أربع خصائص رئيسية لأي شبكة اجتماعية
لقد اصبح لمواقع شبكات التواصل الاجتماعية شأن عظيم، فقد تمكنت في السنوات الأخيرة من لم شمل المستخدمين وجمعهم تحت مظلاتها ، بعد أن كانوا تائهين في المنتديات وبين المواقع المتفرقة، كانت المنتديات سابقاً المكان الوحيد الذي يسمح للمستخدم أن يعبر عن رأيه ويخرج ما بداخله على هيئة حروف وكلمات، وكانت تقدم وسيلة بسيطة للتواصل بين البشر المنتشرين في أرجاء المعمورة. لكن بعد أن ظهرت الشبكات الاجتماعية ، تمكنت في وقت قصير أن تجذب قطاع كبير من المستخدمين وأصبحت هذه المواقع هي وجهة التصفح الرئيسية لكثير من المستخدمين والمواقع المفضلة لقضاء أوقاتهم على شبكة الانترنت.
السؤال هنا، كيف تمكن موقع مثل الفيسبوك أن يتعدى المليار مستخدم ، وماهي المميزات او الخصائص الرئيسية التي تجذب المستخدمين إلى هذا الموقع وإلى غيره من مواقع شبكات التواصل ، وبغض النظر عن الحملات الدعائية التي تقوم بها هذه الشبكات من أجل جذب المزيد من المستخدمين ،، إلا أن هنالك خصائص رئيسية ومشتركة بين هذه المواقع ساهمت في شهرتها وانتشارها الواسع.
سنقدم لكم اليوم (بناءً على نتائج أكاديمية) أربعة خصائص أساسية مشتركة بين جميع الشبكات الاجتماعية ،، هذه الخصائص هي السمات الأساسية التي تميز مواقع الشبكات الاجتماعية عن أي موقع آخر ،، من خلالها تستطيع أن تحكم على أي موقع فيما إذا كان شبكة اجتماعية فعلاً أم موقع عادي يقدم بعض الخصائص الاجتماعية.
1) المستخدمون هم من يصنعون المحتوى
المحتوى قد يكون له أكثر من صورة ،، فهو محتوى نصي في الكثير من الشبكات ، وهو كذلك محتوى صوري كما في موقع فليكر، وهو محتوى صوتي كما في ساوند كلاود ، وهو كذلك على هيئة فيديو كما في اليوتيوب ،، تلك الشبكات الاجتماعية متخصصة في نوعية محددة من المحتوى لكن طبعاً لا يمنع هذا ان يكون هنالك اشكال اخرى للمحتوى.
المحتوى في شبكات التواصل الاجتماعية مصنوع من قبل المستخدمين أنفسهم ، ليس من قبل المطورين او ملاك الشبكة الاجتماعية ،، لا يستطيع صاحب الشبكة الاجتماعية ان يضيف المحتوى إلى الشبكة إلا بصفته مستخدم ، لذلك عندما يقوم أحدهم ببناء شبكة اجتماعية جديدة فإنها في البداية تكون فارغة من المحتوى ،، يجب عليه ان يجذب المستخدمين الذين سيشاركون في صناعة المحتوى داخل الموقع ،، المطور عليه ان يقوم بتوفير الأدوات اللازمة والجو الملائم كي يحفز المستخدمين أن يساهموا في انشاء وبناء المحتوى داخل الشبكة.
هذه الخاصية من الخصائص الرئيسية التي تفرق بين شبكات التواصل الاجتماعية (ومعها المواقع التشاركية مثل المنتديات) وبين المواقع الاخرى مثل المدونات والمواقع الاخبارية التي تكون مسؤولية اضافة المحتوى فيها هي للإدارة، أما المستخدم فما عليه إلا التلقي والقراءة ، أو المساهمة في تعزيز المحتوى (عبر التعليقات مثلاً).
2) الصفحات الشخصية Profiles
البروفايل (Profile) هي الصفحة التي تمثل الفرد او المؤسسة داخل الشبكة الاجتماعية ،، فكل مستخدم يجب ان يكون له صفحة شخصية تمثله ، هذه الصفحة الشخصية سيتم الاعتماد عليها عند انشاء المحتوى وبناء العلاقات داخل الشبكة، النظام الذي يدير شبكة التواصل الاجتماعية لا يعرف من هو الشخص الذي يجلس خلف شاشة الحاسوب ولا يتعامل معه ، انما يتعامل مع الصفحة الشخصية ، فهذه الصفحة هي الوسيطة بين الشبكة وبين المستخدم، فالمستخدم يمكنه ان يقوم بالكتابة والتفاعل مع الآخرين والتواصل معهم عبر هذا الـ(بروفايل).
يجب ان يكون كل جزء من المحتوى داخل شبكة التواصل الاجتماعية مرتبط بصفحة شخصية (Profile) ، فهو الذي يتم الاعتماد عليه في أي عملية تفاعلية يقوم بها المستخدم داخل الشبكة (مثل طلب الصداقات والتعليقات والتقييمات و…الخ)، لذلك تجد أن شبكات التواصل الاجتماعي تحفزك دائماً وتطلب منك ان تسجل من أجل انشاء صفحة شخصية خاصة بك ،، وإلا فإنك لن تتمكن من التفاعل بأي شكل من الأشكال أو إضافة المحتوى إلى الشبكة ، سوف تتمكن فقط من القراءة وقد يتم حجب خاصية الإطلاع حتى (أو جزء منها) حتى تقوم بإنشاء صفحة شخصية خاصة بك داخل الشبكة.
3) العلاقات بين المستخدمين
هذه الخاصية تعتمد على الخاصية السابقة، لأن العلاقات تتم بين الصفخات الشخصية (Profiles) وليس بين الأشخاص الحقيقيين، الصفحة الشخصية قد تكون معبرة نوعاً ما عن شخصيتك وعن ذاتك لكنها أيضاً قد تكون بعيده كل البعد عن شخصيتك الحقيقة ،، لذلك العلاقات التي تبنى داخل الشبكة الاجتماعية هي علاقات بين صفحات شخصية (Profiles) وليس بين أفراد حقيقيين، وهذه الصفحات الشخصية قد تعبر عن افراد وقد تكون صفحات وهمية او مخالفة للواقع.
أي شبكة اجتماعية يجب ان توفر أي شكل من أشكال صنع العلاقات بين المستخدمين، هذه العلاقات ليست بلا فائدة ، فهنالك الكثير من الخصائص الاجتماعية المرتبطة بها والمعتمدة عليها، من أهمها أيصال المحتوى من مستخدم إلى آخر ،، فالعلاقات في شبكات التواصل تحدد أي محتوى سوف يتم عرضه في الصفحات الرئيسية لكل مستخدم، لكن بشكل عام هنالك نوعين رئيسيين من العلاقات داخل شبكات التواصل الاجتماعي:
- علاقة من طرف واحد: بحيث تتاح بعض الخصائص الاجتماعية لأحد الطرفين دون الآخر (مثلاً يتم عرض منشورات المستخدم الثاني في صفحة المستخدم الأول والعكس غير صحيح) ومن أمثلة هذا النوع خاصية المتابعة في موقع تويتر.
- علاقة تباديلة: وهي إتاحة بعض الخصائص الاجتماعية لكلا المستخدمين على حد سواء (مثلاً عرض المنشورات المستخدم الأول في صفحة المستخدم الثاني والعكس صحيح) ومن أمثلة هذا النوع خاصية (الصداقة) في الفيسبوك.
4) محتوى متغير حسب المستخدم
افترض أنك تجلس بجوار صديقك، وقام كلاً منكم بفتح موقع الفيسبوك، فهل ستجد المحتوى الذي ظهر لك هو نفس المحتوى الذي ظهر لصديقك ؟ بالطبع لا، هذا هو ما يميز الشبكات الاجتماعية بشكل بارز عن بقية المواقع التي تعتمد على المشاركة،، في الفيسبوك وتويتر وغيرها من الشبكات: كل مستخدم يظهر له محتوى مختلف عن الآخر، محتوى مخصص له بالذات، هذا يعتمد في الغالب على العلاقات بين المستخدمين ، لأنه كما هو معروف أن المحتوى يتشكل من خلال منشورات الأصدقاء والصفحات التي يتابعها المستخدم.
هذه الخاصية الأخيرة غير موجودة في المنتديات على سبيل المثال ،، المنتديات بطبيعة الحال لديها الخاصيتين الأولى والثانية، ويمكن أن يتم تطوير المنتدى ليوفر الخاصية الثالثة بأن يتيح إمكانية إضافة الأصدقاء ولو حتى بشكل بسيط وبدائي، لكن المنتديات في آخر المطاف لا توفر الخاصية الرابعة، لأن كل المستخدمين يشاهدون نفس المحتوى عندما يدخلون إلى الصفحة الرئيسية للمنتدى (قد يكون هنالك أجزاء لا تظهر إلا لمن لديهم الصلاحية المناسبة)، أما في الشبكات الاجتماعية فإن المحتوى يختلف من مستخدم إلى مستخدم. ولو أن المنتديات وفرت هذه الخاصية الرابعة لأمكننا ان نسميها شبكة اجتماعية.
كان موقع اليوتيوب من قبل أعوام موقعاً عادياً لمشاركة الفيديوهات ونشرها ،، لكنه أصبح في الآونة الأخيرة شبكة اجتماعية لأنه وفر الخصائص الأساسية السابقة وخاصة الخاصية الرابعة التي تم تطويرها مؤخراً ،، لقد أصبحت الآن تشاهد مقاطع الفيديو من القنوات التي انت مشترك فيها في الصفحة الرئيسية، وكل مستخدم يشاهد فيديوهات اخرى في صفحته الرئيسية بناءً على اشتراكاته.
أخيراً: هذه هي الخصائص التي تم استنتاجها خلال بحث الماجستير، وهنالك الكثير من الخصائص الفرعة والثانوية والتي عادة ما تعتمد على هذه الخصائص الأساسية، وشبكات التواصل الاجتماعية تتسابق في تقديم خصائص جديدة للمستخدم باستمرار من أجل نيل رضاهم.
الشبكات الإجتماعية أصبحت جزءا من حياتنا اليومية لكنها للأسف تستهلك الكثير من أوقاتنا الثمينة ، لذلك من الأفضل استبدال الشبكات الكلاسيكية مثل فايسبوك وتويتر بالشبكات الإجتماعية الثقافية مثل كودريدز التي يمكن اعتبارها كنزا من كنوز الويب أو مثيلاتها العربية مثل http://www.raffy.ws أو http://www.madarij.net , أضف إلى ذلك شبكات التدوين والمقالات والمجلات الثقافية التي أصبحت تساهم في احداث قطيعة مع الإستهلاك السطحي لما يوفره الويب من إمكانيات