#كأس_العالم تقنياً
بطولة كأس العالم هذه السنة هي من أكثر المناسبات الدولية التي استخدمت فيها التكنولوجيا بكثافة، سواء لاحظتها ام كانت في مجالات دقيقة وبعيدة عن العيون، سواء كانت ضرورية أم رفاهية، كانت موجودة وبقوة. سنستعرض اليوم أبرز تلك التقنيات المستخدمة بشيء من التفصيل.
1- الضربة الأولى
مخطئ من يظن أن أول لمسة للكرة كانت بقدم لاعبي فريقي البرازيل وكرواتيا في المباراة الافتتاحية، بل كانت أول لمسة اعلنت اقلاع البطولة هي عبر “قدم” Juliano Pinto.
عملياً ليست عبر قدمه. لنتعرف أكثر عن هذا الموضوع.
Juliano Pinto هو رجل مصاب بشلل أي لايمكنه تحريك أطرافه أبداً، لكن ليس بعد الآن بالإستفادة من اختراع علمي ظهر بداية العام الجاري حيث تمكن العلماء من التحكم بأذرع آلية عن طريق المخ فقط.
وهذا يفتح الباب واسعاً أمام المشلولين، حيث يمكنهم ارتداء بدلة روبوتية تدعى exoskeleton ويتم ربط هذه البدلة مع الدماغ لتلقي الأوامر العصبية وبالتالي التحرك وتدفع الأعضاء البشرية فتحركها.
هذه البدلة التي ارتداها Pinto عمل على تطويرها أكثر من 150 عالم و باحث يقودهم عالم الأعصاب البرازيلي الدكتور Miguel Nicolelis ضمن مشروع يعرف بإسم ” امشي مجدداً” walk again. ولهذا الطبيب بحث علمي مثبت منذ عام 2003 اجراه على القردة حيث تمكنت من تحريك ذراع افتراضي عن طريق الدماغ فقط، أي بدون استخدام عضلات ولا حركة، فقط سيالة عصبية.
ارادوا من خلال استعراض احتفالي في كأس العالم لفت أنظار العالم إلى هذه البداية لمستقبل واعد قد يتمكن بعده المشلولين من التخلي عن الكراسي المدولبة.
وتستخدم هذه البدلة الروبوتية التي يرتديها المريض لمساعدته على تحريك أطرافه خوذة تربط مع دماغ المريض لتلقي الإشارات الكهربية العصبية والتي يتم ارسالها لاسلكياً إلى كمبيوتر لتفسيرها و اعطاء الأوامر بالتحريك.
صنعت البدلة من خليط من البوليمرات الخفيفة وبإستخدام الطابعة ثلاثية الأبعاد، وتحافظ على توازنها من خلال حساسات الجيروسكوب التي تدعم وتؤمن انحناء القدم.
البدلة مزودة بمصدر طاقة من البطارية التي تسمح بإستخدامها حتى ساعتين.
وهناك حساسات على الأقدام تتعرف على المادة التي توجد أمام القدم، كرة أو حجرة أو خشبة مثلاً، وكذلك تتعرف على الضغط والحركات وتنقل بياناتها إلى محرك اهتزاز الكتروني يوجد على ذراع المريض لتحفيز جلده. وبتكرار المحاولة يستطيع المريض الشعور بقدمه أكثر.
تقنية خط المرمى
لأول مرة تستخدم هذه التقنية في كأس العالم وذلك بعد نجاح استخدامها في بطولات سابقة مثل كأس العالم للأندية في اليابان 2012 حيث تطلبت استخدام كاميرات عين الصقر البريطانية و تقنية الحقل المغناطيسي والكرة الخاصة.
وتفيد هذه التقنية لمساعدة الحكام في التأكد من أن الكرة عبرت بالكامل خط المرمى خاصة عندما تكون في الهواء وبهذا يكون الهدف محققاً.
وتعتمد هذه التقنية على 14 كاميرا عالية السرعة مثبتة في الملعب تركز كل سبعة منها على مرمى واحد وتتبع حركة الكرة بسرعة عالية ويتم تقاطع صور الكاميرات مع بعضها لإعطاء أدق صورة عن موقع الكرة بدقة بالتالي لو كانت احدى الكاميرات لاتستطيع التقاط صور للكرة لوجود لاعب أمامها مثلاً يمكن للبقية تعويض ذلك.
تنقل كل كاميرا الفيديو المسجل إلى كمبيوتر مركزي يقوم بمعالجته ويزيل الأجسام غير الكروية ليبقي فقط العنصر الأهم وهي الكرة حيث يمكن للكاميرا تمييز عبور الكرة بالكامل خط المرمى بدقة 4 مليمتر وحينها ترسل إشارة مشفرة إلى ساعة الحكم تقوم بالإهتزاز لتعلن تحقق الهدف خلال ثانية واحدة.
التصوير بدقة 4K
سوني هي الراعي الرسمي لمعدات التصوير لكأس العالم، وفي شراكتها مع الفيفا قامت بتصوير ثلاثة مباريات بالكامل بدقة 4K Ultra HD على الرغم من أن أجهزة الريسيفر لدينا لا تدعم هذه الدقة وكذلك ستحتاج لجهاز تلفاز خاص بدعمها لتلاحظ الفرق بالفعل.
الخطوة هي رمزية وذلك لتقول سوني أنها جاهزة لهذا المستقبل منذ الآن، وهي ترويجية أيضاً لمنتجاتها لاسيما من أجهزة التلفاز بدقة 4k التي تبدأ أسعارها من ألف دولار.
وأيضاً ستنتج سوني بالتعاون مع الفيفا فلم كامل عن بطولة هذا العام بدقة 4K يتضمن مقاطع من المباريات بما فيها النهائية وستوزعه الفيفا عبر الانترنت، وطبعاً ستحتاج شاشة بدقة 4k لتستمتع به كما يجب.
وتبلغ دقة 4K بالبكسلات 4096X2160 بكسل وتسمى 4K لكون البعد الأفقي فيها قريب من 4000 بكسل حيث أن حرف k يرمز إلى الألف.
ويتوفر حالياً في الأسواق العديد من شاشات بهذه الدقة حتى هناك حواسب لوحية ومحمولة لكن يعيبها أن سعرها مرتفع للغاية. ولكن كل شاشة 4k يمكنها أن تعرض كثافة ألوان تساوي 8 مليون بكسل، أي اربعة أضعاف كثافة ألوان الشاشات بالدقة الكاملة Full HD.
و 4k ليست أحدث ما نعرفه من ثورة الألوان والبكسلات، هناك أيضاً نظرياً دقة 8k لكن لا توجد بعد أية منتجات تدعم هذه الدقة الخارقة حيث تصل دقة العرض إلى 7680×4320 بكسل.
كرة Brazuca
كانت كرة جابولاني الرسمية لكأس العالم 2010 كارثة للاعبين و الحراس، حيث أن سطحها الأملس جعل الهواء يؤثر كثيراً في حركتها فتطير في اتجاهات غريبة وبالتالي لم يتمكن اللاعبين من توجيهها بشكل صحيح إلى المرمى وكذلك الحراس لم يعرفوا بدقة كيف عليهم أن يقفزوا للإمساك بها.
وبعد هذا الخطأ الفادح عادت أديداس لتصميم كرة Brazuca لبطولة 2014 وقالت الفيفا أنه طيلة عامين ونصف من الأبحاث على تطوير وصقل الكرة أصبحت Brazuca أكثر كرة قدم تم اختبارها وبالتالي نالت شهادة الناسا لأفضل ديناميكية هوائية لكرة كأس العالم.
وفي صنع الكرة استخدمت أديداس لوحات سداسية لتحسين التجانس والكفاءة وتعزيز الإستدارة والسرعة في الهواء.
قالت ناسا أن الحدود الفاصلة بين اللوحات في كرة برازوكا أعمق من تلك في كرة عام 2010، وتم تغطية هذه اللوحات بنتوءات صغيرة جداً. ويهدف هذا التصميم إلى توجيه تدفق الهواء حول الكرة لدفعها للحركة بسرعة أكبر وتوجه أكثر استقامة.
و أوضح رئيس فرع فيزياء الهواء التجريبي في مركز أيمز التابع لوكالة ناسا في كالفورنيا أن هناك طبقة رقيقة من الهواء تتشكل بالقرب من سطح الكرة وتسمى الطبقة الحدية، وطبيعة هذه الطبقة وسلوكها يعتبر ضروري جدا في أداء الكرة”.
وبالتالي فإن النتوءات الصغيرة والحدود الفاصلة العميقة تتسبب في اضطراب الهواء في تلك الطبقة حول الكرة، مما يؤدي إلى انخفاض الضغط خلفها وبالتالي إبطائها.
ومن خلال اختبار الكرة في نفق الرياح في مختبر مكيانيك الموائع قاموا بنفخ تيار من الدخان حول الكرة يتم تمييزة بأشعة ليزر لتعزيز الرؤية وبالفعل ظهرت اختلافات ملحوظة في تدفق الهواء عند تغيير السرعات.
وخلصت ناسا إلى أن التأثير ظهر عند سرعة 48 كم في الساعة، وكان أقل وضوحاً عند السرعات الأعلى مثل 50-55 كم في الساعة وهي السرعة النموذجية للركلات.
بخاخ التحديد
من التقنيات الجديدة أيضاً في كأس العالم هذه السنة هي رش البخاخ لتحديد خط وقوف حائط الصد و كذلك الكرة عند الضربات الحرة.
حيث أن قوانين كرة القدم تنص على ابتعاد حائط الصد عن الكرة مسافة لاتقل عن 10 ياردات ( 9.14 متر) لكن معظم اللاعبين لايلتزمون بهذه المسافة ويقتربون أكثر من الكرة ما يعزز احتمال ارتطامها بهم.
ولحل هذه المشكلة أصبح الحكام يرشون سبراي مخصص لتحديد مكان ضرب الكرة و خط مكان وقوف حائط الصد بالتالي لا أحد يغش.
استخدمت هذه التقنية لأول مرة في كوبا أمريكا 2011 وبعدها تكرر استعمالها في عدة بطولات عالمية.
يحمل حكم الساحة عبوة تعمل بالغاز المضغوط تتألف من 80% ماء و 17% غاز البوتان و مكونات اخرى تؤلف الرغوة، وعندما يتغير الضغط يتوسع البوتان وتتشكل قطرات صغيرة منه وبعدها يتبخر في الهواء ويبقى الماء و الرغوة.
بعد دقائق قليلة من تعرض الرغوة للهواء و الضوء تختفي وتتلاشى مع العشب بالتالي لا تترك أي أثر ورائها لذا يمكن استخدامها عدة مرات في كل مباراة بدون ترك خطوط بيضاء على أرضية الملعب.
تحسين البنية التحتية للإتصالات
لما يزور البلد مئات آلاف الناس سواء لحضور المباريات أو للسياحة بمناسبة البطولة، يعني ذلك ضغط أكبر على البنية التحتية للإتصالات، لهذا يجب أن تكون جاهزاً لتلبية هذا الطلب الكبير.
وسرعت شركات الإتصالات في البرازيل من وتيرة العمل لنشر الشبكات اللاسلكية في البلاد حيث ارتفع عدد نقاط الإتصال من 78 ألف إلى 700 ألف نقطة اتصال. كما عملوا على زيادة نطاق تغطية شبكات الجيل الثاني والثالث والرابع لاسيما في المدن التي ستستضيف المباريات.
مشكور على المجهود الطيب
مشكور على الموضوع الشيق
شاكر لكم على هذا الموضوع اللذيذ والممتع
رائع جداً أخي محمد حبش.. تدويناتك مميزة