أسطورة اسمها: الخصوصية على شبكة الإنترنت
معذرة د. أحمد خالد توفيق! قد يبدو العنوان لإحدى كتاباتك من أساطير سلسلة ما وراء الطبيعة، لكن لعدم تذكري بأن د. رفعت واجه رعبًا من هذا النوع؛ أهدي إليك هذه الأسطورة .. التقنية!
ماذا تعني الخصوصية بالنسبة لكم؟ ربما تدركون معناها جيدًا، لكن تظل ألسنتكم عاجزة عن النطق، حائرة في الإجابة. على المرء مِنَّا ألا يقلق طالما هناك من هو بجانبه، سأساعدكم قدر المُستطاع للحصول على إجابة، لكن عليكم ألا تنسوا أمر هذا السؤال؛ فإننا بحاجة إلى إجابته فيما بعد.
من قبل، قاموا بتعريف الخصوصية على أنها تعني التحرر من التدخل الغير مُصرّح به. هذا التعريف وجدته في قاموس مريام ويبستر – أشهر قاموس في الولايات المتحدة الأمريكية-، كذلك وضعت منظمة حقوق الإنسان المادة 12 من أجل الخصوصية، حيث ذكرت أنه “لا يجوز أن يتعرَّضَ أي شخص للتدخُّلِ التعسُّفي في حياته الخاصة، أو حياة أسرته، أو مسكنه، أو مُراسلاته، ولا لأي حملة تمسّ شرفه وسُمْعته. ويحقّ لكل شخص الاحتماء بالقانون مع مثل هذه التدخُّلات أو الحملات”.
هذا هو الحبر المكتوب على الأوراق، أمَّا ما نتعامل معه في أيّامنا هذه، هي محاولات من أجهزة الاستخبارات للدول الأكثر نفوذًا في العالم لإعادة تعريف ما الذي تعنية كلمة الخصوصية. إنهم يعتقدون أن في هذا العصر أن الخصوصية تتعلّق فقط بما يجري داخل منازلكم، وليس ما يحدث عبر هواتفكم ورسائل البريد الإلكتروني التي ترسلونها، والدردشات من خلال الإنترنت. قيل إن الهواتف ورسائل البريد والدردشات تخضع لنفس القانون. لكن بالطبع كما ذكرت للتوّ، قد قيل، هذا هو كل شيء!
لا وجود للخصوصية المُطْلَقَة
هذه العبارة هي حقيقة واقعة تعرض لكم كل ما أنتم بحاجة لمعرفته حول رؤية الأجهزة المخابراتية لأحد حقوق الإنسان الأساسية. لنسرد بعضًا من الأحداث القريبة.
في صحيفةِ فاينانشال تايمز، وُجِّهَت دعوة من خلال أحد التقارير إلى شركات التكنولوجيا الأمريكية بأن يقوموا بمساعدة الدولة على مكافحة الإرهاب، وذلك من خلال ترتيبات أفضل من حيث التسهيلات القانونية لأجهزة الأمن والجهات المعنية بتنفيذ القوانين.
سأترجم لكم معنى هذه العبارة، هذا يعني أنهم يرغبون في مراقبتك حتى مع عدم وجود ما يستحق ذلك، ولا بأمر قضائي ولا أي شيء يُذكَر، وسيتم جمع بيانات المزيد من الأبرياء على هذا النحو.
تدرون بطاقة “الإرهاب”؟ هذا هو الحال، خاصة لدى أمريكا التي تهوى تلك اللعبة كثيرًا. وبعد تسريبات سنودن، تشعر معظم الشركات الكُبرى في مجال التقنية بالذنب، في حين يشعر المستخدمون أنهم تعرّضوا للخيانة، وأنه تم تسليم بياناتهم إلى وكالات الاستخبارات.
وبطبيعة الحال، فإن الإرهاب ولا شكّ مشكلة خطيرة لا نستطيع أن نُّمازحَ فيها، لكن وكالات الاستخبارات هذه تستخدم نبرة الخوف للسيطرة على شعوب المُستخدِمين؛ وذلك للحصول على ما يريدون.
الرسالة المُوجَّهة إليكَ بصورةٍ أبسط: تخلَّ عن حقك في الخصوصية؛ من أجل تحقيق الصالح العام، لأنه – بطبيعة الحال- إذا كان لديك ما تخْفِيه عنَّا؛ فأنت إنسان مُريب تستحقّ المُراقبة لا محالة. فقط قم بالإيماء برأسك أن لديك حقًّا ما تخفيه، هكذا سمحت لنا بالتجسس عليك.
الإرهاب خطر، وتهديد، لكن أن تجعلني أعيش حالة لا تنتهي من الخوف هو أسوأ من الإرهاب نفسه. أصحاب الإرهاب الفكري والمجرمون يستخدمون الإنترنت، شيء بديهي، لكن هل سيأتي أحدهم مثلًا ليفجّر موقع فيس بوك أو تويتر؟!
كان الهدف من شبكة الإنترنت هو ربط جميع البشر بعضهم ببعض، بغضّ النظر عن العُمْرِ والجِنْسِ والمَكَانِ والمُعتَقَد..الخ. بالتأكيد ستجد على الإنترنت المقرصنين، والمُجرمين، والقتلة، واللصوص، وغيرهم. هل أصبح الإنترنت مستودعًا لكل هؤلاء؟ هذا سؤال آخر.
أرى التهديدات الآن باتت في كل مكان، في كل خطوةٍ نخطوها، سواء في العالم الواقعي أو الافتراضي، لكن الحفاظ على رقابة مشددة لن تتسبب سوى في إنشاء دولة بوليسية لا أحد سيرغب العيش فيها.
والآن، بعيدًا عن المُخابرات، عودة إلى شركات التكنولوجيا نفسها، ماذا عن قوقل؟ هل تشعر بأنها تنتهك خصوصيتك؟ ماذا عن الفيس بوك؟ وأبل؟ ومايكروسوفت؟ وفايبر؟ وسكايب؟ والواتس آب؟ وغيرها من المواقع والتطبيقات؟ البعض يقول “لا يهمني إذا اخترقوا خصوصيتي أم لا؛ فليس عندي ما أخاف بشأنه”. أنت تحديدًا يا صاحب هذا الرأي أنصحك بأن تكتب حالتك على الفيس بوك “يشعر بالانتهاك!!!”.
إن ما يؤكد تسريبات سنودن، وأن شركات التكنولوجيا الكُبْرَى ساعدت وكالة الأمن القومي NSA وغيرها من أجهزة المخابرات في شتى دول العالم للتجسُّسِ على الشعوب هو أمر بسيط للغاية، إن كل شركة ذكرت بيانًا “تندهش” فيه اندهاشًا، مع بعض الصراخ والعويل من هنا وهناك، كما لو أنهم لا يعرفون أنه يجب عليهم تشفير بيانات مُستخدميهم، وكما لو أنهم لا يدرون أنه يجب استخدام أدوات لإخفاء الهويّة، وكما أنهم لا يعلمون أن لديهم القدرة على حماية المستخدمين عند تصفح الإنترنت.
إذًا لماذا أنا وأنت وأنتم كمستخدمي إنترنت مُستهدَفون للرقابة والتجسس؟ لأن الجميع الآن يُعامَل باعتباره “إرهابي مُحْتَمَل”. وفي حين نجد أن ما قام به إدوارد سنودن من تسريبات ليس قانونيًا بالمرّة، لكن مُشاركته مثل هذه الأمور كشف عن فضائح غير قانونية بالمرَّة أصابت الجميع بحالة من الإحباط تجاه مُعجبيهم من الشركات.
صحيح، قبل أن أنتهي أودّ إخبارك أنهم نجحوا في جعلك أنت أيضًا جاسوس مُحتَمَل! هناك مصطلح شائع يقول إن “الدنيا ضيقة على الإنترنت”، ولهذا فإنك قادرًا على التجسس على أصدقاءك – وغيرهم!- من خلال الشبكات الاجتماعية دون الحاجة إلى التحدث معهم، فقط راقب عن كثب، وشاهدهم بترقُّبِ.
والحلّ؟!..
هل علمتم أن الخصوصية الآن هي درب من الأحلام؟ لذا، من يبحث عن خصوصية، عليه أن يذهب على عالمٍ ثالث بعيدًا عن العالم الواقعي والافتراضي؛ فالأول عالم فيه من يدس أنفه في حياتك حتى وهو يعلم أنه ضيف غير مرغوب فيه، والآخر عالم بالإضافة إلى هذه الأنف سالفة الذكر، فهناك أعين أيضًا تتربّصك هنا وهناك.
تسألوني عن الحلَّ؟ الإجابة في سؤالي الأول، ماذا تعني الخصوصية بالنسبة لكم؟ إن كانت هامة، اطرحوا حلولًا خارج الصندوق في التعليقات. أمَّا إن لم تجدوا وبانتظار معجزة تتسبب في توقف هؤلاء من التملُّق إلينا، تأكدوا أنه عند حدوث ذلك، سأقوم بكتابة مقالٍ آخر، في أسطورةٍ أخرى.
البيانات المذكورة في المقال تمّت ترجمتها من مصادرها بتصرُّف
ينبغي ان تودع الخصوصية الحقيقية من اول خطوة تدخل فيها الى الانترنت أو اي مجال اتصال رقمي.
وبما انك لا تستطيع ان تنفصل عن هذا العالم الافتراضي فالمهم فعلاً هو أن تقلل من الافصاح عن المعلومات التي قد لا تكون مهمة بالنسبة بالنسبة للبعض لكنها قد تشكل في مجملها خطراً عليك خصوصا مع التطور الكبير في برامج الهندسة الاجتماعية و برامج التنبؤ بناءاً على المعطيات.
شكرا لك تامر.
شهادت فلما وثائقي عن ابن الإنترنت البار- قصة حياة آرون سوارتز وتبين لي ان كل ما يقولونه عن حرية التعبير والديمقراطية وبلا بلا مجرد خزبلات لا اكثر…انهم كما قلت باسم الارهاب اصبح الكل مستهدفا…..
هذا ما أحاول أن اعبر عنه منذ زمن كلامك صحيح 100%
الخصوصية أكبر مشكلة تواجه المستخدم من وجهة نظري الحل الوحيد كما قال أخونا في الأعلى أن ﻻ ترفع شيء وتفعل شيء وتفصح عن شيء ﻻ تود أن يعرفه أحدكم عنه
للأسف الشديد نحن في مجتمع جاهل تقنيا ( لم أجد غير هذا المصطلح) الكل يقوم برفع صور عائلاتهم وخصوصياتهم ظناً انه لا يوجد شيء قد يعرف عنك أو يرى ما تفعله
وبالمناسبة شكراً لك تامر على هذا المقال الرائع ونتمنى أن تقوم بكتابة مقال يعرفنا عن إدوارد سنودن أو جوليان أسانج حتى
ما دير لمان في بلاد لمان ولا درة لمان بات عس هكدا يقلون اجدادي حقيقة الحال شيئ صعب ان نتكلم علي الخصوصيات في عالم مكهرب باتكنولوجيا واقمار صيناعيه و و و والخ شكرا لك الاخ تامر علي المجهود الجبار الدي تقوم بيه
تصفيق بحجم السماء على موضوعك هذا و أختيارك الجميل جداً للكلمات بأسلوبك البلاغي الفذ
و خصيصاً “الصراخ والعويل” ,, اعجبتني هههههههه
شكراً لك