كيف تتعلم تكثيف الألفاظ للتقنية الحديثة
التكثيف فن التخلي عن الحشو في الكلام، والزهد في الألفاظ التي لا داعي من ذكرها إلا للتطويل وزيادة الشرح والتبيان، في حين أنه يمكننا أن نبيّن أمرا ما في ألفاظ قليلة ومعانٍ محدودة.
ومع سرعة العالم الحقيقي تتلوه سرعة العالم الافتراضي والعالم الرقمي، فهذه السرعة يحتاج مَن يواكبها بالألفاظ والمعاني أيضا.
لذا أصبح من المهم حقا أن يكون لديك اختصار كبير وتقليل من الحشو والكلام الزائد الذي يمكن الاستغناء عنه.
لكن كيف يمكنك أن تتعلم هذا التكثيف في اللغة العربية، وكيف يمكنك أن تجاريه وتمتلك أدواته.
أول ما يمكن أن تتمتع به لتستطيع استبدال معنىً مكان آخر ولفظ مكان آخر هو أن يكون لديك مخزون لفظي كافٍ لهذا الشيء، فكلما زاد اطلاعك وكثرت قراءتك كلما تخزّن في ذهنك العديد من الألفاظ والمرادفات التي ستسعفك وقت الاختصار والتكثيف.
ولأننا نتكلم عن التكثيف ينبغي أن يكون هذا المقال مكثفا ومختصرًا أيضا J ..
قلنا إذنا المخزون اللفظي في حافظتك وذهنك له الدور الأساسي في مساعدتك، وأيضا التدريب والممارسة وقراءة المحتوى المختصر والمكثّف يساعد كذلك على التمرّس.
يمكنك أن تتدرب على التكثيف بأن تأتي بتغريدات لأي شخص، ثم تجلس وتحللها وتحاول أن تختصر منها وتستبدل لفظا مكان آخر بدون أن يكون هناك خللا في المعنى ولا تشويها للتركيب، فهذا التدريب يعطيك القدرة الكبيرة على التمرّس ويساعدك على أن تألَفَ التغيير بالألفاظ لتصل للمعنى المقصود بأقل كلفة لفظية ممكنة.
نأخذ أمثلة لهذا التدريب:
(هل تذوّقت السعادة في لحظة إخبات وسجود اختلط فيها الفرح بالدمع بالشكر بالبهجة بالحبور، حينما سجد بدنك وقلبك وعظامك وأحشاؤك وعقلك وضميرك وروحك؟)
عدد هذه الحروف 140 حرفا تماما.
ما الذي يمكننا أن نفعل بها لنختصرها دون أن نُخلّ بالمعنى ؟
يمكننا أن نقول:
(هل ذُقت السعادة لحظة سجود وإخبات اختلط فيها الفرح بالدمع بالشكر بالبهجة بالحبور، حينما سجد كلّك لله تعالى؟)
أصبح عدد الحروف 105 حرفا فقط. وتم توفير 35 حرفا. وبهذا أمكننا أن نختصر ونكثف هذه التغريدة دون أن نخلّ بمعناها أو نبعدها عن مؤداها.
فتم اختصار كلمة تذوقت (5 أحرف) بكلمة ذقت (3 أحرف) وبقي المعنى على حاله تماما.
واختصرنا كلمات (بدنك وقلبك وعظامك وأحشاؤك وعقلك وضميرك وروحك) بكلمة واحدة وهي (كلّك) لأن هذه الأشياء حقيقة هي كل ما يملكه الإنسان، وتحتوي عل كل لفظ قد استغنينا عنه.
لذلك كان اختصارنا صحيحا، وأمكننا من أن نأتي بالمعنى كاملا دون تشويه للنص الأساسي.
ومع ذلك ربما يبقى بعض التفصيل أجمل من الاختصار، ويبقى الشرح يزيد الأمر بيانا وإيضاحا لكن دون حشو وتفصيل ممل، ويبقى تعلّم التكثيف والاختصار يسعفك في الكثير من الأمور.
أصبح الآن بإمكانك البدء بالتدريب وتعلم التكثيف، ويمكنني أن أساعدك في أي سؤال عبر حسابي في تويتر (gafrwrd@)، كما يمكنك أن تستعين بقاموس عربي – عربي مثل (مختار الصحاح، أو موقع إلكتروني على شكل قاموس مثل (الباحث العربي).
جعفر الوردي
إنها البلاغة
موضوع جميل :)