوى الرقمي هو المحتوى السعودي، والذي يعتبر مؤثرا في حركة الرأي العام العربي وبشكل كبير، ويأتي بعده المحتوى المصري، وهو الأقوى حضورا على شبكة فيس بوك.
المحتوى السعودي على تويتر كبير جدًا ومتنوع ومتعدد المواضيع، ولعل الطاغي عليه وبشكل ملحوظ هو المحتوى الرياضي والساخر والذي يحظى بحركة كبيرة جدا من الجماهير وهي القاعدة التي تملك حسابات ضخمة بعددها وعدد المحتوى الذي تنشره.
ذلك؛ لأنه أصبح من بدهيات الحياة في المجتمع السعودي أن يكون لديك حساب في تويتر، أو غدا شبه واجب اجتماعي حتى يتعرف الناس على ما يجري في بلدهم، فهو بلا شك مشاهَد ومتابع أكثر من القنوات الرسمية للبلد..!
لأجل ذلك كله يعد المحتوى السعودي محتوى مؤثرًا وله وزنه، وفي بعض الأحيان يلعب في الرأي العام للصحافة والإعلام التقليدي، حيث إن تويتر غدا مادة دسمة لمعدي البرامج والنشرات الإخبارية السعودية بتطرقها لمواضيع شائعة أو أحداث متداولة عبر تويتر.
تويتر جزء أساسي من المعلومة السعودية، يمكنك إذا سمعت أي خبر مهم، أو غير مهم، بأن تدخل على شبكة تويتر وتبحث عن صحة الخبر وتبعاته ومآلاته وما قال الجمهور بشأنه.
ولأن الكل يحضر في تويتر، أصبح من يسيِّر كفتَه هو الرأيُ الأكبر والمحتوى الأكثر نشرا وهم العامة من الناس، تمامًا كما إذا كنت في مجلس فيه عدة مثقفين وآلالاف الحضور، ولو تكلموا بوقت واحد فإنك لن تسمع كلام المثقفين ولن يصلك صوتهم، بل الذي يكون له الحضور هو ضجيج الآلاف التي تتحدث..
والمشكلة تكمن بكثرة المتحدثين وقلة دقة حديثهم وقلة صواب ما يقولون وضعف النقل وخطأ الفهم، لذلك يتشكل رأي عام خطأ بلحظات ويقع الكل في الحديث فيه قبل أن يتسنى التأكد منه أو معرفة مصدره..
فالنسبة الأكبر والأكثر هي للحسابات التي تتخذ أسماء مستعارة وصورا غير شخصية، لذلك يصعب معرفة الحقيقة مباشرة إلا بعد التدقيق والتمحيص.
الشائعات في تويتر سريعة الانتشار كبيرة التأثير، وسرعان ما يهرف الجميع بإدلاء رأيه والتعبير عما يجول بخاطره في وسمٍ انتشر وقد يقع بعرض شخص ما أو يتهمه بما ليس فيه، قبل أن يتأكد مَن القائل وما صحة الخبر المنقول.
حسنات تويتر التي هي إيصال الرأي العام للمسؤول، والتأثير والتغيير للأفضل، وفضح الفساد والمحسوبيات، يعثرها كثرة الشائعات وكثرة المحتوى عديم الفائدة.
لك أن تراقب أنشط الهاشتاقات في اليوم لترى أن أغلبها ساخرة أو ساذجة أو حتى سخيفة، فالجمهور العام الذي يملك عددًا هائلا من الحسابات، يمكنه بدقائق أن يرفع الهاشتاق ليصبح ترند، وهنا يرى بعض المشاهير أن من واجبه المشاركة بكل حساب نشط ليقول رأيه، وتشارك فيه حسابات الأنشطة التجارية لتسوق لنفسها، ويشارك فيه من يريد أن يزيد متابعيه، فيتأجج “هاشتاق” لا قيمة له ولا فائدة فيه، والمسؤولية تقع على الجميع.
ليس شرطًا أيها الداعية أو المشهور أو الفنان أن تشارك بكل وسم وتعطي رأيك ضدا أو إيجابًا، فذلك يعتبر دعاية له؛ إذ يقوم متابعوك بالمشاركة فيه تلقائيا اقتداءً بك، فتنشر ما حقه التمويت والاندثار.
يحتاج الرأي الجمعي السعودي تثقيفا ملحًا لمحتوى تويتر، وهو شيء يكاد يكون معجزي؛ إذ لا يمكنك أن تنصح ملايين الناس بالكتابة بشكل مهني أو دقيق، فليس عند الجموع وقت للتفكير أو التأكد من شيء، كل ما لديه تغريدةٌ يكتبها ليكون له رأي ومشورة ..!
ولكن من المحتم والواجب أن يعرف مشاهير تويتر، ذوي المتابعة العالية، بأهمية الكتابة والمشاركة، والتدقيق عليها والتحقق مما يكتبون ومما يشاركون فيه، فعليهم جزء كبير من المسؤولية والمهمة، لكي لا يزيدوا الطين بلة..!
الكاتب: جعفر الوردي