هل يُمكننا أن نتطلع الى جيل جديد من صانعي الإلكترونيات العرب مع رقائق أردوينو ١٠١ ؟!
في العام ٢٠٠٥، رأت فكرة مشروع “أردوينو” النور على يد شريكان إيطاليان مُهتمان بصناعة وتطوير الإلكترونيات، كان الهدف من وراء المشروع هو كسر إحتكار الإبتكار في مجال تصنيع الإلكترونيات الدقيقة لعى المُحترفين والشركات الكُبرى. خلال السنوات الثمانية التي تلت إطلاق هذا المشروع، وصلت رقاقات “أردوينو” الإلكترونية الى أيادي ٧٠٠ ألف مُبتكر وشاب مُفعم بالحيوية حول العالم، واكنت السبب وراء كثير من الإبتكارات والطفرات النوعية التي شهدناها في صورة مشروعات صغيرة مُبتكرة عبر منصات التمويل الإجتماعي – Crowd Funding – في مجالات الروبوت، إلكترونيات المنزل الذكي، والإلكترونيات التي يرتديها المُستخدم.
ما هو “أردوينو” ؟
لمن لا يعرف المشروع، تتمثل الفكرة ببساطة في تصميم لوحة إلكترونية مُتكاملة، تُشبه للوحة الأم الخاصة بالحاسب، ولكنها تمتاز بمواصفات أساسية هي كونها تتوافق مع عدد هائل من المُستشعرات والمُلحقات الطرفية ويُمكن توصيلها بهم ببساطة شديدة، تتم إدارتها عن طريق نظام تشغيل بسيط يسهل إستخدامه وبرمجته بمعرفة إلكترونية بسيطة، رخيصة الثمن، سهلة الإستخدام، قليلة إستهلاك الطاقة، والأهم أنها مفتوحة المصدر وتمتلك مُجتمع من المطورين الناشئين ممن يستخدمون هذة اللوحات لأغراض تعلم التعامل مع الإلكترونيات الدقيقة.
كيف يُمكنك أن تستفيد منه ؟ وما هي الفُرص المُتاحة ؟
صُممت لوحات “أردوينو” الإلكترونية لتستهدف المُبتدئين، فهي لا تحتاج سوى لمعرفة بسيطة بأُسس التعامل مع اللوحات الإلكترونية، وحتى تلك المعرفة يُمكنك تحصيلها من خلال مُطالعة مُجتمعات تبادل المعرفة المُختصة بهذة المنصات مفتوحة المصدر. تتعدد الفرص والإحتمالات المُتاحة لإستغلال هذة اللوحات زهيدة التكلفة في إنتاج مشروعات مُبتكرة مُذهلة تقوم بأي شئ وكل شئ قد يخطر ببالك. تمتاز منصة “أردوينو” بالأساس بتوافقيتها الشديدة، وهو ما يُمكن ترجمته الى إمكانية تحويل أي شئ صلب من حولك الى عنصر ذكي قادر على التواصل وتنفيذ الأوامر من خلال وصله بمنصة “أردوينيو”. وتتراوح المشروعات التي تم إنجازها بالفعل إعتمادا على تلك المنصة بين مشروعات بسيطة للغاية مثل مصباح مُضئ يتم التحكم بشدة إضاءته من خلال الإنترنت، وتصل الى مشروعات عملاقة شديدة التعقيد مثل أجهزة الروبوت مُتعددة الأغراض.
لماذا يجب أن نهتم كمُجتمع عربي بمشروع “أردوينو” ؟
تُعاني المُجتمعات العربية في مُعظمها من نقص الإهتمام بالصناعات، وبخاصة الصناعات الدقيقة في مجال الإلكترونيات. وتكمن أهمية منصات “أردوينو” في كونها تجعل تلك الصناعة المُعقدة التي كانت حكرا على الشركات الكُبرى مُتاحة أمام الشباب ممن يمتلكون أفكار مُبتكرة لمُنتجات إلكترونية ذكية، ولكنهم لا يدرون من أين البداية لتنفيذ تلك الأفكار على أرض الواقع. تفتح اللوحات الإلكترونية مفتوحة المصدر الطريق أمام الشباب العرب ممن يهتمون بالإلكترونيات لأن يُبدعو ويُنتجو مشروعات إلكترونية مُبتكرة ومُفيدة، دون الحاجة الى إمكانيات كبيرة، ودون الحاجة الى معرفة تقنية شديدة التعقيد.
“أردوينو ١٠١” جيل جديد من الرقاقات مفتوحة المصدر، بدعم من إنتل
مع إستمرار النجاح الذي حققه مشروع “أردوينو”، كان لابد و أن يلقى المشروع دعما من رواد صناعة الإلكترونيات، وهو ما حدث بالفعل منذ عدة أيام حيث أعلنت “إنتل”، الصانع الاكبر لرقائق السيليكون في العالم، عن شراكة جديدة مع مشروع “أردوينو”. تأتي الشراكة الجديدة في صورة لوحات إلكترونية جديدة ستحمل إسم “أردوينو ١٠١” في الولايات المُتحدة، أو “جينوينو ١٠١” خارج الولايات المتحدة.
تأتي اللوحات الجديدة كجزء من مُبادرات “إنتل” لدعم رواد الأعمال والمُبتكرين الشباب، وهو ما يُمثل إعترافا بأهمية تلك المشروعات الإلكترونية الصغيرة في إبتكار أجيال جديدة من المُنتجات الإلكترونية الثورية. ما سيجعل لوحات “أردوينو ١٠١” الجديدة مُميزة هو الآتي:
تعتمد لوحات “أردوينو ١٠١” على منصة Intel Curie الجديدة من “إنتل”، والتي أطلقتها الشركة خصيصا من أجل المُنتجات الإلكترونية التي يرتديها الإنسان – Wearables – وتتميز بكونها تعمل لفترات طويلة جدا إعتمادا على كميات قليلة من الطاقة، بالإضافة الى توافقيتها الواسعة.
- تحتوي لوحات “أردوينو ١٠١” بشكل إفتراضي على دعم للبلوتوث، مُستشعر للوضع والحركة، ومُستشعر لسرعة الحركة، ما يُغني المُطورين عن إضافة تلك المُلحقات
- ستتوافر اللوحة كاملة بسعر ٣٠ دولار أمريكي فقط خلال الربع الاول من العام المقبل ٢٠١٦
ما يبدو لي أكثر فائدة في الواقع هو عزم “إنتل” تضمين تلك اللوحة الجديدة في برامج دراسية مُعدة لتعليم الهواة والمُبتدئين تصميم الدوائر الإلكترونية وبرمجة النظم الإلكترونية إعتمادا على تلك اللوحات مفتوحة المصدر.
لم يعُد التساؤل عن مدى الإسهامات الكبيرة والآفاق الواسعة المُتاحة أمام الشباب المُبتكرين من خلال لوحات “أردوينو”، ولكن التساؤل الحقيقي الآن سيبقى حول وجود الرغبة الحقيقية لدى شباب المُطورين في المنطقة لإستغلال هذة الفرصة الماثلة أمامهم، والتي لا تزال مع الأسف محدودة للغاية.