هل يطرح الواتس آب نفسه كبديل حقيقي لرسائل الـSMS؟
قد لا نحتاج إلى مقدمة تعطي للقارئ نبذة صغيرة عن برنامج الواتس آب (WhatsApp)، فالأخير مألوف ومعروف لدى الغالبية منا بحكم إستخدامنا شبه الدائم له، بل وبحكم طبعنا وإندفاعنا الكبير كمجتمعات عربية في التعامل مع هذا التطبيق أو التقنية وبرامجها بشكل عام، ولو كلف هذا إهمالنا لبعض الجوانب الأخرى الأكثر أهمية والتي تمس بالدرجة الأولى حياتنا الإجتماعية.
الموضوع بطبيعة الحال لا يقف عند معالجة هذه النقطة، غير أنه من منطلق وجوب معرفة الصورة وأخذنا بحقيقة الإنتشار والإستخدام الواسع لبرنامج الواتس آب الذي يعتبر حاليا من بين أشهر برامج التراسل الفوري (Instant Messaging IM)، والذي يتميز بإمكانية الربط بين الكثير من المنصات وأنظمة التشغيل، ناهيك في ذلك عن أن تكلفة المراسلات فيه والتي لا تقتصر على الدردشة النصية العادية فقط تعد أرخص بكثير، الأمر الذي أصبح يطرح تساؤلا كبيرا عن مدى قدومه كبديل حقيقي لخدمة الرسائل النصية التقليدية (SMS) فهل يكون كذلك؟
تساؤل لا يمكن تصور الإجابة عنه إلا في حالة الرجوع إلى الأرقام والوقوف عند بعض النقاط التي نستعرضها كالتالي:
إيرادات كبيرة لرسائل الـSMS
الإستغناء عن رسائل الـSMS سيكون في الواقع شيئا سيئا بالنسبة لمشغلي الجوال (Mobile Providers)، خصوصا إذا علمنا أن الإيرادات الصافية من خدمة الرسائل النصية بلغت 128 مليار دولار في عام 2011. إضافة إلى أن هذه الخدمة تبقى حرية استعمالها بيد المستخدم.
من ناحية أخرى، تم استنتاج أن الحجم الإجمالي للـSMS لا يزال في طريقه إلى النمو في جميع أنحاء العالم، غير أن معدل النمو هو الآخر يتباطأ بشكل ملحوظ نسبيا وذلك تزامنا مع زيادة شعبية الـWhatsApp.
الهواتف الذكية توفر البديل
إذا كان الهاتف الذكي بحوزتك فلن تحتاج بعد الآن لصرف المزيد من الأموال على الرسائل النصية. كيف هذا وتطبيق مثل الواتس آب يجلب لك نفس الخدمة وأكثر بشكل مجاني!
بالفعل، ستكون الزيادة في إستخدام الهواتف الذكية مستقبلا أمرا حاسما ومساهما في زيادة حجم التراسل الفوري، ففي عام 2018 مثلا يتوقع أن تشكل إشتراكات الهواتف الذكية نسبة 36 بالمئة من الإشتراك العالمي للمحمول.
الـWhatsApp يحقق رقما قياسيا
في بداية العام الحالي تم إصدار العديد من الأرقام التي تخص الواتس آب، على غرار الإشارة إلى أن 31 ديسمبر 2012 كان يوما تم تحقيق فيه رقم قياسي بتداول حوالي 18 مليار رسالة.
وعلى ضوء هذه المعطيات، يمكننا القول أن الواتس آب بإستطاعته تجاوز هذا الرقم بكثير في ظل زيادة إستخدام الهواتف الذكية، ليكون بالتالي أحد أبرز خدمات التراسل الفوري التي تتحدى الـSMS.
خدمات التراسل الفوري (IM) في مواجهة الـSMS
لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار الزيادة في إستخدام الـWhatsApp أو خدمات التراسل الفوري (IM) الأخرى. بالمقابل تخسر الرسائل النصية القصيرة مكانتها، فعلى سبيل المثال في هولندا سجل بالفعل تراجع كبير لإستخدام الـSMS.
زيادة على هذا، يأتي الواتس آب مع إمكانية تشغيله على الهواتف الذكية بالمقام الأول على عكس الرسائل النصية القصيرة التي يمكن إرسالها من أي هاتف محمول. ويبقى هذا الأمر تحديا كبيرا إذا أخذنا بعين الإعتبار أن 18 بالمئة فقط من جميع إشتراكات الموبايل هي إشتراكات هواتف ذكية.
مع حلول عام 2018 سيتشكل الفارق
إستنادا على أبحاث السوق والمبيعات، يتوقع بحلول عام 2018 أن يجري إعتماد الهواتف الذكية من قبل شرائح كبرى من المستخدمين وفي أجزاء كثيرة من العالم، ولذلك فإننا لن نحتاج بعدها لإستخدام رسائل الـSMS بنفس الطريقة والصورة التي نحن عليها الآن وخصوصا إذا كان كل من الأصدقاء وأفراد العائلة يمتلكون هاتفا ذكيا.
نظرة شخصية
بعد الوقوف على هذه الأرقام، وفي ظل ما هو مشاهد حول الإستخدام الكبير لتطبيق الواتس آب، وإعتماد البعض عليه كمنصة تواصل وتراسل أولى أنستهم ضرورة الإلتفات ولو للحظة لعالمهم الواقعي، فإن آخر ما يمكن الخروج به هو قولنا بالذهاب نحو فرضية أن يحل الواتس آب محل الرسائل النصية التقليدية وإن كان بالصورة النسبية نتيجة لعدم الوصول لحالة التشغيل والإستخدام التام للهواتف الذكية، إضافة إلى وجود خدمات تراسل فوري من شركات أخرى مثل الفيسبوك وجوجل تطرح نفسها كمنافس حقيقي، ونتيجة أيضا إلى الصورة التي لا تزال تحيط بتطبيق الواتس آب من ناحية الخصوصية بالدرجة الأولى.