كيف تنظر قوقل إلى مستقبلها؟
تحدث لاري بايج في مؤتمر TED الشهير للأفكار التي تستحق الإنتشار على شكل مقابلة عن مستقبل شركة قوقل مسلطاً الضوء على عدة نواحي جديدة كلياً ولا علاقة لها بتأسيس قوقل كمحرك بحث لكنها تتماشى مع مهمة الشركة وهي “تنظيم المعلومات وجعلها متاحة للجميع بطريقة مفيدة”.
لكن يرى بايج أنه وبالرغم من 15 سنة على تأسيس قوقل لاتزال في المراحل الأولى من مهمتها في تنظيم المعلومات و إتاحة الوصول إليها. حتى الآن لاتزال أجهزتنا لاتعرف شيء عنا وهذا بنظر قوقل شيء ناقص، أي أن Google Now تعد أول محاولة جادة لتصبح الأجهزة تفهم مستخدميها وتعطيهم ما يحتاجوه قبل أن يطلبوه، لكن الطريق لايزال طويلاً.
لدى قوقل نظرة بعيدة المدى حقاً في جعل الأجهزة تفهم كل شيء وتتجاوب معه، وتنفق الكثير من الأموال والجهود على ما يعرف بـ تعلم الآلة ، حيث يمكنك أن تعلم الكمبيوتر كيف يلعب لعبة وسيعطيك أداء يفوق أداء أي لاعب آخر، إنه شيء يمزج الذكاء الصنعي بالبرمجة بالمهارات الفردية بحيث لاتكتفي الآلة بالتعلم بل تطور خبرتها أيضاً.
وتجري قوقل تجاربها في حقل تعلم الآلة حيث قامت بتطوير نظام لدراسة مقاطع الفيديو على يوتيوب، ثم طلبت من النظام أن يرسم أو يضع صورة لما فهمه، فكانت الصورة عن قطة كما رأها النظام وفهمها، هذا شيء مذهل لم نتخيله يوماً ما .. الآلة أصبحت تفهم الآن .. ولازلنا في البداية.
تغيير العالم عبر التكنولوجيا
كلمة “تغيير العالم” نسمعها على لسان معظم رواد الأعمال خاصة في بداية تأسيس شركاتهم كحلم يداعب المخيلة. لكن قوقل أخذت خطوات عملية لتنفيذ هذا الحلم في تغيير العالم ولايمكن إنكار نجاحها في ذلك.
لما نتحدث عن مستقبل العالم ونعلم أن ثلثي سكان الأرض لايستخدمون الإنترنت هنا يأتي دور قوقل بتوفير طريقة ملائمة ورخيصة لتوفير الإنترنت لديهم من أجل تحقيق حلم تغيير العالم وهذا ما تنوي قوقل فعله عبر مشروع Project Loon الإبداعي المجنون من خلال المناطيد الطائرة .. هذه الفكرة ليست وليدة اللحظة بل تم البحث فيها منذ خمس سنوات وكشفت عنها قوقل هذا العام و بدأت تجاربها في الخارج .. بالطبع قوقل من أكبر المستفيدين من توفير الإنترنت لباقي البشرية بحكم هيمنتها على خدمات الإنترنت.
هؤلاء القابعين في أفريقيا و سهول آسيا والمناطق الريفية في الهند لما يتوفر لديهم الإنترنت عبر مناطيد قوقل فإنهم سيستخدمون محرك بحث قوقل و يشاهدون الفيديو على يوتيوب ويستخدمون بريد جي مايل و خرائط قوقل للتنقل والإستكشاف.
قوقل و الخصوصية
بالطبع يساور قوقل القلق من فضائج التجسس التي فجرها ادوارد سنودن، وكالعادة يخبرنا مسؤوليها أنهم لم يكونوا على علم بأن الحكومة كانت تتجسس على مخدماتهم بدون علم الشركة.
يميز لاري بايج بين الحماية والخصوصية ويقول بأنه لايمكن أن تحصل على الخصوصية ما لم تتوفر الحماية الكافية لديك. ويربط بين الخصوصية والديمقراطية حيث أنه يفترض أن تعلم الحكومة قوقل لما تريد أن تتجسس على مخدماتها، معتبراً أن ذلك من الديمقراطية.
أصبحنا في عصر لاتتوفر فيه الخصوصية الكاملة، هذا الأمر يجب أن نضعه في الحسبان فكل ما نكتبه ونفعله يمكن الوصول إليه في أي لحظة. و فضيحة PRISM مجرد الوثائق التي تؤكد هذا.
تفكر قوقل بأنه من واجبها أن تخبرك ما الذي تعرفه وتجمعه عنك وهذا ما تفعله من خلال سجل البحث الذي يخزن كل شيء تبحث عنه عبر قوقل، وكذلك المواقع التي زرتها عبر الخرائط، الأشخاص الذين تتواصل معهم اجتماعياً عبر الدردشة و قوقل بلس و عبر البريد الإلكتروني جي مايل.
تعتقد أن من واجبها أن تبين لك كل ما تجمعه وتعرفه عنك لتعطيك الوعي الكافي بهذا. لكن ليس كل المعلومات يجب أن تخزن بشكل خاص. حسب الشق الثاني من مهمة قوقل وهي أن تكون المعلومات مفيدة للناس أي لو كان هناك معلومات مفيدة فعلاً يجب إتاحتها للعموم لكن بشكل يحمي خصوصية أصحابها.
وعلى ذلك يضرب لاري بايج مثال الملفات الطبية وانطلاقاً من حالته الشخصية لما اختفى صوته، فلو أجريت بحث على الإنترنت عن حالات مرضى مصابين بأمراض مشابهة لك فإنك لن تجد شيء منظم و دقيق علمياً.
لكن تخيل لو أن ملفات المرضى الطبية حول العالم أتيحت عبر الإنترنت للأطباء والباحثين، تخيل ما هي الإمكانيات الكبيرة التي يمكن الإستفادة منها. تخيل لو أن مريض في قارة اخرى عانى من مرض مشابه لك ولكن طبيبك لم يكن بمستوى من العلم والخبرة الكافية ليصف لك الدواء الصحيح، فقط يمكنك ان تخبر طبيبك بالدواء الذي عالج ذلك المريض وحينها سيتعلم الطبيب خبرة جديدة و سيتساعد العالم وستكون هذه المعلومات فعلاً مفيدة. بالطبع مشاركة هذه الملفات الطبية ستكون بشكل يخفي هوية أصحابها، وبالحقيقة عملت قوقل على منتج مشابه سابقاً تحت اسم Google Health لكنها أوقفته لاحقاً.
السيارة ذاتية القيادة
هذا مشروع آخر سيشكل مستقبل قوقل لا علاقة له بمحرك البحث ويصب في حلم تغيير العالم. تعتقد قوقل أن الآلات والمعالجات يمكنها القيادة بكفاءة أفضل بكثير من البشر، هناك أكثر من 20 مليون شخص حول العالم يصاب بحوادث السيارات.
لكن مشروع طموح كهذا لا نتوقع تنفيذه على نطاق واسع خلال السنوات القليلة القادمة. لم يتحدث بايج عن كثير من التفاصيل الجديدة لكن يمكن النظر لهذا الموضوع من عدة نواحي يجب أن نعرفها قبل أن نفكر شراء سيارة ذاتية القيادة. ماذا لو تمت قرصنة السيارة عن بعد؟ ماذا لو تمت السيطرة عليها عبر تطبيق على هاتف ذكي؟ ماذا لو تسربت بيانات السيارة إلى جهة اخرى، تخيل مثلاً تتسرب معلومات المسافات التي تقطعها وأكثر المناطق التي ترتادها وكم تسير في السيارة وما هي الأغاني ومحطات الراديو التي تسمعها وحتى كم شخص عادة يكون في السيارة وهل هم مدخنون أم لا. هذه عينة من المعلومات الهائلة التي يمكن الإستفادة منها و أن تجمعها سيارات المستقبل عنا، يمكن استخدامها بكثير من الأوجه من أهمها طبعاً الإعلانات داخل السيارة.
وماذا عن السيارات الكهربائية؟ وهل ستنافس السيارة ذاتية القيادة؟ يفترض أن قوقل ستحاول اقناع الناس بهذه السيارات من ناحيتين: تخفيف استهلاك الوقود لأن نظام السيارة يتحكم به الكمبيوتر وليس دعسة بنزين، و السلامة وتخفيف الحوادث لأنها ستكون قادرة على التنبؤ بالإصدامات وتجنبها.
والسيارات الكهربائية حتى تنجح يفترض أن تكون أوفر في استهلاك الطاقة من البنزين، لكن لاتزال كفائتها ضعيفة قياساً بالسيارات العادية لاسيما من ناحية السرعة و كفاءة استخدام الطاقة و القيادة في الظروف الجوية والطرقية الصعبة.
الروبوت
كنت أود لو أن لاري بايج تحدث أكثر عن نوايا قوقل من قطاع الروبوت الذي بدأت تعطيه الإهتمام الأكبر من خلال الإستحواذ على شركات متخصصة بهذا المجال وهو بالطبع مشروع بعيد المدى تعمل عليه قوقل.
أكثر ما نعرفه عن الروبوت اليوم هو استخدامه في الصناعة بدلاً من العمال، وهناك مشاريع طموحة من وزارة الدفاع الأمريكية لإستخدام الروبوت في القتال والمعارك وحتى عمليات الإخلاء. لا أتوقع أن قوقل يهمها هذا المجال بل يهمها أكثر استخدام الروبوت في خدمة الإنسان.
حتى لو كان كلامي شيء من الخيال العلمي، لكن ما الذي يمنع أن يصبح اعتمادنا على الروبوت بشكل كبير؟ مثلاً يكون لديك روبوت في المنزل يقوم بالتنظيف وحتى الطبخ !. نعم كلام مجنون و قوقل تريد أن تفكر بجنون لأن هذا ما يقتضيه الإبداع.
وإن كانت فكرة السيارة ذاتية القيادة ترعبك، انتظر لتسمع فكرة الروبوت السائق. مع أن السيارة ذاتية القيادة يقودها كمبيوتر وهو روبوت بشكل أو بآخر، لكن ماذا لو عملت قوقل مرحلة وسيطة من النقلة النوعية هذه وصنعت روبوت سائق، تبرمجه على الوجهة التي تريد الذهاب إليها ثم ينطلق بك. الجميل هنا لو أصبحت الفكرة عامة الإستخدام حينها سيتمكن كل الروبوت السائقين على الطريق من التفاهم مع بعضهم والتفكير والتخطيط جميعاً. نحن الآن البشر نقوم بالكثير من الحوادث فقط لعدم توافق وجهات النظر ورد الفعل السريع والصحيح على الطريق. الروبوت أسرع مننا بالتفكير والمحاكمة والمعالجة و اتخاذ القرار.
أخى محمد حبش , أنت أحيانا” تحبطنى !!! بسبب مستواك الرفيع في كتابة المقالات, في بعض الأوقات أفكر في كتابة مقال ما على سبيل التجربة فتقول لى نفسى :”لا تجرب ذلك فأنت لن تصل أبدا” الى مستوى محمد حبش أو رءوف شبايك, حفظكم الله.
جرب فأنت ستصل حتماً .. شكراً لكلماتك الراقية واطرائك الجميل عزيزي
شكرا لك على الموضوع والطرح المميز..
دمت..واللحظة الأجمل في حياتك..لم تأتي بعد
كالعادة مبدع ياحبش .. مقالة رائعة <3
SUDAN
ردك اللبق وطريقة تفكيرك والتعبير عن أفكارك حتما مؤشر على أنك تستطيع النجاح عند الكتابة في أمور تحبها، ولكن عليك فقط المحاولة ومعرفة نقاط القوة في أسلوبك ومعلوماتك وكذلك أن تهتم بردود القراء ومحاولة كسبهم والتواصل معهم، لأن الزائر يحس بأن عليه قراءة الموضوع جيدا ثم التفاعل بالرد عليه عندما يجد أن كاتب الموضوع يخصص وقت لقراءة آراء الزوار والاجابة عليها ;)
قد تنشئ موقعا متخصصا في مجال ما، ومع الزمن والتجربة ستجد حقا ما يستهويك في الكتابة وتنشئ موقعا جديدا وفي الغالب سيكون مختلفا عن محتوى موقعك الذي بدأت به وهذا عن تجربة ^^”
مع خالص تحياتي: حاجي علي
شكرا أستاذ محمد حبش
أشكرك.
تسلم أخي ^_^ اتمنى لك كل التوفيق
قوقل تريد ان تفكر بجنون. خخخخ
أنا في بعض الأوقات ( طبعا أخاطب نفسي ) أقول : الذكاء حالة خاصة من الجنون
الذكاء و العبقرية شي واحد في هذا المقصود
صراحة أبدعت في هذا المقال الجميل والشامل، حول مستقبل العملاق جوجل
الله ينور مقالة رائعة