مقالات

لماذا يعد حظر الفيس بوك في مكاتب العمل قرارا حكيما ؟

facebook-at-work
كيف لي أن أقبل بهذا السلوك ؟ ألا يستحق هذا الموظف إنذارا قاسيا يعيده إلى رشده ؟

في وقت تتوجه فيه الشركات و المؤسسات التي يعمل بها الموظفين في مكاتب مزودة بكافة الأدوات اللازمة و منها الكمبيوتر و اتصال الإنترنت ، يبدوا لي أن الملايين من الموظفين يقضون وقتا مهما على الشبكة الإجتماعية الأكبر في العالم و أقصد الفيسبوك.

و فيما سمعنا منذ شهور عن نقاش حاد يدور في كواليس إدارات الكثير من الشركات و المؤسسات للتوجه نحو منع و حظر الولوج إلى الفيسبوك من مكاتبها بدأ الخوف يترسم على ملامح الملايين من عشاق الشبكة الزرقاء العاملين في مكاتب العمل لمدة 8 ساعات أو أقل.

من المعروف أن هذا يحدث في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج كبقية دول العالم ، يدخل المدير على الموظف بغتة ليجده يتفاعل على الفيسبوك و يتكرر السيناريوا مع أغلبية الموظفين في العالم ، حتى و إن لم تكن مديرا فستجد أحدهم منكبا على التفاعل و تنتظر لبعض الوقت حتى ينتهي قبل أن يلبي طلبك أو يقدم لك الخدمة … هذا يحدث كثيرا في البنوك و هيئات القروض و مراكز دفع فواتير الماء و الكهرباء ، فقط تحتاج إلى نظرة على عين الموظف المدمن لترى أنه يتصفح الفيسبوك في انتظار شيء ما !

و اليوم صادفت العديد من المقالات في المجلات العالمية المتخصصة و التي ركزت مؤخرا اهتمامها بالسؤال الذي بدأ يردده الكثيرين من رجال الأعمال ألا و هو : هل يجب أن يكون الفيسبوك محظورا في مكاتب العمل ؟

أغلب المقالات التي قرأتها كانت عكس ما كنت أتوقعه ، كل كتابها و الداعمين لها يرددون شعارا واحدا “حظر الفيسبوك في مكاتب العمل غباء و خطأ فظيع” ، و الأدلة التي يواجهون بها رجال الأعمال متعددة قد تكون مقنعة بالنسبة لك و منها أن الموظفين الشباب إعتادوا على الفيسبوك في حياتهم و من المحبط بالنسبة لهم أن يتم منعهم من الولوج إليه خلال 8 ساعات من العمل أو حتى نصف اليوم كله ، كما أن ذلك سيعتبره الموظفين إنعدام الثقة بهم و هو ما سيضر بالإنتاج و الجودة ، دون أن نتجاهل حسب هؤلاء الكتاب الذين أحترمهم نفسية الموظفين التي ستتعقد في العمل ، و الحق الطبيعي لكل موظف في العالم لأخد مدة راحة في العمل للولوج إلى الفيسبوك حيث يقولون “بما أن المدخنين من الموظفين يسمح لهم بالتوقف عن العمل لمدة قصيرة للتدخين ، فإن السماح للجميع بالولوج إلى الفيسبوك في الوقت الذين يشعرون بالحاجة إليه حق واجب و طبيعي”

كلام عاطفي غير مبني على الحجج العقلية و المنطقية هذا ما يروج له السادة اليوم بكل إمكانياتهم الإعلامية التي يملكونها لهذا وجب الإعتراف أنهم أغلبية قوية … لكن هذا لا يعني أني متوافق معهم على هذا الأمر و ببساطة أنا عكس التيار و واثق أني ما أملكه من حجج و أدلة سيبرهن أنهم على خطإ يحكمه التعاطف و الإستخفاف بالعمل.

في أي مكان بالعالم كله … العمل مقدس و له قوانين و شروط لا بد من التقيد بها كي تتحقق الأهذاف و نستمتع بالنجاح و بسجلات الإنجازات ، فلماذا لا نضيف إليها حظر الفيسبوك ؟ ما الذي سيخسره رجال الأعمال و مدراء المؤسسات إذا فعلوا ذلك ؟ سواء بتنبيه شفوي أو مكتوب للعاملين لديهم أو ربما مراقبة المواقع التي يتم زيارتها في شبكة العمل للتعرف على أجهزة الحاسوب التي يتم من خلالها زيارة الفيسبوك ، و بالتالي القيام بالإجراءات اللازمة مع مخترقي قانون العمل الجديد ، عبر توعيتهم و مساءلتهم و ربما معاقبتهم في حالة تغلب الإدمان على نفسياتهم ، و قد يكون حظر الولوج إليه برمجيا أفضل حل على الإطلاق.

السؤال الذي أراه على وجوهكم مرسوما و مبلورا هو : لماذا أعتبر أن حظر الفيسبوك في العمل قرارا حكيما ؟

حسنا ، ما الذي يجعلنا نعمل في الأصل ؟ أليس لربح المال من أجل تلبية متطلبات الحياة و العيش الكريم ؟ فلماذا لا نحترم إذن ما نقوم به بناء على قيم إنسانية و قانونية تحكمنا ؟ و كي أكون صارما بعض الشيء معكم أوجه لكم أسئلة أخرى معروف إجابتها … هل تتوقع أن يقبل مدرائك عملا غير محترف منك ؟ هل يدفعون لك من أجل قضاء الوقت على الفيسبوك ؟ و لا في الأحلام … من يعتقد أن المدراء و العملاء سيقبلون خدمات و منتجات متدنية في جودتها فهو خاطئ … و من يرى أن أصحاب المؤسسات و المشاريع يدفعون له من أجل قضاء الوقت على الشبكة الإجتماعية التي لا تفعل ذلك بالكاد فهو ربما أحمق و مستهثر بالعمل و عليه إعادة نظر شاملة في سلوكه.

الحقيقة أن تصفح الفيسبوك يتم بعد كل عدة دقائق من العمل و يأخد حيزا مهما من المدة الزمنية التي يستغرقها الموظفين في مكاتبهم، و هو ما يؤثر على الإنتاج و جودته و على سلوكيات الأفراد العاملين ، فالإنتاج لن يكون حثما بمستوى متكافئ مع إنتاج موظف أخر يتابع تنفيذ المهمات بإثقان و باستمرار و دون أن يقاطعها بالمحادثات على الفيسبوك و التفاعلات مع المنشورات ، الأمر أيضا يؤثر بشكل سلبي على جودة المنتجات المقدمة و على جودة التعاملات مع العملاء و الزبائن.

و بما أن الشركات الناجحة تمنع في العادة الإتصال بالأهل أثناء العمل ، من أجل إبعادهم عن المشاكل و الأحداث التي قد تحدت أثناء ذلك لدى أسرهم كي لا تؤثر على تركيزهم و نفسيتهم فيصبح أداءهم طيلة الوقت المتبقي من مدة العمل سيئا ، فإن الفيسبوك نفسه ليس إلا أداة تواصلية تتيح للأهل إرسال رسائل تنقل الجو الأسري الذي يكون بعض الأحيان مقلقا للموظفين و هو ما يجعلهم في مكاتبهم حاضرين جسديا بينما الذهن غير حاضر أبدا.

إذن لا مكان للفيسبوك في العمل عبارة أرددها و بصوت يعبر عن ثقتي بأنه الخيار الأنسب، لكن أستثني من ذلك العاملين على تسويق منتجات الشركات باستخدامه و التواصل مع العملاء و جذب المزيد من المتابعين وفق مراقبة أداءهم في القيام بذلك ، عكس البقية الأخرى التي يكون عملها محصورا على مهام أخرى و ليس بطبيعة الحال على تلك الشبكة و لهذا فمن الواجب منعهم من الولوج إليها.

النتيجة التي أتوقعها في بداية تطبيق هذا القانون الذي رسمته لكم في الأسطر السابقة ، معارضة شديدة من الموظفين لكن بالحوار و السياسة و بالحزم أيضا سيتأقلم الجميع معه بشكل رائع ، حينها عليكم أن تتأكدوا أن الإنتاج و الجودة سيواصلان الإرتفاع مجددا بشكل مذهل و سنرى شركات كثيرة تنجح بسبب هذا .

لكن قد يقول البعض أن المدافع عن هذا القانون و داعميه من رجال الأعمال ، يتصفون بالإستبداد و حب الذات و استعباد الأخر … أرد عليهم بعبارة واضحة “بعض الأحيان تستلزم منا الحكمة أن نضع قرارات قاسية نتيجتها أرباحا طائلة و نجاحات متواصلة “ و اليوم أمام الشركات و المؤسسات العربية و العالمية خيارين إما حظر الفيسبوك في أماكن العمل و تحقيق النجاحات ، و إما الإبقاء على الحرية في ذلك و الدخول في نفق مظلم من الإخفاقات التي لا تنتهي …

من مقالات الكاتب “أمناي أفشكو”

كيف نستغل قوة الشبكات الإجتماعية لإنجاح الشركات و مشاريع الويب و تحقيق الأهذاف المختلفة ؟

ما مصير Surface 2 و Surface Pro 2 ؟ النجاح أم الإخفاق مجددا

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. معلومات غير دقيقة! اعتقد ان اغلبها مجرد نظرة شخصية بحسب خبرتك ونظرتك للأمر الا انه يوجد دراسات ثبتت ان منع دخول فيس بوك لا يقدم ولا يأخر شيء بل العكس ان اعطاءهم المزيد من الحرية والسماح لهم باستخدام فيس بوك وجميع الشبكات الاجتماعية الاخرى منها تويتر ويوتيوب وغيره يزيد من انتاجية الموظف وللاسف لا تحضرني هذه الدراسات ولكن ما طرحته انت افترض انه مبني على دراسات واحصائيات او مراجع لم تشير إليها! استغرب الجملة التالية “وبما أن الشركات الناجحة تمنع في العادة الإتصال بالأهل أثناء العمل”؟ اتمنى ان تذكر المصدر لهذا الكلام

  2. في أغلب الشركات تكون مدة العمل طويلة أنا مثلا عملي لغاية 12 ساعة !!

    هل تتوقع للموظف أن يوقف حياته الأجتماعية لمدة 12 ساعة !!
    بالمجمل يستطيع الموظف السيطرة على موضوع تصفح الفيسبوك

    مثلا تقريبا أنا كل ساعة أتصفح لمدة خمس دقائق
    الحرامان الكامل يسبب لدي كره للعمل و ملل شديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى