مقالات

الرابحون والخاسرون من معركة آبل – سامسونج

Apple-Samsung

يقول المثل الشعبي ” عندما تتصارع الفيلة يخسر العشب” وعند أي معركة لابد أن يكون هناك عدد من الخاسرين، وبنفس الوقت هناك جهات تنظر لما يحدث كفرصة للإستفادة منها. فمن استفاد ومن خسر من معارك آبل و سامسونج القضائية الطويلة؟

الرابحون

مالكي براءات الإختراع

ولأن الحرب تدور حول براءات الإختراع فبالتأكيد اصبح اليوم ملاك تلك البراءات من أكبر الرابحين، فلو كنت تملك براءة اختراع تتعلق بالهواتف الذكية فإن قيمتها ستكون اصبحت أضعاف مما كانت عليه قبل معركة آبل – سامسونج.

كما نعلم أن آبل فازت بحكم يقضي أن تدفع لها سامسونج 1.05 مليار دولار كتعويض لإنتهاك ستة براءات اختراع فقط، وبقسمة بسيطة يكون نصيب كل واحدة حوالي 175 مليون دولار، وبالرغم انه ليست كل براءة تستحق هذا المبلغ، إلا أن اصحاب مجموعات براءات الإختراع يمكنهم اليوم رفع اسعار ما يملكوه إن أرادو بيعه لشركات اخرى لتستفيد منها.

ولأن هذه البراءات اصبحت سلاح قوي للحرب القضائية، قامت الشركات بالتسابق لحجز براءات بتقنيات ومزايا تصل أحياناً حد السخافة، مثل ميزة تكبير الصور عن طريق فرد اصبعين مبتعدين عن بعضهما !. هذه الميزة محمية ببراءة اختراع ولا يمكنك أن تضعها في جهازك لأنك تنتهك تلك البراءة أو عليك شراء حق استخدامها وستدفع رسم مالي عن كل جهاز تبيعه !!. لاحظ أن التفاصيل الصغيرة جداً اليوم قد تؤدي لدفع مبالغ طائلة على الشركات.

آبل

بالطبع آبل من الرابحين، إضافة للمبلغ الذي ستتقاضاه وهو لا يشكل شيء أمام قيمة الشركة إلا أنه وسيلة للحصول على حصة من أرباح كل الشركات التي تستخدم براءات اختراع تملكها، و تجدر الإشارة إلى أن آبل كانت قد طلبت من الحكمة ضعف المبلغ الذي اقرته كتعويض عن الأضرار التي تسببت بها سامسونج.

وتستمر آبل بتطبيق استراتيجية أسسها ستيف جوبز حيث قام بحماية كل التفاصيل الممكنة حول هاتف الآيفون ببراءات اختراع، ولأن هذه الشركة هي قائدة في السوق فالمقلدين كثر، لذا يمكنها أن تطلب أي شركة إلى المحكمة لأنها حكماً تستخدم على الأقل بضعة براءات اختراع مملوكة لها.

مايكروسوفت

بالرغم من أنها لن تحصل على أية اموال من طرفي النزاع، إلا أن مايكروسوفت تنتظر هكذا فرصة لتعمل على نموها و تقدمها أكثر، للشركة تاريخ بإستغلال هذه الفرص ولأن هذه الحرب القضائية ستطول فإن مايكروسوفت ستقدم نفسها على أنها تملك نظام التشغيل البديل الآمن لنظام iOS، وهو ربما ما قد ينجح في اقناع بعض الشركات لتبنيه طالما أنها لا تصنع هواتف ذكية تحت علامتها التجارية حتى الآن.

ويحق لمايكروسوفت أن تضرب في ظهر آبل اليوم طالما أن الأخيرة كانت قد قاضت مايكروسوفت كثيراً بخصوص نظام تشغيل الحواسب الشخصية على أنه ينسخ مظهر و إحساس انظمة تشغيل آبل، والمثير أن مايكروسوفت ربحت كل القضايا التي رفعت ضدها.

ماذا قد تفعل مايكروسوفت؟ ربما تتجه إلى سامسونج و HTC لتخبرهم بأن نظام تشغيلها سيحميكم من معارك قضائية قد ترفعها آبل لاحقاً ضدكم بحكم انكم تستخدمون الأندرويد وهو أكبر منافس لـ iOS بقيادة آبل.

نوكيا

بعد أن قررت نوكيا وحسمت امرها للتحالف مع مايكروسوفت بدلاً مع قوقل لتطبق الأندرويد في هواتفها، اعتبر البعض انها خطوة خاطئة. لكن وبالنظر اليوم إلى أن الأندرويد يواجه أكبر معاركه مع آبل، هذا ما يبرر لنوكيا قرارها الاستراتيجي وحتى يعد انه قرار ذكي.

ولو فازت آبل واستطاعت سحب منتجات سامسونج من السوق الأمريكية هذا يعني على المستهلكين أن ينظروا إلى البديل الآخر وهنا ستكون نوكيا حاضرة. قارنت نوكيا بين الأندرويد و احتمال المخاطر الأكبر فيه لأنه يهدد آبل وبالتالي قررت الدخول مع مايكروسوفت و ويندوز فون إلى مساحة أكثر أماناً تستفيد منها من خسارة الطرفين سواء iOS أو الأندرويد، وهذه نقطة ذكية لا شك.

سامسونج

قد يبدو غريباً أن اضع سامسونج ضمن الرابحين من حربها كما وضعت آبل أيضاً وبالرغم من أنها – سامسونج – دفعت أكثر من مليار دولار غرامة إلا أن هذا المبلغ لا يشكل شيء أمام ثروة الشركة، ويأتي شكل ربح سامسونج من هذه المعركة من عدة وجوه أولاً الدعاية الكبيرة التي تحصلها و لفت الأنظار بدون أن تدفع شيء مقابله ما يعني أن اجهزتها اللاحقة ستحظى بإهتمام أكبر من المستهلكين ما يعني زيادة أعلى في مبيعاتها لتصبح أكبر شركة هواتف ذكية من حيث المبيعات، ولا تكتفي سامسونج هنا فقط حيث انها تتمادى بالسخرية على المنافسين سواء كانوا كباراً مثل آبل نفسها أو صغاراً مثل RIM، طالما أن انظار العالم موجهة إليك فلم لا تحقق بعض المكاسب؟

الخاسرون

قوقل

من يظن أن حرب آبل مع سامسونج موجهة ضد شركة فقط فهو مخطئ، آبل تسعى من حربها هذه لتوقف زحف الأندرويد الذي تديره قوقل، وهو ما يهدد أن يبقى الأندرويد النظام الأكثر إنتشاراً في العالم بحسب عدد الأجهزة المباعة.

وهنا يتوجب على قوقل أن تعير اهتماماً أكبر اثناء تطويرها لنظام الأندرويد وإطلاق نسخ أحدث منه أن لا يقترب بشكل أو بآخر من أي شيء موجود في نظام iOS حتى ولو بشكل غير مباشر لأنه بالتأكيد سيؤدي بآبل أن ترفع دعوى ضد النظام بكامله لتهدد شركات اخرى. بالتالي على قوقل أن تعمل جهدها أثناء تطوير الأندرويد بإبتكار مزايا جديدة فريدة له لا يقتبس من روح iOS شيئاً.

ولأنه من غير المؤكد ما ستكون نتيجة حرب بين آبل و قوقل لأن الشركتين امريكيتين يتحاكمان في ضوء القانون الأمريكي، لذا تعمل آبل من منطق الأفضل لها أن تحارب الأندرويد عبر سامسونج لأنها بالنهاية شركة كورية تتحاكم أمام القضاء الأمريكي وهي ما تبرع فيه آبل.

كل داعمي الأندرويد

ولأن الحرب ضد الأندرويد وليس فقط سامسونج، ما يعني أن كل الشركات المصنعة لأجهزة تعمل على الأندرويد عليها أن تقلق اليوم من مستقبلها و موقعها في السوق، لأنه بعد نصر آبل المؤكد والنهائي ستقوم بجولات أخرى ضد كل الداعمين لأندرويد مثل HTC و موتورولا وسوني وغيرها.

مصدر قلق هذه الشركات سيكون نتيجة أن آبل يمكن أن تمنع بيع تلك الأجهزة في أسواق كبرى تسيطر عليها، تخيل لو طلبت آبل وقف بيع افضل أجهزة سوني في أمريكا لأنه ببساطة يعمل بنظام الأندرويد الذي نسخ شيء من iOS وحكمت المحكمة له ذلك؟.

الأمر لن يقف هنا فحسب، ستبدأ شركات الإتصالات الخليوية أيضاً بالبحث عن بدائل للأندرويد لأنه مصدر خطر عليها أيضاً وبالتالي ستجد أمامها إما تحالف مايكروسوفت – نوكيا أو شركة RIM و عودة لأجهزة البلاك بيري.

هذا الكابوس محتمل أن يواجه داعمي الأندرويد ويضاف إلى ذلك منافسة سامسونج الكبيرة لهم، ضربتين على الرأس تؤلم، أليس كذلك؟

سامسونج

سواء كان مبلغاً صغيراً لسامسونج أو كبيراً بشكله المجرد، المليار دولار ليس مبلغ هيّن وكان ممكن استخدامه بشيء ينفع سامسونج أكثر، شراء براءات اختراع مثلاً !. على كل خسارة سامسونج ليست هنا فقط بل أنها امتداد لسعي مستقبلي تستمر فيه آبل لأن تعود إلى صدارة الحصة السوقية في العالم للهواتف الذكية.

وتواجه سامسونج اليوم سمعة سيئة على مستوى العالم حيث يصفها معجبي آبل بأنها الشركة الناسخة دوماً ولا تملك روح الإبداع والإبتكار، ونجحت القضية التي فازت بها آبل من تعزيز هذه الصورة السلبية للشركة وتركز آبل كثيراً لأن تضمن استمرار ظهور سامسونج على أنها أكبر داعم للأندرويد الذي يريد أن يسيطر على آبل، وربما تكون سخرية سامسونج الدائمة من آبل كنوع من ردة الفعل على هذه الصورة التي وصمت بها من قبل آبل.

آبل

بالرغم من حصولها على المليار دولار إلا أن الطريق لازالت طويلة أمام آبل ومرهقة ومكلفة أيضاً فهناك أسواق عديدة يجب أن تعمل على منع منتجات سامسونج العديدة أيضاً فيها. والمشكلة عندما تخسر بعض قضاياها فتضطر للإعتذار علناً و وضع إعلانات تؤكد ان تهمتها الموجهة ضد سامسونج غير صحيحة كما حصل في المملكة المتحدة.

العالم يحب آبل، هذه هي الصورة التي عمل جاهداً ستيف جوبز على أن يربطها بالشركة على الدوام، لكن اليوم لا احد يحب أن يتعلق بشركة متورطة بعدد كبير من القضايا القانونية والقاء التهم يمنة ويسرة.

الشركات الناشئة

مع كل هذا العراك العالمي حول براءات الاختراع وارتفاع تكاليفها، أصبح الطريق أمام الشركات الناشئة اليوم أكثر صعوبة من قبل لأن عليها امتلاك تلك البراءات أو حق ترخيص استخدامها لأنها تعد أساسية في منتجاتها، أو عليها بناء براءاتها الخاصة وهذا يتطلب المزيد من الوقت والمال والجهد ثم ترخيصها لحسابها للعمل وفقها.

ومع بدء الشركات العملاقة في المجال التقني بالاستحواذ على كل البراءات التي تغطي كل التفاصيل، اصبحت الشركات الناشئة تجد نفسها عالقة في هذا المأزق الذي لم ترغبه، فهي تملك الفكرة والمنتج لكن لا تملك اهم شيء وهو الاختراع الذي يعمل فيه.

ولأن الشركات الكبرى تملك أموالاً أكثر وخبرة قضائية اكبر فيمكنها بسهولة تحمل الغرامات أو الدخول في معارك قضائية للفوز ببراءة اختراع محور خلاف، وهذا ما لا يمكن للشركات الناشئة والصغيرة أن تفعله.

المستهلكين

عندما تنتقل جهود الشركات للتركيز على الحروب القضائية والثغرات القانونية بدلاً من إبتكار منتجات وخدمات جديدة، حينها يكون الخاسر الأكيد هو المستهلك. لأنه سيدفع كلفة تلك المعارك بالرغم من انه لا يريدها، وسترتفع اسعار الأجهزة لأنها مطالبة بعلاوة تدفعها الشركة المصنعة إلى صاحبة براءة الاختراع، وهذا ما لايريده المستهلك أيضاً.

ونتيجة لكل هذه الأسباب تصبح عملية إبتكار الشركات أكثر حذراً من قبل لتضمن أن لا تقدم على أية خطوة قد تنتهك براءة محمية وبالتالي تدخل في دوامة جديدة من الحروب والمحاكم.

والنتيجة ستكون تباطئ في وتيرة تطور المنتجات والتقنية للحذر المصحوب، بالإضافة لدفع تكاليف و أسعار اعلى.

الخلاصة

كما تابعنا فإنه في مثل هذه الحالات لا يوجد رابح أو خاسر مطلق، حيث أن إدخال القضاء لحل النزاعات في القطاع التقنية ينتهي بتوقف عملية إبتكار الشركات، وكما تربح شركة ما بمجال معين فإنها تضحي وتخسر مجال آخر, وقد يكون النصر بمعركة ما مفرحاً لكنه مؤقت لننتظر نتيجة الحرب الكلية.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. اخ محمد انت فيك شي عرفنا انك ابل فانز بس انت ماتكتب بموقع تقني انقل الاخبار بشي من الصحه سامسونق ما دفعت ولا فلس للحين وتم تقليص وتخفيف التعويض للنصف تقريبا وتم سحب برائات اختراع كثير من ابل ومن كم يوم تم سحب ميزة التكبير والتصغير عن طريق الاصابع منها والي فيها تم الحكم عل سامسونق بهالمبلغ يعني بينخفض اكثر التعويض هذا اذ لم يتح الغائه اصلا شغل مخك لانه فعلا متهالك

  2. جميل ما كتبته أخي محمد ..لكن أعتقد بأنه غاب عنك و لو قليلاً أن قضية سامسونج و أبل لم تنته بعد .. و أن آخر ما صدر في حق القضية هو اختزال الغرامة إلى النصف تقريباً…

    و لو كانت أبل حصلت على المبلغ فعلاً لما تخبطت أسهمها قبل أشهر قليلة .. و لما قفزت أسهم سامسونج و أيضاً لما غامرت بهكذا حفل لإطلاق جالكسي اس 4 ..

    أشكرك مرة أخرى أخي محمد على سردك للموضوع و تحليلك الجميل..

  3. اغلب الردود هنا شبيهة بردك.. الكاتب ممكن اخطأ في بعض النقاط لكنه من البداية ذكر

    —————————
    يقول المثل الشعبي ” عندما تتصارع الفيلة يخسر العشب” وعند أي معركة لابد أن يكون هناك عدد من الخاسرين، وبنفس الوقت هناك جهات تنظر لما يحدث كفرصة للإستفادة منها. فمن استفاد ومن خسر من معارك آبل و سامسونج القضائية الطويلة؟
    —————————-
    سواء كان المبلغ صحيح او خاطيء او تم قبول براءات الاختراع او سحبها … لا يغير هذا شيئا كبيرا من تحليل الكاتب عن نظرته للخاسر والمستفيد في هذه القضية وان الخاسر الاكبر هو المستهلك بغض النظر عن اذا ما كانت الغرامة قد تقلصت او زادت واذا ما كانت القضية اغلقت او ما زالت مفتوحة ..

    تحليل رائع تشكر عليه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى