كيف تبدو الحياة خلال يومين مُتصلين من العمل باستخدام جهاز “٢ في ١” ؟!
خلال شهر رمضان الماضي، إلتقيت بصديق يعمل كإداري في قطاع المبيعات في شركة “إنتل” في مصر على مائدة سحور رمضانية، وتطرق الحوار بيننا – لسبب ما – الى فئات المُنتجات التقنية التي غزت الأسواق في مرحلة زمنية مُعينة، ثم تلاشت، وقد كان المثال الأكثر تعبيرا عن هذا الحديث هو فئة أجهزة النت بوك “Netbook”، والتي إنتشرت بين المستخدمين كالنار في الهشيم بين عامي ٢٠٠٨ و ٢٠١٢. لا أظن أن أكثر المُتشائمين كان يُمكنه أن يتصور، وهو يُشاهد مئات الإصدارات الجديدة من أجهزة النت بوك تُضاف الى الأسواق يوما بعد يوم، أن تتوقف مُعظم الشركات التقنية الكُبرى عن إنتاج هذة الفئة بأكملها بنهاية العام ٢٠١٢، ولكن المُثير للإهتمام هنا هو أن من يقفون وراء هذة الصناعة وحدهم كانوا يعلمون هذا المصير المُنتظر. منذ بداية ظهور النت بوك بالأسواق، كان صديقي يُخبرني مرارا بأن هذا ليس مُستقبل الحاسبات، فئة الحاسبات المحمولة الخفيفة “Ultrabook” على النقيض هي مُستقبل الحاسبات المحمولة خلال السنوات القليلة المُقبلة.
في حين أن مُنتجي الحواسيب والأجهزة الإلكترونية هم من يُقدمون لنا التقنية في شكلها المألوف للمُستخدم النهائي، إلا أن صانعي رقائق السيليكون، وبخاصة “إنتل”، هم في واقع الأمر من يتصورون مُستقبل تلك الأجهزة، وكيفية تعامل المُستخدم معها، وإقباله على شرائها.
ربما تتسائل الآن عن العلاقة بين هذة المُقدمة وعنوان المقال، وهي علاقة وثيقة للغاية، حيث أن فئة أجهزة “٢ في ١” الجديدة، والتي تتكون من جهاز حاسب محمول كامل يُمكن فصل شاشة العرض الخاصة به عن لوحة المفاتيح وإستخدامه كجهاز لوحي سريع الإستخدام، أطلت علينا للمرة الأولى من خلال مؤتمر “إنتل للمطورين” IDF العام قبل الماضي كفئة إختبارية مثلها في ذلك مثل النت بوك، وهو ما جعلني أطرح هذا التساؤل، هل يُمكن أن تصلح هذة الفئة من الأجهزة في أن تفي بإحتياجات المُستخدم العملية وأن تُغنيه عن حاسبه المحمول وجهازه اللوحي ؟! بحثا عن هذة الإجابة، إستخدمت جهاز Asus Transformer Book حصريا كجهاز وحيد للعمل لمدة يومين مُتواصلين، وهذة كانت نتيجة هذا الإختبار.
الشكل الخارجي وعملية التصميم:
تُحاول أجهزة الفئة “٢ في ١” دائما أن تتمسك بأصولها كأجهزة لوحية صالحة للحركة والتنقل، لذلك فإن الغالبية العُظمى لهذة الأجهزة تحمل شاشات عرض في نطاق ١٠ الى ١١ إنش، والجهاز الذي إستخدمته اليوم، Asus Transformer Book، يحمل شاشة بقياس ١٠,١ إنش. تأتي الأبعاد الخارجية للجهاز اللوحي عند فصله عن لوحة المفاتيح مُناسبة وعملية للحركة والتنقل، ولا يختلف الجهاز كثيرا عن أي جهاز لوحي تقليدي، ولكن الغريب في الأمر هو أن النصف الآخر للجهاز المُزدوج، والذي يحتوي على لوحة المفاتيح والتوجيه ومنفذ USB 3.0، أكثر سُمكا من الجهاز اللوحي نفسه، على الرغم من كونه لا يحتوي على أية وحدات مُعالجة أو بطارية.
لم أجدني أميل الى حمل الجهاز كاملا عند التنقل، لا يعود الأمر فقط الى كونه أكثر سُمكا، ولكن يبدو أن السنوات القليلة الماضية فرضت علينا نظرة إفتراضية تتعلق فقط بأن الأجهزة اللوحية وحدها هي المُناسبة لأن نحملها في اليد. لم أواجه مُشكلات في إستخدام الجهاز اللوحي عند الحركة، ولم ينتابني شعور بإفتقاد وجود لوحة المفاتيح عند القيام بالمهام اليومية البسيطة التي أعتاد على إستخدام جهاز لوحي للقيام بها، ولكنني بالتأكيد إفتقدت وجود شاشة عرض كبيرة الحجم ولوحة توجيه مُريحة عند إستخدامه كحاسب محمول.
الإستخدام والأداء:
تحمل أجهزة “٢ في ١” بين طياتها معالجات “إنتل” هادئة التبريد، والتي لا يعتمد تصميمها الحراري على وجود مراوح لتبريدها “Fanless”، وتُعد هذة هي الميزة المحورية لهذة الأجهزة، والتي أتاحت إستخدامها كأجهزة لوحية دون مشاكل. تضم هذة الفئة من المعالجات سلسلة مُعالجات Intel Atom بجيلها الجديد، ومُعالجات Intel Core M المُعدة للأجهزة المُتنقلة، وفي الوقت الذي تتطورت فيه هذة الأجيال الجديدة من المعالجات كثيرا عن سابقاتها، ما سيجعلك تشعر بالراحة عند إستخدام الحاسب للقيام بمُعظم المهام اليومية التقليدية، بين تصفح للإنترنت، مُعالجة البيانات، تصفح البريد الإلكتروني، وكذلك إستخدام تطبيقات العمل المُعتادة، وحتى الترفيه بمشاهدة مقاطع الفيديو عالية التحديد، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا الى الذاكرة الصلبة Flash Storage الخاصة بالجهاز، إلا أنك ستبدأ بمواجهة المُشكلات إذا ما حاولت إستخدامه في مهام مُعالجة الفيديو وغيرها من المهام المُعقدة.
مثلها في ذلك مثل الأجهزة اللوحية، تدوم بطارية Asus Transformer Book، وقُرنائه، لمدة ١٠ ساعات من الإستخدام التقليدي المُستمر، وهو ما كان يكفيني ليوم عمل كامل مُتصل، وليزداد الأمر إيجابية فإن الشاحن الخاص بالجهاز مُماثل لشاحن الأجهزة اللوحية صغير الحجم، ويعمل عبر الUSB ما يجعله يصلح للشحن في أي مكان، ومن خلال أي مصدر.
يضم الجهاز اللوحي منفذ لشحن الحاسب، منفذ micro-HDMI لتوصيل شاشة عرض خارجية، ومكان لبطاقة microSD لزيادة سعة تخزين الحاسب. فيما يحمل نصف الحاسب الذي يضم لوحة المفاتيح ولوحة التوجيه منفذ USB 3.0 واحد، ولا شئ غيره، وفي حين كان هذا المنفذ حيويا في هذة التجربة التي نرويها، فإنني لازلت أشعر بأن الحاسب كان يحتاج الى مزيد من المنافذ التي تُكمل من تجربة إستخدامه كحاسب محمول عملي.
نظام التشغيل:
لا أظننا سنختلف على أنه لم يكن مُمكنا لنا أن نرى مثل هذة الفئة من الأجهزة قبل ظهور نظام التشغيل ويندوز ٨، ومن بعده ويندوز ١٠، وما أحدثته تلك الأنظمة من سد للفجوة التي كانت تفصل الأجهزة اللوحية عن الحاسبات المحمولة. يستطيع كل من تعامل مع أنظمة ويندوز بجيليها الأخيرين أن يُدرك أنها أنظمة أُعدت خصيصا لتجعل التعامل معها من خلال اللمس بأكثر من إصبع شديد اليُسر والسهولة. في بعض الأوقات تشعر بأنك تود أن تستخدم أصابعك لتصل الى ما تريد بطريقة أسرع من إستخدام لوحة التوجيه، لا يدخل الحديث عن تفاصيل نظام التشغيل ويندوز في نطاق هذة التجربة هنا، ولكن ما يعنيني فقط هو توافق النظام بشكل سلس مع آلية التنقل بين وضع الحاسب المحمول ووضع الجهاز اللوحي، وهو شئ بالفعل مُلاحظ.
الخُلاصة:
على مدار يومين من الإستخدام المُتصل نجح جهاز Asus Transformer Book ، أحد أجهزة الفئة “٢ في ١”، في القيام بالغالبية العُظمى من المهام اليومية التي قد يحتاج إليها المُستخدم التقليدي بصفة مُستمرة، والحقيقة هي أن من إعتاد إستخدام الأجهزة اللوحية سيسعد بالإضافات التي سيحصل عليها مع هذة الفئة من الأجهزة، مثل لوحة المفاتيح، والمنافذ الإضافية. ولكن المُشكلة الفعلية هنا تكمُن في أن هذة الفئة من الحواسيب لا تتجاوز كونها مجرد جهاز لوحي ببعض المُلحقات، ولا يُمكنني أن أصف التجربة النهائية التي ستحصل عليها هنا بأنها مُماثلة، أو مُشابهة، لتجربة إستخدام الحاسب المحمول الفعلي من حيث الإنتاجية. ستبقى أجهزة “٢ في ١”، في تقديري الشخصي، مُجرد فئة تجريبية تُثبت أنه لا يزال هناك المزيد من أطوار الأجهزة الإلكترونية في الطريق، ولكنني لا أظنها سترقى لتُصبح فئة ذات شعبية.