مقالات

عن تعقيد و سر نجاح كاندي كراش

كاندي كراش

حتى إن لم تكن تحب الألعاب مثلي، لابد و أن دفعك فضولك بعد تلقي آلاف الإشعارات من أصدقائك حول لعبة كاندي كراش لتجربتها على الأقل لتعرف لم كل هذا الإقبال عليها، ثم تجد نفسك فجأة احببتها و ادمنتها و وصلت لمراحل مئوية وبدأت تستجدي أصدقائك لمساعدتك أيضاً. ما السر في هذا ؟ ما الذي يجعل ” مجرد ” لعبة تحقق أكثر من 600 ألف دولار كعائدات يومية ويتم لعبها أكثر من 1.4 مليار مرة يومياً؟

أطلقت شركة King اللعبة لأول مرة على شبكة فيس بوك في ابريل 2012، وما هي إلا أشهر قليلة حتى أطلقتها على الهواتف المحمولة في نوفمبر 2012 وحصلت على 10 مليون تحميل في أول شهر فقط وبعدها أصبحت اللعبة الأكثر استخداماً على فيس بوك وحصلت على 45 مليون مستخدم نشط في مارس.

حسناً أول ما تجربها تلاحظ التصميم الجميل المبهر، استخدام الألوان في كاندي كراش مدروس للغاية فلن تجد قطعة حلوى أو سكاكر ليست واقعية وكذلك لونها غريب، هذا التنوع اللوني والمصمم بعناية يبعث شعور لطيف في الإنسان.

وثانياً ستلاحظ أنها تختلف عن ملايين الألعاب المشابهة التي تعتمد على مبدأ جمع ثلاثة قطع من نفس اللون ليتم حذفها، العامل الرئيسي في اللعبة أنها تحوي قصة و تدرج في الأحداث والمراحل وإدخال اضافات جديدة في كل مرة.

نعم اللعبة ليست بسيطة من حيث المبدأ مثل الألعاب البلاستيكية المشابهة التي كنا نشتريها في طفولتنا، ليست عملية رقمنة لتلك اللعبة انما تجربة خاصة بها. ومع ذلك فإن اللعبة سهلة الفهم ويمكن لأي طفل مهما صغر عمره أن يعرف كيف يلعب بها لاسيما في المراحل الأولى، مع مؤثرات بصرية وحركية و حتى الموسيقا الخلفية كلها تجعل الطفل يركز أكثر، والطريف أن اللعبة موجهة للكبار كما هي للأطفال و اجزم أن الكبار يلعبون بها أكثر.

إن تدرجت في المراحل ستلاحظ أنك بدأت تدخل في منحنى التعلم الخاص باللعبة، هناك حوالي 800 مرحلة في نسخة فيس بوك مع أكثر من 500 مرحلة من عالم الأحلام وتضاف مراحل جديدة كل اسبوعين. وتبدأ اللعبة بعناصر و مساعدات أبسط ثم تدريجياً تنتقل فيك لأمور اعقد من حيث صعوبة المراحل أو تقنيات تجاوزها أو حتى بطرق التفكير للحل، وهذا يراكم لديك معرفة طوال الأشهر التي تلعبها بها تجعلك لا تتوقف بعدها عن اللعب فأنت أصبحت مندمجاً بها و صارت جزء من يومك لأنها ليست مجرد لعبة بعشرة مراحل تنتهي منها في اسبوع على الأكثر.

كما يقول المثل لاتحكم على الكتاب من غلافه، أيضاً لا تحكم على كاندي كراش من ظاهرها، قد تجدها لعبة للأطفال صغار السن و قد تعتبرها حتى تافهة وبسيطة وسهلة، لكن جرب أن تلعب فيها فإنك ستعاني صعوبة كبيرة في تجاوز المرحلة العاشرة تحديداً وهكذا صممت اللعبة لتكون هذه المرحلة أول حجر عثرة بعد أن تبدأ ببناء منحنى التعلم الخاص بك على مدى تسعة مراحل

وبعدها ستلاحظ تدرج الصعوبة بشكل واضح وستعاني كثيراً من فوز بعض المراحل من التجربة الأولى، هذه الصعوبة تخلق تحدي كبير لديك لاسيما لما تكون كل مرحلة تجربة ممتعة بحد ذاتها.

وبما أن كل مرة تلعب أي مرحلة فإنها تعيد تشكيل السكاكر بطريقة عشوائية جديدة هذا يعطيك مغامرة جديدة ويصعب عليك ابتكار حل أكيد لو كانت كل مرة تظهر نفس المرحلة، فلو لعبت المرحلة الصعبة عشرة أو عشرين مرة ستصل لحل أكيد لها طالما أن قطع السكاكر لايتغير ترتيبها. لكن مع كاندي كراش كل مرة تعيدها و كأنها مرحلة جديدة لأنها تتغير عشوائياً وهذا عامل اضافي مهم في نجاحها لاتوفرها الكثير من الألعاب المشابهة الجامدة مثل لعبة Angry Bird فأي مرحلة صعبة يمكنك اعادتها عدد لانهائي من المرات ولن يتغير فيها شيء بالتالي مع اجراء العديد من التجارب لابد أن تصل للحل النهائي، ولكن مع كاندي كراش هذا غير ممكن.

والمميز في اللعبة أيضاً أنها ليست سباق مع الزمن، لديك الوقت الكافي جداً للتفكير لذا لاترمي حركاتك عشوائياً لأنك في معظم المراحل ستكون محاسباً على كل حركة وليس على الوقت، فاللعبة لعبة تفكير بعيد المدى وليس تفكير بالمرحلة التالية فقط، انها تشبه الشطرنج من ناحية فعليك أن تفكير بعدة نقلات مسبقاً، وهنا يبرز أنها ليست لعبة أطفال بل لعبة كبار وتفكير أيضاً، وبالطبع لايمنعك شيء لو أردت أن تلعبها بطريقة بسيطة للتسلية فقط وهي أن تفكر بالنقلة التالية فقط، لذا ستلاحظ أنها تستهدف كل شرائح الناس، من يود لعبها للتسلية وتحطيم السكاكر أو للتفكير بعيد المدى.

بالعودة لألعاب الطفولة المشابهة التي كنا نسميها ” الأربعة تربح ” حيث عليك تجميع أربعة دوائر بنفس اللون لتربح، كاندي كراش أصبحت أكبر من هذا المبدأ، فهناك مراحل عليك تحطيم الجليد وهناك الجليد المزدوج و الأقفاص وأحياناً يكون الهدف اسقاط قطع فواكه للأسفل بالتالي تنقل تركيزك كلياً إلى هذه القطع وكيفية رسم الطريق إليها بنقلات مدروسة.

حتى لو كنت تلعب مرحلة بسيطة من حيث تجميع ثلاثة سكاكر من نفس اللون، هناك حركات متقدمة مثل الحصول على قطعة سكر جديدة في حال حصلت على عدد أكبر من ثلاثة من نفس اللون لتمسح كامل السطر أو كامل العمود أو القطعة الأقوى التي تكسر كل القطع من لون تختاره، هذه الإضافات كلها تميز تجربة اللعب ومنحنى التعلم لديك، ستلاحظ أنها تبنى بشكل تدريجي وتتعرف عليها ببطئ لتصبح لاحقاً جزء من ثقافة اللعبة.

وأهم سبب في نجاح كاندي كراش هو تكاملها الكبير مع فيس بوك، بل تجبرك على ذلك ولم يعد الأمر خياراً أن تربطها بحسابك على فيس بوك، أي اللعبة تنتقل من مجرد كونها معزولة على جهازك لتصبح لعبة اجتماعية تحيط بك وبأصدقائك وعائلتك وحتى استاذك في الجامعة.

وشروط متابعة اللعبة أمر آخر يضيف عليها المتعة الخطرة، فلايمكنك الحصول سوى على فرصة لعب واحدة كل نصف ساعة، وبعد تجميع خمسة فرص في ساعتين ونصف يتوقف إضافة الفرص لتجبرك اللعبة على أن تترك كل ما لديك وتلعب بها لتحصل لاحقاً على فرص جديدة، لم أجد في حياتي لعبة تدفع المستخدم وتجبره بهذا الشكل ومع كل هذا يبقى راضياً. وفوق هذا تعتمد على مبدأ “التسول الإلكتروني” إن جاز التعبير، عندما تواجهك مرحلة صعبة أو يمكنك تسول فرص إضافية وغيرها من أصدقائك على فيس بوك، انها تجبر الناس أن يفعلوا أشياء لم يكونوا يحلموا أو يقبلوا بفعلها، ملايين الناس اليوم تتسول طلبات فرص لعب أو تجاوز مراحل، صحيح انه مزعج لما تصلك الكثير من الإشعارات لكنه أداة قوية في تسويقها على سبيل التجربة ثم تزرع الإدمان لديك.

ونجاح اللعبة يظهر في أرقامها و إيرادات الشركة، فاللعبة تعتمد مبدأ الفريميوم ( أي اللعبة مجانية لكن بعض المزايا مدفوعة) وحققت العام الماضي 1.88 مليار دولار كعائدات إجمالية منها 568 مليون دولار أباح صافية وهو أعلى 10 مرات من عائداتها في 2012 حيث كانت عند 164.4 مليون دولار منها فقط 8 مليون دولار أرباح صافية.

ويمكنك الدفع لقاء الحصول على فرص اضافية للعب إن لم ترغب بالإنتظار لنصف ساعة وهناك طرق اخرى لتحقيق الربح بشكل اختياري، فاللعب لاتجبرك على دفع أي شيء لكن الإدمان هو الذي يدفعك للدفع وهذا عنصر أقوى بكثير من جعل اللعبة مدفوعة مثلاً، هناك عدة مصادر إيرادات داخل اللعبة تبدأ من 0.99 وحتى 39.99 دولار.

أخيراً طرحت الشركة التي تملك 180 لعبة بـ 14 لغة مختلفة لكن الكاندي كراش هي الأفضل والأنجح بينهم في بورصة نيويورك و أصبحت قيمتها تفوق 7.1 مليار دولار

أقرأ أيضاً: عن بساطة وسر نجاح فلابي بيرد

‫3 تعليقات

  1. السلام عليكم

    لقد قمت بتجربة هذه اللعبة ليومين تقريبا وقمت بعدها فورا بحذفها، أعترف أنها تولد الادمان للشخص ليستمر في لعبها ولكن إلى متى؟ إلى ما لا نهاية؟

    لا شك أن الحظ موجود في هذه اللعبة، ومن لا يوافقني الرأي فلينظر إلى الترتيب العشوائي الذي تنزل به الحلوى في كل مرة تعيد فيها أي مرحلة، أستطيع القول أن هناك عشوائيات لا يمكن حلها أبدا وهذا طبيعي في لعبة الاحتمالات

    بصراحة فكرت فيها قليلا وقلت أن كل شخص حر في وقته و(عمره) كيف يقضيه
    ولكن نحن بالنهاية محاسبون عليه

    هناك ما هو أفضل من اللعب لتقضي به وقتك، ونصيحتي لكم إخوتي… جربو مثلا القراءة والمطالعة والرياضة

    فالله أسأل أن يخلص نوايانا ويحسن خاتمتنا وأن يوفقنا لما فيه خيرنا وصلاحنا في الدين والدنيا والآخرة

    آسف جدا على الإطالة…
    تقبلوا مروري
    والسلام

  2. هذه اللعبة وغيرها إضاعة لوقت شباب المسكين تشغلها بالتالي من الأمور وصرفهم عن قضايا أمتهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى