تقرير: شبكات النطاق العريض في الشرق الأوسط
نشر البنك الدولي تقريراً مفصلاً حول شبكات النطاق العريض في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. استعرض التقرير خطر التراجع في تطوير النطاق العريض الذي قد تتعرض له المنطقة والعقبات الرئيسة أمام التطور.
كما تحدث عن التوصيل الدولي للمنطقة بالشبكة العالمية من خلال الكابلات البحرية بالإضافة إلى توصيل الدخول المحلي في الدول. و وضع اطار استراتيجي للإصلاحات في مجال شبكة النطاق العريض في الشرق الأوسط لتسريع الوصول للإنترنت عالية السرعة.
كما افرد قسم خاص بتطوير نماذج جديدة من إجراءات إمداد البنية التحتية لخفض تكاليف انتشارها وكذلك التوجه للمناطق المحرومة في البلاد كالأرياف البعيد. وخلص أخيراً إلى مجموعة من الاستنتاجات.
فيمايلي نحاول أن نلخص لكم أبرز النقاط التي تضمنها التقرير.
يشير مصطلح النطاق العريض عامة إلى طريقة في الإتصال تكون ” دائمة العمل ” كنقيض للاتصال بواسطة” الطلب الهاتفي ” عبر شبكة الخطوط الهاتفية العمومية لتنشيط اتصال بالإنترنت بمعدلات سرعة أعلى من تلك التي يتمّ الحصول عليها مع مودم الطلب الهاتفي . أمّا التعريف المقبول عموما لمعدلات عرض النطاق الترددي للنطاق العريض ، حسب الإتحاد الدولي للإتصالات فهو 256 كيلوبايت في الثانية على الأقل وهو المعتمد في الدراسة.
و اليوم اعتمدت 11 دولة من أصل 11 دولة في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، استراتيجيات وطنية في مجال النطاق العريض. و في الواقع ، فإنّ جميع الدول في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا ذات معدلات إنتشار عالية.
و قد ذكر تقرير تكنولوجيا المعلومات العالمي لسنة 2113 أنّ العديد من دول مجلس التعاون الخليجي قد تحسّن أداؤها العام بشكل كبير خلال سنة 2112 ( قطر، الإمارات ، السعودية ) و استمرّت استثماراتها لجعل تكنولوجيا المعلومات و الإتصالات واحدة من الصناعات الوطنية الأساسية التي تحاول تنويع و تحويل اقتصاداتها.
و من جهة أخرى ، فإنّ العديد من بلدان شمال إفريقيا ) الجزائر و المغرب ( و المشرق العربي ) بالإضافة إلى جمهورية إيران الإسلامية قد انخفضت.
الشرق الأوسط وخطر التخلف في تطوير النطاق العريض
و يلعب السعر دورا حاسما في عملية انتشارالنطاق العريض . فحسب الإتحاد الدولي للإتصالات ،ينمو انتشار النطاق العريض بسرعة عندما ينزل مستوى سعر التجزئة إلى أقلّ من 3-5 % من مستوى الدخل الشهري ، مما يجعله في متناول الجميع . و في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا ، يمثل سعر النطاق العريض الثابت % 3.6 ~ من متوسط الدخل الشهري للفرد الواحد ، بينما يبلغ سعر النطاق العريض النقال عند % 7.7 ~ . بينما يتجاوز في جيبوتي و سوريا و اليمن بكثير عتبة % 5، و وصلت بعض البلدان حديثا ( أي الجزائر ، مصر ، الأردن ، ليبيا ، المغرب و تونس ) إلى المستوى الذي يمكّن من تحقيق الإقلاع السريع للنطاق العريض.
مدى القدرة على تحمّل تكلفة النطاق العريض في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا
يعتمد تحليل القدرة على تحمّل التكاليف على النسبة المئوية للدخل المتاح التي تحتاج إليها الشريحة الأكثر فقرا من السكان لتحمل نفقات النطاق العريض . فإذا أخذنا على سبيل المثال عائلة ممثّلة للأربعين بالمائة الأقل دخلا بالمغرب فإنّه ينبغي عليها أن تدفع 33 بالمائة من دخلها المتاح للحصول على النطاق العريض النقال. أما بالنسبة إلى خدمات النطاق العريض الثابت فإن العائلة نفسها عليها أن تدفع 31 بالمائة من دخلها المتاح للتمتّع بها.
و يعتبر الوضع أفضل بقليل بالنسبة إلى الشريحة الأقل من 61 بالمائة من سكان المغرب بقياس الدخل، إذ يحتاج التمتّع بخدمات النطاق العريض النقال إلى حوالي 26 بالمائة من دخلها المتاح ، أما خدمات النطاق العريض الثابت فتتطلب 23 بالمائة من نفس الدخل . و رغم الإصلاحات المهمة التي أقدمت عليها المغرب ، الرائدة في كثير من النواحي ، فإنّ تحمّل تكاليف خدمات النطاق العريض لا يزال أمرا غير متاح بالنسبة إلى غالبية السكان . حتّى و إن كان المغرب الأفضل أداء في هذه الفئة .
و يعتبر الوضع أسوأ بالنسبة إلى البلدان الأخرى في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا التي تعيش ” بداية ” مرحلة تطوير النطاق الواسع . ففي تونس ، يحتاج أفقر 41 بالمائة من السكان إلى إنفاق أكثر من 41 بالمائة من دخلهم المتاح للتمتّع بخدمات النطاق العريض الثابت أو النقال . و في اليمن ، يحتاج أفقر 41 بالمائة من السكان إلى إنفاق أكثر من 51 بالمائة من دخلهم المتاح للتمتّع بخدمات النطاق العريض النقال و 46 بالمائة للثابت.
أما في جيبوتي فإنّ حزمة النطاق العريض النقال تعادل أضعاف الدخل المتاح للأربعين و الستين بالمائة الأفقر من السكان ، و يستنزف النطاق العريض الثابت ما يقارب عن الدخل الكامل للستين بالمائة الأفقر من السكان . و لا يزال التمتّع بخدمات النطاق العريض الثابت و النقال في البلدان المصنّفة في مرحلة ” بداية ” تطوير هذه الخدمة (الجزائر ، جيبوتي ،المغرب ، سوريا ، تونس و اليمن ) ، بعيدا عن متناول ما لا يقلّ عن 61 بالمائة من السكان .
و تعتبر اسواق النطاق العريض الثابت في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا متخلفة إلى حدّ كبير باعتبار أنّ أغلبها لا يزال في بداية مرحلة التطور . و في نهاية 2112 ، لم تبلغ نسبة انتشار النطاق العريض الثابت في نصف دول منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا أكثر من 25 بالمائة و لم يقع تجاوز هذه النسبة إلا في بلد واحد و ذلك ببلوغها 71 بالمائة.
و يمكن إرجاع الإنخفاض في نسبة الإنتشار إلى عدّة عوامل ، بما في ذلك الافتقار إلى البنية التحتية ، و المنافسة الضعيفة أو المنعدمة ، و ارتفاع اسعار الخدمات . و لكن الأهم من ذلك ، و عندما يتمّ أخذ ارتفاع مستوى استعمال خدمات الجيل الثالث والرابع في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا بعين الاعتبار ، فإنّه لا يمكن تحليل تطور سوق النطاق العريض الثابت بمعزل عن سوق النطاق العريض النقال و ذلك لإمكانية وجود تأثير للانتقال من الثابت إلى النقال
يُلاحظ أنّ أسواق النطاق العريض النقال في منطقة الشرق الأوسط تعتبر أكثر تطورا إذا ما قورنت بمثيلاتها في مجال النطاق العريض الثابت . و توجد أغلب أسواق النطاق العريض النقال في مرحلة النمو . و لقد تجاوز انتشار النطاق العريض النقال في أغلب بلدان منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا في نهاية 2012 25 % من السكان ، و في ثمانية منها تجاوز 50%، وفي البحرين تجاوز 70%.
العقبات الرئيسية أمام تطوّر شبكات النطاق العريض
التوصيل الدولي
تمتلك منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا إمكانات جيدة على مستوى توصيل النطاق العريض الدولي.
و مع ذلك ، فهناك توصيل بحري متفاوت بين الجزء الشرق أوسطي و الجزء الشمال إفريقي من هذه المنطقة . فكل الدول ترتبط ( باستثناء اقتصاد الضفة الغربية و قطاع غزّة ) في الوقت الراهن بكابليْن بحريّيْن دوليّين على الأقلّ.
. و يعتبر الكابل البحري “سي- مي- وي 4” هو الكابل البحري الدولي الوحيد الذي يبلغ في الآن نفسه بلدان منطقة الشرق الأوسط ) الإمارات ، السعودية ( و شمال إفريقيا ( الجزائر ، تونس مرورا بمصر ).
و بالإضافة إلى ذلك ، فإنّ الموقع الجغرافي للبنية التحتية مزدحم ، مما يجعل من البحر الأحمر ممرا لمنطقة جغرافية حساسة بشكل خاص من ناحية تكرار الشبكة . و قد تمّ بناء الكابلات الدولية البرية الجديدة ( جادي ، آرسي إن ، إيبيغ ) في منطقة الشرق الأوسط لتوفير توصيل بديل بين آسيا و أوروبا ، و لكنه لا يساهم في ربط الشرق الأوسط بشمال إفريقيا .
في أكتوبر 2113 ، قامت مجموعة فودافون ، و شركة دو بالإمارات ، و الشركات الكويتية زين و زاجل بتكوين اتحاد أطلق عليه اسم ميتس ( النظام الأرضي للشرق الأوسط و أوروبا ) بنشر نظام كابل من 1.400 كم من الألياف البصرية سوف يمتدّ من الكويت إلى الإمارات ، عبر السعودية ، و البحرين و قطر .
وبالمقابل يوجد كابل واحد من الألياف البصرية (ابن خلدون) يوفّر ارتباطية اقليمية للنطاق العريض بين ليبيا ، و تونس ، و الجزائر والمغرب .
و تعتبر البحرين الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي قامت بإزالة كل الحواجز أمام الدخول إلى قطاع الإتصالات.
التوجّه إلى المناطق المحرومة في البلاد
على الرغم من التطوّر المتوقّع لانتشار النطاق العريض النقال من خلال السماح بكل بساطة لقوى السوق بأن تتطوّر، فإنّ بعض المناطق الريفية و النائية في بلدان المنطقة ستظل تعاني من نقص واسع في هذه الخدمة.
و يمكن أن يعود ذلك إلى التفاوتات الإجتماعية و الإقتصادية ، من حيث الدخل ، و محو الأمية ، و السن ، و / أو الجنس ( ” الفجوة الرقمية الإجتماعية “) أو إلى وجود الأراضي النائية و /أو المعزولة جغرافيا ، حيث تكون الخدمات الأساسية غير متوفرة بشكل كاف نظرا لتكاليف الإتصال العالي (” الفجوة الإقليمية “)
تصنّف 7 بلدان من بين 11 بلدا في المنطقة كبلدان ذات دخل متوسط أدنى ، و 6 منها ذات دخل أعلى من المتوسط .
كما تجدر الإشارة أيضا إلى أنّ عدم المساواة بين الجنسين في استخدام الهاتف و الإنترنت المحمولين قد ساهم كثيرا في تطوير الفجوة الإجتماعية في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا . ففي سنة 2112 ، بلغت الفجوة بين الجنسين في استخدام الأنترنت في هذه المنطقة نسبة % 34 و هي ثاني أكبر فجوة إقليمية بين الجنسين بعد منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (% 45).
الإستنتاج
لدى بلدان منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا فرصة فريدة لسدّ الفجوة في مجال القدرة التنافسية و التجارة و التكامل مع المناطق الأكثر تقدما من خلال تطوير البنية التحتية للأنترنت ذات النطاق العريض منخفضة التكلفة . و اقتداء بالإتصالات النقالة ، فإنّ لبلدان المنطقة الفرصة لخلق إطار تنافسي حيويّ يمكن فيه للعديد من مشغلي النطاق العريض أن يلبّوا الطلب المتزايد من الشباب المولعين
بالتكنولوجيا .
و يمكن لتطوّر النطاق العريض أن يزيد بشكل كبير من إنتاج و استخدام المحتوى الرقمي في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا عندما يجلب إليها المعارف العالمية . كما يتيح النطاق العريض عملية دمج الشركات و الشبكات المهنية في المنطقة و يعزّز فرص خلق الوظائف من خلال جلب الوظائف العالمية إلى الأسواق المحلية .
و لجني هذه الفوائد ، ينبغي على بلدان المنطقة أن تقوم بفتح أسواق النطاق العريض بشكل كامل للمنافسة . فالفجوة بين هذه المنطقة و المناطق ذات الإنتشار الكبير للنطاق العريض هي بالأساس فجوة في هيكلة السوق ، و المنافسة ، و الحوكمة . و لذلك فإنّ إنشاء و تعزيز الأسواق المفتوحة للبنية التحتية للنطاق العريض ، و الشبكات ، و الخدمات و المحتوى الرقمي يعتبر من أوكد الأولويات
و مع ذلك ، فيمكن لبعض الظروف الخاصة في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا أن تيسّر هذا الإصلاح المعقّد .
فأولا، يمكن الإستعانة بوجود مرافق الطاقة و النقل مع شبكات الألياف البصرية الواسعة و غير المستعملة حاليا و ذلك لتعزيز التوصيل المحلي و الدولي في بيئة تنافسية
و ثانيا ، هناك بروز لفئة من السكان الحضريين ، و الشباب و التي من شانها أن تمارس ضغوطا هائلة على الطلب على النطاق العريض من جهة و على المساكن من جهة أخرى . و يمكن إدخال تحسين على التنسيق بين الاشغال المدنية و وسائط إمداد البنية التحتية في المنطقة لتلبية هذا الطلب المتزايد في بيئات حضرية سريعة التغيّر
و ثالثا ، إنّ التوافر الواسع لرؤوس الأموال في المنطقة جعل قطاع الإتصالات القوة الدافعة للإستثمارالأجنبي المباشر في معظم البلدان في العقد الماضي .فإنّ رأس المال الإقليمي بإمكانه أن يموّل بشكل مناسب التوسّع السريع لشبكات النطاق العريض في المنطقة ، و أن يقوم بإرساء أسس التجديد و النمو القائمين على النطاق العريض و التكنولوجيا المحمولة.
لمن يرغب بتحميل كامل التقرير متاح كاملاً (219 صفحة ) على موقع البنك الدولي باللغة الانكليزية أو يمكنك تحميل الملخص ( 30 صفحة) باللغة العربية