الدعم اللوجستي سبب تأخر التجارة الالكترونية في الوطن العربي
نناقش اليوم موضوع في غاية الاهمية، وهو من أساسيات التجارة الالكترونية، وقد غابت هذه الجزئية كثيراً عن هذا القطاع في وطننا العربي وغاب الاهتمام به سواء من القطاع العام (الحكومي) او من القطاع التجاري الاستثماري نفسه، او من قبل قطاع التجارة الالكترونية والمتعاملين بها، ووصولاً إلى القطاع التجاري التقليدي.
إنه الدعم اللوجستي في جزئية منه وهي ما يطلق علية عملياً آليات الشحن و التوصيل أو التسليم.
لقد غاب تطوير هذه الخدمة بشكله الصحيح والتي تخدم قطاع التجارة الالكتروني وكذلك تخدم القطاع التجاري بشكلة العام التقليدي, والمتفحص لهذه الخدمة في منطقة الوطن العربي يجد ضعف كبير جداً قد يكون مردة إلى كثير من العوامل، نستعرض بعضها هنا:-
- قلة (أو إنعدام) الاستثمار في هذه الخدمة من قبل رأس المال المحلي، إلا من بعض الشركات والمحاولات الخجولة، والتي لم يكتب لها النجاح بشكلها العام لاسباب كثيرة لسنا هنا لمناقشتها.
- إنحصار هذه الخدمة على الشركات الكبيرة العالمية التي تطبق سياستها الخاصة دون مراعاة خصوصية سوق الوطن العربي و خصوصية كل بلد ضمن نطاق الشرق الاوسط
- تواضع حجم السوق في الوطن العربي (نسبياً) لدى هذه الشركات العالمية مقارنة بأسواق أخرى، وبالتالي صرف النظر عن تطوير خدماتها في المنطقة العربية
- في النقطة السابقة نجد ان ربط عدم إهتمام القطاع التجاري (تقليدي أو إلكتروني) بالدعم اللوجستي (بجزئيته في آلية الشحن والتوصيل) وعدم متابعة الشركات المقدمة للخدمة، هو من عوامل ضعف تطوير الخدمة من قبل هذه الشركات الكبيرة، أو بمعنى آخر، عدم إهتمام العملاء ومتابعة الشركات لطلب توفير خدمات أفضل بأسعار منافسة
- ضعف البنية التحتية في الوطن العربي ما يخص الخدمات البريدية والتوصيل، بالاضافة لانعدام عناوين واضحة عند التوصيل، وقد نجد في بعض الدول العربية إنعدام تام للعنوان الواضح، و لا نخفي المحاولات الجيدة لبعض الدول العربية في تطبيق عناوين واضحة ولكنها تضل محاولات تحتاج للكثير من التطوير والتطبيق، وهناك بعض الدول التي لديها عناوين ولكن لا يتم تطبيقها في آليات التوصيل إلا لمن رغب.
- إرتفاع التكلفة العامة لهذه الخدمة خاصة عند تطبيقها في التجارة الالكترونية، وقد تصل في كثير من الاحيان ان تكلفة خدمة التوصيل أكبر بكثير من قيمة المنتج المباع، وبالتالي يعزف العميل عن شراء هذا المنتج إلكترونياً لارتفاع الاجمالي المدفوع للمنتج بعد إضافة رسوم التوصيل، رغم ان التكاليف التشغيلية الخاصة بهذه الخدمة في مجملها قليلة سواء لليد العاملة أو لتكاليف الوقود في الوطن العربي مقارنة بأسواق أخرى مثل امريكا أو أوروبا.
- إنعدام المنافسة بين الشركات مقدمة الخدمة سواء محلياً أو إقليمياً، وقد تنحصر في شركة واحده في كثير من الاوقات
لهذه الاسباب ولاخرى كثيرة ضعفت التجارة الالكترونية، و انحصر كثير من مواقع التجارة الالكترونية ضمن حدود مدينة واحدة أو نطاق دولة واحد، وهذا يخالف مفهوم التجارة الالكترونية وهو الوصول للعالمية وتخطي النطاقات الجغرافيه.
وبرغم الجولات الاستثمارية وضخ راس مال بإستمرار لتطوير قطاع التجارة الالكترونية في الوطن العربي ليس فقط ذلك بل إرتفاع حجم التجارة الالكترونية في الوطن العربي بحسب جميع الارقام والدراسات والاحصائيات (سواء الواقعية منها أو المبالغ فيها) ، فإن ذلك لم يُلهِم أحدهم للاستثمار في قطاع خدمات الشحن و التوصيل.
ولقد حاولت بعض المواقع و الشركات لانشاء شركاتها المتخصصة لتقديم هذه الخدمة اللوجستية، وهي خطوة رائعة و جريئة تنم عن الإهتمام والوعي منها بهذه الخدمة (راجع هذا الخبر). ولكنها وقعت في بعض نقاط الضعف التي أرجو ان يقوموا بتخطيها، منها
- إنحصار هذه الخدمه على مدينة واحده فقط.
- إنحصار هذه الخدمة على عملاء موقع إلكتروني واحد (المملوك من الشركة)، رغم إمكانية تقديم هذه الخدمه لاكثر من شركة و موقع ، وبالتالي تغطية رأس المال المستثمر بسرعه، وتكوين نواة جديدة لشركة خدمات لوجستية متخصصة في المنطقة.
- تقوم كل شركة بإنشاء شركتها الخاصة بالدعم اللوجستي، وإنشاء مستودع المنتجات الخاص بها (كلاً على حده) ، وهذا بالتأكيد إستنزاف للموارد المالية والبشريه و التكرار غير العملي.
رائعة تلك التجارب، لكن لم لا تقوم هذه الشركات بالاستثمار المشترك في ما بينها ، وتطوير شركة متخصصة إقليمية والتركيز الاستثماري على هذه الخدمة لتقديمها لقطاع التجارة الالكترونية و التقليدية في المنطقة كلها، وإنشاء مستودع (أو مستودعات) ، وبالتالي التقليل من التكرار، و هدر الجهد والمال المستثمر.
وهنا لا أتوافق مع ما ذكره الخبر حين قال “لذلك من المنطقي أن تركّز شركات التجارة الإلكترونية الكبرى في المنطقة على القيام بعملياتها اللوجستية بنفسها. فمعظمها استفادت من الاستثمارات وخبرات الشركات الكبرى في الخارج، لتقوم الآن في عملياتها اللوجستية بنفسها.”،
حيث من المهم (إعطاء الخُبز لخبازة)، وهنا يكون إهتمام شركة أو موقع التجارة الالكترونية بنموذج التجارة الالكترونية والتركيز عليها، وجعل الاهتمام والتركيز بالدعم اللوجستي ومشاكلة (مدخلاته ومخرجاته) لشركة متخصصة، ولا عيب في الاستثمار في ذلك من قبل شركات التجارة الالكترونية (أو التقليدية) كإستثمار مستقل بذاته يخدم في مخرجاته المتطلبات العامة للسوق والخدمة.
وننوه هنا لتجربة رائدة وناجحة في هكذا نموذج وهي تجربة شركة أمازون العالمية في تقديم مثل هكذا نموذج ولو بجزئياته والاستفادة من قوة وتنافس شركات الشحن والتوصيل في أمريكا ورخص هذه الخدمة هناك
، وقيامها (شركة أمازون) بتقديم خدمة مستودعات ذات تقنية وخدمات عالية للمتعاملين معها من موردين وتجار الموقع وبحيث يمكن لاي تاجر صغير كان أو كبير، فردي الهوية أو شركة تجارية، إستخدام مستودعات أمازون لحفظ منتجاته وقيام أمازون بعد ذلك بشحن هذا المنتج للعميل المشتري له مباشرة من تلك المستودعات،
ويتخيل القارئ هنا كم من الوقت والجهد والمال تم توفيرة بالاضافة لسرعة التوصيل، وثقة العميل المشتري بأن المنتج سليم وخضوعه للفحص من قبل أمازون قبل الارسال، وتكون سياسة أمازون لحماية البائع والمشتري على حد سواء هي المتعامل بها هنا، وبالتالي إرتفاع ثقة التعامل الالكتروني بين جميع الاطراف.
لا نتناسى وجوب إهتمام الحكومات بهذا القطاع الذي يوفر الكثير من فرص العمل والعوائد المادية على جيمع المستويات، و وجوب تطبيق أنظمة العناوين في بلدانهم، و تطبيق السياسات والقوانين اللازمة.
بالنتيجة، فإن إرتفاع تكلفة هذه الخدمة وضعفها وإنعدام المنافسة من أهم أسباب ضعف قطاع التجارة الالكترونية، بل وفشل كثير من هذه المواقع في منطقة الشرق الاوسط.
شهاب الفقيه/ متخصص في التجارة والتسويق الالكتروني
اوافقك الرأي مليون في المائة. أتمنى أن نرى تجربة ناجحة في الوطن العربي في القريب العاجل.
مشكلتنا العرب .. نتكلم اكثر من ان نعمل !!