أسبوع كامل دون شبكات اجتماعية
يوسف البراق كاتب ضيف لدى عالم التقنية لهذا الأسبوع، تستطيع قراءة المزيد لما يكتب على مدونة صفحة ويب الخاصة به.
مللت من تويتر ولم اعد أغرد كما كنت أفعل بالسابق، قبل سنين. أصبحت استهلك ما يظهر لي من الذين أتابعهم من تغريدات ساخرة عن ريادة الأعمال وشخص يسمى بمروان تلودي لا أعرف ما حكايته حتي الآن وروابط مبعثرة ينتهي بي المطاف بعد فتحها بدقائق بحالة شرود ذهني وسرحان، بتساؤل: “كيف وصلت لهذه الصفحة، بالتحديد؟”.
قبل أسبوع من تاريخ نشر هذه المقالة، بينما كنت أتصفح الخط الزمني لتغريدات من أتابعهم صعودًا بإبهام يدي الصغيرة، على شاشة الآيفون بشكل عشوائي ودون تركيز وإصغاء باهتمام لما يمر أمام عيني من نصوص لا تتجاوز حروفها مجرد مئة وأربعون حرفًا، قررت ان أسحب أيقونة تطبيق تويتر الذي اقدسه، Tweetbot من الصفحة الرئيسية لتطبيقاتي، وأفلته بالصفحة الثانية، تاركه هناك مع تطبيقات الدرجة السياحية على متن الآيفون الخاص بي.
عدت بعدها للصفحة الرئيسية لتطبيقاتي وتساءلت، مع نفسي، محدثًا عقلي الباطن: “ماذا لو قمت بإزالة جميع تطبيقات الشبكات الاجتماعية التي استخدمها بشكل مفرط من الصفحة الرئيسية لتطبيقاتي؟ اتساءل واتطلع لكي اشهد ما الذي ستحدثه هذا الخطوة، من تغير في نمط حياتي اليومية، يا ترى؟” وبالفعل… قمت بذلك.
مر أسبوع كامل، الآن؛ 7 أيام متواصلة و168 ساعة من الزمن مضت دون تحقق وتفحص من قبلي لآخر ما نشر ودون حتى مشاركة واحدة على شبكة اجتماعية. إليكم ما أدركته وشهدته من تغيرات في حياتي اليومية طوال تلك الفترة الماضية:
شعور بالوحدة
لدي دائرة أصدقاء بسيطة، لكني لا أخرج بالأسبوع مع الأصدقاء إلا مره أو —بالكثير— مرتين، فقط وبقية الأيام أخرج بمشاوير مع العائلة. الأمر لا يتعلق بكوني “غير اجتماعي” او غيره من هذا القبيل، بل ربما اكون بيتوتيًا، نوعًا ما، وهذا يترك لي أصدقائي “الإنترنتيين” والذين اتفاعل معهم بشكل يومي، حرفيًا، فهذه واحدة من فضائل تقنيات الشبكة العنكبوتية، أو ما يسمى بالإنترنت.
نعم، الوحدة هي أول شعور واجهت في ثالث يوم من الأسبوع الذي انقطعت به عن الشبكات الاجتماعية فلقد وجدت نفسي، لا إراديًا على بعد لمسة زر من مشاركة مقالة مميزة قرأتها بينما كنت أتناول كوب قهوتي الثاني، ذاك المساء!
شعرت اني وحيد في تقديري لما قرأته للتو وان اي تعليق استولده فكري بعد قراءتي، استماعي وحتى مشاهدتي لشيء ما، هو لي وحدي، لوحدي. لا استطيع مشاركته، مع من اعتقد بأنهم سوف يكونون مهتمين به، كما كنت وحماس خلق نقاش مثمر يبدأه تعليقي على المادة التي شاركتها مع تلك الدائرة من الأصدقاء.
صعود سقف الإنتاجية
بعدم تحققي للشبكات الاجتماعية واستهلاكها، أصبحت استبدل وقت الفراغ الذي اعتدت به على الاستهلاك بنسبة 90٪، بالإنتاج الملموس. فهذه المقالة بحد ذاتها، واحدة من ملموسات إنتاجيتي في وقت فراغي الذي بدى لي طويل وممل بسبب توقفي عن إضاعة وقتي وحصره بالاستهلاك، دون علم بمرور الوقت.
رتبت مواعدي بشكل أفضل على تقويمي، تمكنت من الرد على عشرات الرسائل في صندوق بريدي الإلكتروني والتي عادة ما يكون سيناريوها اني أأجل الرد للمساء، ثم لليوم التالي، حتى ينتهي مطاف الرسالة في قاع صندوق البريد ونسيانه! كما اني استطعت ان استثمر وقت لا بأس به في إنشاء مهام يومية على تطبيق Clear والانتهاء منها قبل سقوطي على السرير نعسانًا.
الضجر أصبح الدافع الرئيسي الذي يحركني للإنتاج، طوال هذا الأسبوع المنطوي. حتى اني أصبحت اتوق للجلوس أمام صفحة إلكترونية فارغة خلف نظام إدارة المحتوى، ووردبريس وإيقاعات أزرار لوحة مفاتيحي الميكانيكية وصدى أنغامها المشجع في احد زوايا غرفتي، حيث مكتبي الصغير.
دودة الكتب بدأت تنفض الغبار
أكتنز الكتب. اشتري عشرات الكتب سنويًا واتركها دون قراءة، لسنة أخرى. الأمر لدي اشبه بالإدمان، حقيقتًا. كل ما في الأمر اني أرى انه جمعها شيء جيد ولسبب —على الأقل في حد نظري— فعال؛ فعندما يأتي وقت أريد ان اقرأ به شيء، فلدي مكتبة متكاملة حينها. بالطبع اقرأ بعضها، لكن من بين 10 كتب، ربما أنهي قراءة كتاب واحد متحمس له وأهجر البقية على الرف ليجمعوا الغبار، حتى ان يأتي أوانهم يومًا ما، عندما أكون متعطش للقراءة وهذا الطور يأتيني كل بضعة أشهر.
دودة الكتب هو مصطلح تعبيري يصف من هم بمثل حالتي هذه وربما يكون مصطلح Tsundoku الياباني أدق وأفضل في وصفه للحالة. على كل حال، نهضت من على فراشي ونفثت الغبار عن الرفوف وفرزت 3 كتب من مكتبتي ووضعتها بجانب موضع رأسي، موازية لوسادتي وبدأت اقرأ حتى النعاس.
في جلسة واحدة، أنهيت رواية الفتى النجدي للكاتب السعودي يوسف المحيميد والتي اقتنيتها العام المنصرم، من مكتبة كينوكونيا في احد رحلاتي لدبي كمادة قصيرة اقرأها في الثلاثة أيام التي كنت سأقضيها هناك برعاية سوني الشرق الأوسط بعد مؤتمرهم الإعلامي، بل وفي ثلاثة ليالي، على فراشي، تمكنت من طي آخر صفحة من الذكريات الجزء الثاني لأديب الفقهاء وفقيه الأدباء، الشيخ علي الطنطاوي رحمة الله عليه والآن في منتصف رواية ساق البامبو الفائزة بجائزة البوكر لعام 2013 كأفضل رواية عربية، لكاتبها الكويتي سعود السنعوسي.
هذا بجانب أرشفة عشرات المقالات المطولة التي حفظتها على Instapaper لقراءتها لاحقًا.
عيش وتقدير اللحظات
أصبحت، بحق، أعيش اللحظة وأضع كامل وعيي وأنا في اللحظة، دون تشتت لإخراج هاتفي والتحقق من ما نشر من جديد لاستهلكه. مهما كان بيني يداي، من اتحدث معه أو من اقوم بمراسلته، يحظى بتركيزي وانتباهي له كما لم افعل من قبل تلهفًا لإنهاء مهما كنت ما افعله، للعودة والتحقق من جديد التنبيهات على هاتفي.
المشي، الأكل وحتى ومعاشرة من حولي وغيره من النشاطات البسيطة أصبحت… أتدبرها بتأمل وتقدير عالي، غير مستعجل وغير مشتت وذلك لإدراكي ومعرفتي بأنه أصبح لدي وقت كافي طوال اليوم لأفعل ما أشاء من الأشياء التي اتطلع لفعلها. اما الآن، علي عيش لحظة بلحظة واعط كل شيء حقه من الوقت، لا داعي للعجلة.
* * *
في نهاية هذا الأسبوع ومع النتائج الإيجابية والملموسة التي انعكست على نمط حياتي اليومية، لا اعلم ان كنت متحمس لجولة ثانية؛ فمن المستحيل ان انقطع عن الشبكات الاجتماعية للأبد، حتى مقابل اكراميات التجربة علي. فأنا ابن الإنترنت. لكني —وهذا بكل تأكيد— سأحث نفسي على الموازنة بين الاستهلاك والإنتاج والخروج بكلتيهما، بتعادل معقول. فأن خرجت بهذه التجربة باستنتاج واحد، فهو إيقاني الآن لما كنت أضيعه في استهلاك وقتي… بالاستهلاك وحده.
مقال أكثر من رائع، وفعلًا الشبكات الاجتماعية هي آفة هذا الزمان حتى أنّ أغلب الشركات تحظر على موظفيها الدخول إلى الفيسبوك تحديدًا بسبب إضاعته للوقت دون إنتاجية. بارك الله فيك أخ يوسف.
عزيزي الكاتب، المشكلة ليست بمواقع التواصل الاجتماعي بل بالعشوائية في تفقدها مع اندماجها مع الاجهزة الذكية المحمولة..
لو انك خصصت في اليوم فترة او فترتين محددتين الاستطلاع لوجدت نفس النتائج، عملية الاستطلاع المتكرر تفقد التركيز و تهدر الوقت لمطالعة المحتوى المتكرر.. خصص وقت مناسب و محدد للاستطلاع و ذلك يشمل رسائل الواتساب الغير ضرورية و ستجد الضجر في وقت فراغك لانك لم تعد تمارس رياضة الاصبع على شاشة الجهاز
مقالة ممتازة شكرا لك
شكرا للمشاركة٬ انا الان كمان اسبوع تقريبا بدون فيس بوك (منتشر عنا اكثر) وصراحه حاسس حالي حر اخيرا الوقت اصبح ملكي٫ مثل ماتفضلت الشئ الي بقتل هو الملل ومحاوله مشاركه شيء اعجبك لاصدقائك٫ لكن بدآت شوية شوية انظم اموري اكثر٫ والفيس بوك استهلاك وضياع للوقت بشكل كبير٫ قرائتي لمقالتك افضل من قضاء عشرات السعات بدون عمل محدد علا الفيس بوك!
شكراً لك.
الكاتب لم يقل بأنها مشكلة الشبكات الاجتماعية، بل ان مقالته ككل تتحدث عن كيف انها مشكلته في الاستهلاك فقط. لا يبدو لي بأنك قرأت المقالة كاملة بصراحة، عزيزي.
بعطيك فكرة وراح تستفيد اكثر,, بيع الجوالات وخذ لك ابو كشاف لمدة شهر .. وشوف كيف ترجع انسان … صدقني ..
أهلاً عزيزي,
أرجوا أن تكون بخير.. هل تعلم لماذا أفتح الفيسبوك او غيره؟- لأني لا أجد شيء أخر أفعله. أعلم تماماً أنّي مُدمن.. وأن السوشال نتوركنج كفعل مُحبط جداً ويؤثر عليّا سلباً.. خصوصاً الفيسبوك.. كثيراً ما أزعجني وأحبطني وأشعرني بالألم!- الدروس مكوّمه حولي ولا أبدأ في الدراسه.. مشاريعي كلها منقوشه في عقلي لكني دائماًَ ما اؤجل.. أنا ياعزيزي لا أفعل شيء في حياتي.. وأفرح جداً حينما تأتي ساعة النوم.. أستمتع جداً وانا نائم.. ها أنا بدأت في الإبتعاد قليلاً.. وحصيلة يومين بدون فيسبوك: أنا الأن أسعد.
محمود طرح فكرة ان الشبكات الاجتماعية وصلت إلى الهاتف الذكي هو ما جعلها بهذا العشوائية
للأسف لأننا اعتدنا على اصدقاء الشبكات الاجتماعية اصبحنا بدونهم نشعر بالوحدة …
في الحقيقة مشكلتنا اننا اعتمدنا ان حياتنا الحقيقية هي تلك الحياة الخيالية عبر الشبكات الاجتماعية …
اعطيك مثالاً … لو لم نعرف ماهي الشبكات الاجتماعية لفعلنا هذه الانشطة (هناك الكثير يفعلها حقاً):
رياضة المشي …
الخروج مع الاصدقاء كل يومين …
التمشية مع الاهل …
التحدث والنقاش مع الاهل في البيت …
الترابط الاسري وصلة الرحم المتواصل …
التواصل مع الناس عن طريق المقابلة المباشرة او الاتصال الصوتي …
مشاهدة برامج مع الاسرة او الاصدقاء في التلفزيون …
ممارسة الهوايات المتعددة …
ايجاد مصادر دخل اخرى …
الذهاب للنادي …
وغيرها الكثير … استبدلناها بالشبكات الاجتماعية
بالنسبة لي الحمدلله
-فيس بوك لا ادخله الا مرة كل يومين اعلق على صورة وكم لايك واخرج لايتجاوز 10 دقائق
-تويتر لدي قوائم لكل اهتمام مثل النادي المفضل … وقائمة الاستثمارات … والتقنية وغيرها … اضع في كل قائمة مايخصها فقط …
الواتساب غير مشترك في مجموعات كثيرة … فقط المجموعات اللي فيها اشخاص اعرفهم شخصياً … زملاء العمل … الاخوان … الاقارب … غير ذلك مجموعات قليلة وغير متفاعل فيها …
وهكذا …