هل جرائم الإنترنت قادرة على قتل البشر؟
أعلم أن السؤال شيّق بعض الشيء، خاصة إذا علمنا أن هذا الأسبوع، قام رجل من رومانيا يبلغ من العمر 36 عاماً بقتل ابنه البالغ من العمر أربع سنوات ثم انتحر! كل ذلك بعدما ظهر له هذا البُريْمِج الخبيث المعروف باسم Ransomware – أحد البرمجيات الخبيثة المتخصصة في ابتزاز المُستخدم بصورة واقعية- الذي طالبه بدفع غرامة ضخمة أو أن يُزجَّ به في السجن لمدة 11 عاماً. هذا مجرّد حادث، لكن هناك العديد من القصص الأخرى التي يُمكننا القول إن لديها نهاية سيئة مُماثِلة.
تعرّض كمبيوتر الرجل الروماني لتلك البرمجيات الخبيثة بعد زيارة بعض المواقع الإباحية. وورد في الرسالة التي ظهرت له أنه إمَّا يدفع مبلغاً كبيراً من المال أو أن يدخل السجن. ظنَّ الرجل أن هذا التحذير جاء بالفعل من قِبَلِ الشرطة وأنها تقوم بابتزازه.
وكتب رسالة انتحار لزوجته، أوضح فيها أنه لا يريد الذهاب إلى السجن ولا يريد أن يترك الديون لابنه. وقرر أن يشنق نفسه وابنه الصغير في غرفة المعيشة.
لديكم هذا الشعور؟ إنها واحدة من قصص جرائم الإنترنت الأكثر صدمة بالنسبة لي إلى الآن، لكن هناك آخرين يُمكننا القول إنها انتهت بطريقة مُماثلة.
على سبيل المثال، في عام 2011، سمعنا عن قصة ذاك المحامي النيوزيلندي الذي تم خداعه من قِبَلِ مُحتالين نيجيريين، حيث وعدوه بصفقة سيحصل من خلالها على عشرات الملايين من الدولارات، لكن عليه أولاً أن يدفع جميع أنواع الرسوم اللازمة لتغطية هذه الصفقة، و”الناصح!” دفع لهم ما يقرُب من مليون دولار.
انتهى الأمر به أن اقترض 500 ألف دولار من أحد البنوك، وسحب 300 ألف آخرين من حسابات عملاءه الذين ظنوا أنه محل ثقة.
تخيَّلُوا، كيف يكون هذا الشعور بعدما عَلِمَ أنه أعطى كل هذا المال لمجرد محتالين، ولا توجد طريقة لاستعادة مرة أخرى. لقد فكّر بالانتحار هو الآخر. لكن هناك العديد من حالات الانتحار الفردية لدى الغرب، بما في ذلك المديرين التنفيذيين للشركات الكبرى؛ بسبب الأزمات المالية أو لأنه يتم التحقيق معهم من قِبَلِ السُّلُطات.
قصة أخرى حدثت مؤخَّراً، ومن المؤسف أنها في اليابان – حتى اليابان!- حينما ألقت الشرطة اليابانية القبض على ثلاثة أشخاص تم اتهامهم بإرسال تهديدات بالقتل عبر رسائل البريد الإلكتروني والرسائل الخاصة بالمنتديات. ومع ذلك، اكتشف المحققون أن المتهمين يستخدمون البرمجيات الخبيثة لتقوم بتلك التهديدات نيابة عنهم!
سيناريو آخر، عندما داهمت الشركة أحد الأفراد الذي اعتقدوا أنه يخطط لزرع قنبلة على متن طائرة. لكن كل ما قام المشتبه به هو زرع قطعة من البرمجيات الخبيثة على جهازه؛ ليصبح فجأة خطراً على الأمن القومي.
حينها، علمت الشرطة اليابانية أنه لا يزال لديها الكثير لتتعلمه حول الطريقة التي يجب أن تتعامل بها مع جرائم الإنترنت، ووجوب اختلاف طريقة مُداهمة المقرصنين والمُحتالين على شبكة الإنترنت عن كونهم ذاهبون للقبض على شخص لديه متفجرات بمنزله.
وكما هو واضح، معظم مجرمي الإنترنت لا يفكرون في عواقب ما يخترعونه من قصص للاحتيال على الآخرين. وهذا يعني أننا بحاجة إلى القيام بعمل توعية أفضل حول تهديدات الإنترنت؛ ليعلم الجميع أن تلك الرسائل التي تأتيهم من الشرطة أو رئيس أحد البنوك النيجيرية ليست حقيقية.
في عالمنا العربي، نحمد الله أن المحتالين لم يصلوا بعد لتلك البراعة الغربيَّة في الاحتيال. ربما تصلنا تلك الرسائل التي تحتوي على شخص ما يرغب أن يُرسل لنا ملايين الأموال! لكن كم منكم تلقَّى رسالة فيها ابتزاز أو تهديد بالقتل باللغة العربية تحتوي على اسمه ومكانه وبياناته الشخصية؟! لا أظن ذلك أن تلك الأمور انتشرت بيننا، ومع ذلك، لابد أن يوجد دوماً تلك الفئة التي تُصدّق هذا العبث!
ما الذي يسعنا فعله حيال جرائم الإنترنت للوقاية منها؟
يقول توم بيل – الباحث الأمني- “إن العامل البشري هو دائماً الحلقة الأضعف في هذه السلسلة.” لقد ذكر الحقيقة، لكن البعض قد يصل به الأمر إلى أن يُعاني من “فوبيا” الخوف من الاختراق، فيظن أن كل من يرسل إليه شيء هو مخترق يجب عدم الانصياع إلى كلماته. لذا، ومن موازنة الأمور، لدينا عشر نصائح وتحذيرات من أجل الوقاية من جرائم الإنترنت.
مجرمو الإنترنت قادرين ببساطة أن يحصلوا بطريقةٍ أو بأخرى على اسم المستخدم الخاص بك عبر قوقل، وربطه وتجربته مع أي شيء اجتماعي آخر، لذلك فإن التنوُّع في تحديد اسم مستخدم مختلف على الإنترنت، يجعل العثور عليكم واختراقكم أصعب بكثير مما هو متوقع لمن يستخدم اسم مستخدم واحد فقط على كل المواقع.
كلمة سر البريد الإلكتروني هي مفتاح لجميع حساباتك. إذا كنت تستخدم كلمة موحدة أو حتى مختلفة على معظم الشبكات الاجتماعية، إيَّاك ثم إيَّاك ثم إيَّاك أن تستخدم كلمة سر البريد الإلكتروني لأي منها. اجعلها من صفوة الصفوة!
يحتوي الفيس بوك على كنز من بياناتكم الخاصة التي تفيد المقرصنين، بما في ذلك أسماء أفراد الأسرة وعناوين البريد الإلكتروني وتفاصيل أخرى. لذلك انتقاء الأصدقاء على الفيس بوك أمر لابُد من التأني والتريّث فيه.
الهجمات الأكثر فعالية هي التي تحمل بين طيّاتها البكاء طلباً للمُساعدة من الأصدقاء- مثل رسائل البريد الإلكتروني الذي تذكر أن شخصاً في الخارج بحاجة إلى المال عبر التحويل المصرفي. ببساطة، معلوماتك وبياناتك هي الهدف الأول، ثم يليها المال بالتأكيد!
غالباً ما يقوم مجرمو الإنترنت باستخدام الروابط على الفيس بوك لخداع المستخدمين، بحيث يتم النقر عليها، ومن ثمّ يتعرض جهازكم – أو حساباتكم- لخطر حقيقي. وعليه، يستخدمون ما يفضله العامة من المقاطع المضحكة – أو ما شابه!-. فكروا قبل النقر على الرابط، هل ذلك الشخص أعرفه جيداً؟ إذا كانت الإجابة نصف معرفة، فأنصحكم بعدم الضغط.
مع استخدامنا لأجهزة الكمبيوتر الدفترية والمحمولة، نعتمد كثيراً على شبكات الاتصال اللاسلكي، التي من الصعب معرفة ما إذا كانت حقيقية أم أن من يملكها هم أشخاص يستهدفون سرقة بياناتكم. إذا كانت لديكم رغبة في استخدام الاتصال اللاسلكي في الأماكن العامة؛ استخدموا العلامات التجارية المعروفة. وبالمُناسبة، ربما يقوم الكمبيوتر الدفتري بتنبيهك أن عن وجود خروقات أمنية عند استخدام تلك الشبكة المشبوهة، أمَّا الجهاز المحمول، فلا!
يوصيكم خبراء الأمن بعمل هذا الاختبار، اسأل نفسك، إذا كنت تتحدث إلى شخصٍ ما على الإنترنت لا تعرفه، هل هذا الكم من المعلومات التي تخبره بها بإمكانك ذكرها لشخص لا تعرفه لكن على أرض الواقع؟ على الأقل، ما نراهم على أرض الواقع ربما نعرف أشكالهم ومع من نتحدث، أمَّا على الإنترنت، فحدِّث ولا حرج عمن يزعمون، أظن الأمر واضح!
من البديهي أن برنامج مكافحة الفيروسات ليس معصوماً، لكنه يساعدكم على الأقل في التعامُل مع المشاكل المعروفة. وعلى الرغم من أن هناك من يقع ضحية الهجمات الجديدة، إلا أنه سيكون فريسة أسهل بكثير ممن لديه مكافح الفيروسات.
يمكنكم جعل كلمة المرور الخاصة بكم مكونة من حرف-رقم-حرف-رقم – هذا مجرد مثال- أو مُولّد كلمات السر عشوائية، ومن ثمَّ قوموا بحفظ هذه الكلمة عن ظهر قلب.
سواء كنت مستخدم ويندوز أو ماك أو حتى لينكس، ربما تكون رسائل تحميل التحديثات بصورة يدوية مزعجة في بعض الأوقات. لذلك قم بتفعيل خاصية التحديث التلقائي لكل برامجك وتطبيقاتك، خاصة المتصفحات، وإلا، تحمَّل عواقب الأمور…!
سؤالي الأخير: ما الذي تتوقعونه بشكل عام حول مستقبل جرائم الإنترنت خاصة في العام الجاري؟ أتشوّق لمعرفة آرائكم في التعليقات. بالتوفيق.
نشكرك على مقالتك المفيدة
ونتمنى منكم المزيد والمزيد